بعد عملية الدهس في القدس يوم الجمعة 10 فبراير 2023، تحول وزير "الأمن القومي" الفاشي إيتمار بن غفير الى أهم مادة للسخرية السياسية داخل الكيان العنصري وخارجه، بعدما أعلن عن ضرورة القيام بعملية "إرهابية موسعة" في الضفة والقدس بمسماها الشاروني "السور الواقي 2"، تكرارا لما حدث عام 2002، حيث حرب تدمير السلطة الوطنية ومؤسساتها لتنفيذ المؤامرة الأمريكية – الإسرائيلية باغتيال الخالد ياسر عرفات كمقدمة لاغتيال المشروع الوطني الفلسطيني لصالح المشروع التهويدي العام.
السخرية لم تقف عند حدود جهالة المعرفة بآلية اتخاذ قرار بهذا القدر من "المسؤولية"، بل لأنه لا يعلم توابع ما نطق به، وتصرف كـ "طفل سياسي" دون وعي أو حسابات شاملة لخطوة تفتح باب المواجهة الكبرى، والتي لا يمكن حساب نتائجها، ولن تكون وفقا لحسابات الإرهابي الفرح بمنصب حمل مسمى فاق قدراته "العقلية والسلوكية"، فبيدر الواقع القائم في أرض فلسطين لن يكون كما حساب حقل "الأراغوز" الجديد، ما حذر منه مدير المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز.
وانطلاقا من "سطحية التفكير السياسي" أعاد المنفوخ بمنصبه ثانية التهديد، بأنه سيقوم بتنفيذ ما قاله يوم الجمعة، مع تحديد حدودها بالقدس المحتلة، بملامح مختلفة، عناصرها تقوم على حرب تدميرية للمنازل المقدسية، وهجوم موسع ضد سكانها لاعتقال من يراه "خطرا محتملا"، وحملة موسعة ضد "خطب المساجد"، وربما ذاكرته لم تساعده حول "عظة الكنائس".
بن غفير، وأمام حملة السخرية العامة، حاول الهروب من جهله السياسي بمخاطر ما قال، ذهب لتعزيز ذلك، بالمسمى ذاته وبمضمون مختلف تماما، وفي منطقة مختلفة، فما أعلنه بتنفيذ "مجزرة هدم المنازل" وحملة الاعتقالات لم تتوقف، ومنذ تشكيل حكومة الائتلاف الفاشي الجديد، بدأت عملية موسعة ضد الفلسطينيين، ليس في القدس وحدها بل في الضفة بكاملها أيضا.
ولكن، الجوهري في "اقوال" بن غفير أنها انعكاس لحالة هلع مسبق من انفجار مخزون كفاحي للشعب الفلسطيني بمظاهر جديدة، يصعب التنبؤ بها، وعبر أشكال مختلفة، لم تعد حكرا على البعد المسلح، بل تنوعت الى جديد بين "المقاومة الخشنة" و"المقاومة الناعمة"، وانتقال الأمر من محدودية المكان في بعض الضفة، خاصة جنين ونابلس، لتشمل مختلف المناطق، لكن الأبرز فيها تجديدها في القدس، فكانت رأس حربة الفعل الثوري الجديد، بأشكاله المتعددة مسلحا ودهسا وسكينا، مع حراك شعبي يتسع نطاقه.
تطور العمل الثوري في القدس مؤخرا، والذي كان الأكثر ألما وثمنا لدولة العدو، ليس بما كان من رقم لقتلاهم في عملية "النبي يعقوب" بيد الفدائي خيري علقم، بل باستمرار مظاهرها المختلفة، وآخرها عملية الدهس التي نفذها "التلحمي" ساكن القدس حسين قراقع، وهي عمليات كما الطعن بالسكين لا يحتاج تنفيذها سوى لقرار الفعل.
تكاملية "الأداء الثوري" الفلسطيني في القدس والضفة، وللمرة الأولى منذ "هبة السكاكين" بين 2015 و2016، تقف وراء حالة الارتعاش الواضح التي تعيشها دولة الكيان، بالتوازي مع "غضب يهودي" يهدد بقاء التحالف الفاشي المستحدث في الحكم، وخاصة في ظل صمت "صواريخ غزة" التي مثل غيابها قوة دفع للتطور الكفاحي المتسارع في الضفة والقدس، وذلك درس يجب أن تدركه مختلف القوى والفصائل.
أقوال "الأراغوز 2" بن غفير وأفعاله ستكون قاطرة عملية نحو فتح باب "مواجهة أوسع" مع الوجود الاحتلالي" فوق أرض فلسطين، نحو فرض فك الارتباط الملتبس، وتحديد ملامح دولة تحت الاحتلال.