- شهيد ومصابون بنيران مسيرة إسرائيلية على مواطنين في جباليا النزلة شمالي قطاع غزة
إسرائيل يحكمها قوانين أساس ولم يتم عمل دستور لأسباب تتعلق بتعريف من هو يهودي، و تحديد جغرافية وحدود الدولة، لكن قوانين الأساس رغم أنها أقل من قوة الدستور كونه يكون إرادة شعبية في حين قوانين الأساس مقرة من الكنيست، إلا ان إسرائيل تعايشت مع ذلك ولم يحدث فيها أزمات تشريعية وقانونية، إذا ما الذي يحدث الآن، هل هي أزمة للمشروع الصهيوني ككل؟ أم ازمة طبقة سياسية؟ ام هناك تحولات جذرية تجري في داخل المحتمع الصهيوني وتعكس نفسها بقوة على النظام السياسي؟!!!
الذي يحدث كان من المفترض حدوثه قبل 12 سنة حين قررت محكمة العدل العليا السماح للمجالس الدينية غير الأرثوذكسية ان تقرر في مسألة التحول ليهودي، وهذا ما اغضب كل الفئات الحريدية الأرثوذكسية التي تعتبر ذلك مسألة حصرية للمجالس الدينية الأرثوذوكسية وبدأت في تظاهرات ضد هذا القرار، ويوما وعد نتنياهو الأرثوذوكس بإحداث إصلاح في القضاء لكن لم تسعفه طبيعة الكنيست والائتلافات التي تشكلت للإيفاء بوعده، أيضا قرار محكمة العدل العليا بموضوع تجنيد المتدينين.
لاحقا بدأ يتم النظر من قبل غالبية الحريديم والصهيونية الدينية ان هذه المحكمة هي الحكومة الحقيقية. للدولة وليس الحكومة المنتخبة، وبعد إتهام نتنياهو بدأت مصالح الكل تلتقي لدرجة ان نتنياهو إستطاع إخراس أحد أجنحة الليكود الذي كان يدعم القضاة.
إذا التغيرات هي نتيجة تراكمات داخلية جاء وقتها في ظل التالي:
أولا- فوز بأغلبية ليكودية وحريدية وصهيونية دينية تمكنهم من إحداث التغيير دون الحاجة لأحزاب يمينية علمانية اخرى "ليبرمان وساعر".
ثانيا- ظرف دولي يركز جهوده في الحرب الروسية الأوكرانية، وأولويات أمريكية تجاه الصين واوضاعها الداخلية.
ثالثا- ظرف إقليمي جزء منه متحالف مع الكيان الصهيوني ولا يهتم بطبيعة وشكل الحكومة فيه.
رابعا- إنقسام فلسطيني وأوضاع في الضفة كادت ان تستكين لولا المقاومة الفردية والمقاومات المحلية وما حدث ويحدث في القدس خاصة في الأماكن المقدسة.
هذه العوامل، إضافة للمعايير الشخصية والحزبية كانت حافز قوي للمضي قدما في إحداث التغيير في طبيعة النظام السياسي في الكيان من خلال إضعاف الحكومة الحقيقية "محكمة العدل العليا" لصالح الحكومة المنتخبة، وكما يبدو هناك تصميم على ذلك رغم كل المظاهرات والتهديدات، وكما حدث سابقا في انتفاضة غلاء المعيشة من قبل الطبقة الوسطى وفي زمن نتنياهو، ورغم التواجد في الساحات من قبل عشرات الآلاف، إلا ان الحدث الأمني والحرب على غزة اوقف كل هذه الإحتجاجات.
تقديري
١- سيستمر نتنياهو وإئتلافه في عملية ما اسماه الإصلاح القضائي.
٢- سيستمر نتنياهو في إعطاء بن غفير وسموتريطش ما يريدون في الضفة والقدس ولكن بشكل تدريجي.
٣- سوف يهرب نتنياهو للامام بحدث امني كبير إذا شعر ان الامور ستفلت من يديه.
٤- لن تستطيع المعارضة الصهيونية إسقاط هذه التغييرات إلا إذا شعر نتنياهو بانه سيكون شخصيا بأمان من المحكمة العليا، وبالتالي سقوط هذه الحكومة وتشكيل اخرى برئاسته ويدخل فيها حزب غانتس ولابيد وليبرمان كبدلاء عن الحريديم والصهيوني الديني، غير ذلك الامور ذاهبة للنهاية واحداث التغييرات مهما كلف الامر.
بما يتعلق بالوضع الفلسطيني
وجود حكومة مثل هذه يكشف الوجه الحقيقي لطرفي المعادلة، فالحكومة تعتبر عنصرية وأبارتهيدية والمعارضة هي الراعي الاول لنخب الإحتلال ومستوطنيه، ودون ان تفهم هذه المعارضة بأن كل ما يحدث من إنزياح نحو اليمين الديني المتطرف سببه وجود الإحتلال ستكون معارضتها منقوصة ولا تؤسس لإحداث تغيير جدي، أيضا تغيير تعاملها وتغيير مواقفها مع ومن العرب الفلسطينيين في داخل الكيان.
الخلاصة,
الصراع مسألة جيدة للشعب
الفلسطيني لأن ذلك سيؤدي لوجود شرائخ داخلية والصراع سيعمقها، وفي نفس الوقت ستكون عليه نقمة من جهتين، الاول إزدياد القمع والقتل وهدم البيوت ومصادرة الأراضي في محاولة لحسم الصراع في الضفة والقدس ولتحويل الإهتمام من الداخل للامن وقد تصل لمرحلة الحرب مع المقاومة، والثاني إستغلال هذه التغييرات لإحداث قوانين لصالح المستوطنين ولفرض السيادة الإسرائيلية دون اي نقض ممكن من العدل العليا وفقا للقوانين المعمول فيها.
الأفضل فلسطينيا هو استمرار المقاومة وسياسة هذه الحكومة ستؤدي لزيادة وتيرتها وزيادة عدد المنخرطين فيها من الشعب الفلسطيني، ومن جهة أخرى التوصل للتوافق على وحدة وطنية وفق برنامج الحد الادنى فلسطينيا وعكس ذلك على كافة مؤسساته.