- شهيد ومصابون بنيران مسيرة إسرائيلية على مواطنين في جباليا النزلة شمالي قطاع غزة
تتراكم، وتتزاحم المؤشّرات، التي تدلّ على الطريق الذي تسلكه دولة الاحتلال العنصري الفاشي، قطار الانهيار يسير بسرعة قياسية، نحو الزلزال الذي ينتظر المشروع الصهيوني الاستعماري.
يستطيع المرء العاقل أن يرى هذا الطريق، ولكنه لا يستطيع رسم المشهد الأخير والدمار الكبير الذي سيحل بمن ضلّلتهم الدعاية الصهيونية، وظنّوا أنهم، قادمون إلى بلاد اللبن والعسل.
هاجس الزلزال الذي ينتظر إسرائيل يُعشعش في رؤوس الجميع، خصوصاً النخب التي تدير المشروع، إن كانت أمنية، أو عسكرية، أو مدنية.
ليس سوى المهووسين والجهلة من المستوطنين والفقراء، من يعتقدون أنهم استقروا في الجنّة. وربما نضيف إلى هؤلاء بعض العرب الجهلة الذين لا يفكّرون أبعد من أُنوفهم، فسلّموا أمرهم واستقرارهم وأمنهم لدولة تبدو أنها قلعة حصينة، ولكنها هشّة ومفكّكة وضعيفة من الداخل.
من يُتابع الأحداث والتطوّرات على الساحة الداخلية الإسرائيلية، وعلى ساحة الصراع المرير على أرض فلسطين ومع شعبها القوي، بالكاد يستطيع الملاحقة، ومع كل حدث يتعزّز الاستنتاج بمصير هذه الدولة.
حتى المشغّلون الدوليون للمشروع الاستعماري، لا يتوقّفون عن التعبير عن قلقهم، ولا يستطيعون الاستمرار في دفن رؤوسهم في الرمال.
القضية الفلسطينية حيّة وأكثر حيوية، رغم التطوّرات الدولية التي تنطوي على اضطرابات جيو سياسية هائلة، وأثمان باهظة وتغيّرات أكيدة.
القضية حيّة وأكثر حيوية ليس فقط لأن الشعب الفلسطيني يتمتع بكل الحيوية والإصرار على مجابهة المشروع الصهيوني، وإنما، أيضاً، لأن أصحاب المشروع الاستعماري، يخالفون ويَتَحدّون ناموس الطبيعة البشرية ويُخالفون ويَتَحدّون ناموس التاريخ والقيم الإنسانية.
الداخل الإسرائيلي يغلي، وتتصاعد وتتسع الاحتجاجات الأسبوعية، وأحياناً خلال الأسبوع، وإذا فشلت هذه الاحتجاجات في لجم جنون العنصرية، وتطلعات الحكومة لهدم النظام القضائي، فإن الاحتجاجات ستتحوّل إلى اضطرابات وربما اعتصام، وعصيان مدني، وأخيراً ربما يفضي ذلك إلى حرب أهلية، عَبّر الكثير من المسؤولين عن خشيتهم من السقوط فيها.
محكوم نتنياهو وزملاؤه في الحكومة، للطريق الذي سيسلكونه للنجاة من السجن، والذي سيؤدّي إلى إظهار مدى زيف الديمقراطية التي يزعمون أنها الواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
زعيم «يهودات هتوراة» ينضم إلى قائمة التهديدات بالانسحاب من الائتلاف الحكومي إذا تراجع نتنياهو وحكومته عن انقلابهم على القضاء.
قبلهم كان أرييه درعي زعيم حركة «شاس» الذي قضت المحكمة العليا بتجريده من منصبه الوزاري، ينتظر هو الآخر، ولن يصبر كثيراً على معالجة وضعه وعودته إلى الوزارة، وإلّا فإنه سيتسبّب بصداع للحكومة.
بتسلئيل سموتريتش يهدد هو الآخر، ما لم يمنح الصلاحيات المدنية التي أُحيلت له على حساب الجيش، وبعد أن اتخذ وزير الجيش يوآف غالانت قراره بإخلاء بؤرة «كارم» الاستيطانية، مخالفاً بذلك قرار سموتريتش الذي رفض ذلك ورأى فيه تدخّلاً في صلاحياته.
إيتمار بن غفير هو الآخر، سبق الجميع حين هدّد بترك الائتلاف الحكومي في حال فشل في تحقيق رؤيته العنصرية الفاشية.
القدس تشكل صداعاً لا حلّ له، بالنسبة لبن غفير، والحكومة، في ما يعتبرونه العاصمة الأبدية، وحيث كثافة الإجراءات الأمنية، باتت تخرج عن السيطرة. نعم تتواصل الاقتحامات للمسجد الأقصى، ولكنها تفشل في فرض التقسيم الزماني والمكاني، بينما يصمد الفلسطينيون دفاعاً عن المسجد الأقصى، وتتعالى التحذيرات الدولية لإسرائيل من تغيير الأمر الواقع.
أهل القدس ينتفضون في وجه الجيش والشرطة و«الشاباك» و»حرس الحدود» والمستوطنين، ويحيلون المدينة إلى ساحة مواجهة لا تتوقع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، من أين ومن يبادر بالهجوم.
بإمكانهم أن يجنّدوا المزيد من الفرق العسكرية، و«حرس الحدود»، وبإمكانهم أن يُضاعفوا الإجراءات الأمنية، ولكن ليس بإمكانهم أن يتوقعوا من أين ستأتي الضربة.
يظنّ المستوطن أن هدم البيوت، واعتقال المقاومين وذويهم يمكن أن يشكّل حلّاً لمشكلة العمليات الفدائية، ولكنهم لا يعلمون أن الفلسطيني المقاوم ليس العائلة الصغيرة، وإنما هو جزء من عائلة ممتدّة، وأنه جزء من حي كبير، ومدينة، والكلّ مرشّح لأن يقوم بعمل مقاوم، في مواجهة إجراءات إرهابية عنصرية.
يأتي المسؤولون من الخارج لتهدئة الوضع ولكن الأوضاع تزداد تدهوراً بسبب عناد الحكومة الفاشية في تنفيذ مخطّطاتها الإجرامية.
هباءً ذهبت زيارات المسؤولين الأميركيين فما أن أداروا ظهورهم حتى عادت حليمة إلى قديمها.
خمس دول، أربع أوروبية والولايات المتحدة تصدر بياناً ينتقد مصادقة الحكومة الإسرائيلية على بناء أكثر من تسعة آلاف وأربعمائة وحدة استيطانية، وتحذّر من تبعات ذلك، لكن الحكومة تزداد عناداً، وتواصل من دون توقّف ما تسعى لتحقيقه.
خبراء دوليون في حقوق الإنسان تتعالى أصواتهم ودعواتهم للتحقيق في جرائم حرب، ولكن في إسرائيل أذن من طين وأخرى من عجين.
يستطيع الإسرائيلي المراهنة على النجاة من المحاسبة والملاحقة الدولية، فمن ينتقدون إسرائيل الآن لا ينوون التخلّي عن أدوارهم التاريخية في حماية مشروعهم الاستعماري، ولكن هذا كلّه رهن بالوقت حين يصحو الرأي العام العالمي على الحقائق.
الأشهر القليلة المقبلة تحمل في طيّاتها تصاعد المقاومة في مواجهة تصاعد القتل والاعتقال، وهدم البيوت وانتهاك الحرمات، والتوسعات الاستيطانية.
هكذا يقرأ الإسرائيلي المشهد المقبل مع شهر رمضان وهو يحضر كل أعتدته وإمكانياته، وقدراته على البطش، ولكنه يخشى انتفاضة فلسطينية عارمة وشاملة.