سياسة الاستجداء والاستعطاف وعبارة " احمونا و"ساعدونا"...والاستجابة والرضوخ لكل الشروط والإملاءات ،سواء كانت أمريكية او اوروبية غربية او حتى من قبل دول المحيط العربي، التي تتعامل مع قضيتنا الفلسطينية وحقوقنا الفلسطينية من بوابة الملف الأمني لا الملف السياسي، وبقدر ما هو مطلوب تغير الخطاب السياسي والإعلامي والدبلوماسي مع هؤلاء، بالضرورة تغير ذلك من قبل ما يعرف بمؤسسات المجتمع المدني، التي يحرص العديد منها على الخطاب والمخاطبة الناعمة مع هؤلاء، لقاء "فتات" مال يقدم على شكل مشروط له اجنداته السياسية وأولوياته الاقتصادية ....من الآن فصاعداً وفي ضوء الانكشاف و"العري" الكامل للمواقف الأمريكية والأوروبية الغربية، ليس فقط بالانحياز الى دولة الكيان، بل بالشراكة معها في الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا الفلسطيني، وما توفره لها تلك الدول من حماية في المؤسسات الدولية، تبقيها دولة فوق القانون الدولي، لا تنطبق عليها قرارات الشرعية الدولية ولا معاهداتها ولا إتفاقيتها،إلا بالقدر الذي يدعمها ويساندها ويتستر على جرائمها، حيث تمنع امريكا ودول الغرب الاستعماري اتخاذ أي قرار ضد دولة الكيان من شأنه إدانتها وفضحها وتعريتها فيما يتعلق بما تمارسه وتقوم به من خرق سافر ووقح للقانون الدولي، والدولي الإنساني ولكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فالاستيطان والقمع والتنكيل والطرد والاقتلاع والتهجير القسري والتطهير العرقي وهدم المنازل والمساكن والقتل بدم بارد والتصفيات خارج القانون، هذه ليست جرائم تستحق فرض عقوبات على دولة الكيان في المؤسسات الدولية،من مجلس امن وجمعية عامة ومجلس حقوق انسان وغيرها ،كيف سيحدث هذا والمندوبة السابقة لأمريكا في الأمم المتحدة "نيك هايلي" ،قالت بشكل واضح" زمن تقريع دولة الكيان في الأمم المتحدة قد ولى، ومن يقدم على إدانة اسرائيل في المؤسسات الدولية، وفي المقدمة منها مجلس الأمن، فستصفعه بحذائها الكعب العالي، والرئيس الأمريكي الحالي يتفاخر بصهيونيته ،وأن دولة الكيان لو لم تكن موجودة لأوجدناها، ووزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، صاحب مخططه الجهنمي لتدمير لبنان ونشر الفوضى فيه، قال "أن الضفة الغربية ليست أرض محتلة، وبأن هناك ارتباطا تاريخيا ما بين دولة الكيان وأرض فلسطين " أرض اسرائيل"، وكذلك مجلس الشيوخ الأمريكي يعكف على سن قانون ، يحرم احفاد اللاجئين من التمتع بمزايا اللجوء، واعتبارهم غير لاجئين، وايضاً تجريم كل المؤسسات والأفراد والمنظمات التي تدعو لمقاطعة دولة الكيان وسحب الاستثمارات منها، وفي مقدمتها ال" بي دي اس"، وأيضاً تجريم ومعاقبة كل من يقول بالمقاومة او يدعمها ويمولها او يدعو لها، أو من ينتمي او يتناظر مع أي منظمة لها علاقة بالمقاومة فلسطينية وعربية، وكذلك لا ننسى ما جرى في المانيا أثناء زيارة الرئيس عباس لها في آب من العام الماضي، عندما سألته الصحافة الألمانية ،اذا كان ينوي الإعتذار عن عملية فدائية نفذتها جماعة " أيلول الأسود، وكان رده بأن شعبنا يعاني من الإحتلال، واذا كان اليهود قد ارتكب بحقهم " هولوكست"، فإن شعبنا ارتكب بحقه خمسين "هولوكست"،عدا الجرائم الفردية، حيث ثارت ثائرة دولة الكيان، ولتصف الرئيس عباس بأقذع الأوصاف وبانه " إرهابي" و كذلك المستشار الألماني والحكومة الألمانية ودول أوروبا وأمريكا استشاطوا غضباً واستنكروا وادانوا، ولتصل الوقاحة حد سعي شرطة برلين لفتح تحقيق جنائي مع الرئيس عباس.
هذا غيض من فيض فيما يتعلق بالمواقف الأوروبية الغربية الاستعمارية وامريكا، الذين يجري التعويل عليهم من أجل "نصرة" شعبنا، وممارسة الضغوط على دولة الكيان من أجل منح شعبنا حقوقه المغتصبة، والموافقة على حل الدولتين، والسياسة تقرأ فيما يمارس وليس فيما تقال، فالقول نحن مع حل الدولتين ورفض الخطوات آحادية الجانب، غير المسنود الى فعل على أرض الواقع ،يبقى كلام ولغو فارغ لا قيمة له، وبيع أوهام وكذب وخداع وتضليل، فعلى سبيل المثال لا الحصر، رئيسة المفوضية الأوروبية ارسولا فون دير لاين، قالت بأنها لو تستطيع سحب الجبال لمساعدة الأوكران لفعلت ذلك،ولم يمض على الحرب الأوكرانية، أكثر من عام،اما ٧٥ عاماً على احتلال شعبنا وطرده وتهجيره،ليست كافية لأوروبا الغربية وأمريكا،لكي تتحرك من أجل انهاء إحتلال شعبنا وإجبار دولة الكيان على تطبيق قرارات الشرعية الدولية، فالقلق الأوروبي الغربي وبيانات الشجب والإستنكار، والقول اللفظي برفض الاستيطان وعدم شرعيته، ورفض الخطوات آحادية الجانب، لم تمنع هدم "خشابية "أو منزل لفلسطيني، أو أن تنجح في إزالة بؤرة استيطانية معزولة عن أراضي الضفة الغربية، وأبعد من ذلك هناك بيوت ومدارس شيدت باموال اوروبية في الخان الأحمر ومسافر يطا والأغوار، هدمتها دولة الكيان، ولم يجرؤ الاتحاد الأوروبي على اتخاذ أي خطوة عملية أو فرض عقوبات دولية ضد دولة الكيان على خلفية ذلك، بل بقي الموقف يراوح ما بين الشجب والاستنكار والمذكرات الذاهبة نحو ادراج الأمم المتحدة.
إن الذين يبيعون الوهم للسلطة الفلسطينية التي تعاني من حالة ارتجاف سياسي مزمن، هم الذين يدفعون نحو نهايتها وليس بن غفير ولا سموتريتش ولا غيرهم من أركان الفاشية اليهودية، فالسلطة التي ارتكبت خطيئة سياسية استراتيجية، بالموافقة على سحب مشروع القرار الفلسطيني، المقدم لمجلس الأمن حول إدانة الاستيطان واعتباره غير شرعي وقانوني، والقبول ببيان رئاسي صادر عن مجلس الأمن، ليس له لا قيمة سياسية ولا قانونية، ووافقت على التفاهمات التي توصل اليها وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ مع مستشار الأمن القومي لدولة الكيان " تساحي هنغبي"، والتي من ضمنها تجميد الاستيطان لفترة محددة في الضفة الغربية، ووقف هدم المنازل في القدس ومناطق "سي" ،ولم يجف حبر تلك التفاهمات، حتى خرج رئيس وزراء الكيان ليوجه صفعة للسلطة والمنظمة وغيرها من المرجعيات الفلسطينية، عندما قال لن نوقف هدم المنازل في مناطق" سي" ولا القدس، ولا الإستيطان حيث صادق ما يعرف بالمجلس الأعلى للإستيطان والتخطيط في الضفة الغربية من يوم الأربعاء 22/2/2023 وحتى يوم الجمعة على اقامة 7287 وحدة استيطانية في الضفة الغربية من شمالها لجنوبها،ورغم كل ذلك ما زالت السلطة المنفصلة عن الواقع والتي تعيش في غيبوبة سياسية مزمنة، تراهن على امريكا ودولة الكيان، حيث وافقت على الذهاب لحضور قمة أمنية في العقبة، الأحد الماضي، هذا الحضور لتلك القمة دون اعتبار لدماء الشهداء ال11 الذين سقطوا في مجزرة نابلس، وعلى وقع تصاعد الإستيطان.
سياسة الارتعاش السياسي والمجاملات والخضوع للشروط والإملاءات الأمريكية والأوروبية الغربية، وتسول المال المشروط، لن تجدي نفعاً ولن تجلب حقوقاً ولن تستعيد أرضاً، ارفعوا من سقف خطابكم السياسي ومجابهتكم للسياسات الأمريكية والأوروبية الغربية، وارفضوا شروطهم وإملاءاتهم، وابعدوا المرتجفين والمرتعشين والمندمجين في المشروع الأمرو صهيوني عن القرار، حينها تتغير لغة وسياسة التخاطب مع القيادة وشعبنا الفلسطيني من قبل أمريكا وأوروبا الغربية، أما تمسكهم بنفس النهج واللغة والخطاب، من شأنه أن يدمر حقوق شعبنا، وأن يقصر في عمر سلطتكم، التي بات عمرها ليس طويلاً.