مقالنا يأتي تعقيبًا على ما ورد على لسان الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك من تعليق على لقاء القيادي الفلسطيني محمد دحلان الذي بث عبر سكاي نيوز عربية أمس الأربعاء، خلال برنامج "مع جيزال".
تعقيب الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري يعتبر من ناحية موضوعية بالأساس خارج سياق اللقاء بأكمله، حيث أورد الكاتب في تعليقه أن القيادي الفلسطيني محمد دحلان خرج من سباق المنافسة على مقعد الرئاسة، لأنه خارج الحالة السياسية الفلسطينية حسب قوله.
فلهذا نقول لقد غاب عن ذهن الكاتب والمحلل السياسي أن القيادي الفلسطيني محمد دحلان، وفي العديد من اللقاءات والتصريحات السابقة والموثقة، أعلن رفضه الترشح لمنصب الرئاسة بمحض إرادته، بهدف أن لا يحسب عليه أنه يقود حالة خلافية أو صدامية مع المختلف معهم سياسيًا بسبب المناصب القيادية ليس إلا، ولأن المعرف لا يعرف، وقد غاب عن ذهن الكاتب أن تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح ، الذي أنشأه محمد دحلان هو ورفاقه من القادة الفتحاويين المخلصين جاء نتيجة سياسة الإقصاء والتغييب والتهميش والفصل من المتنفذ والمسيطر على حركة فتح عبر أجنداته خاصة.
زعم الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري عبر منشوره على صفحته الخاصة عبر الفيسبوك أن انسحاب القيادي" محمد دحلان" من المشهد السياسي الفلسطيني وتنافسه على مقعد "الرئاسة" بسبب انشغالاته بملفات خارجية أخرى وعدم قدرة تيار الاصلاح على المنافسة من حيث العدد البشري والحجم ، وعدم تمكنه من تجاوز السقف الذي يؤهله أن يكون رقمًا مؤثرًا في الواقع الفلسطيني.
تناسي الكاتب والمحلل السياسي" هاني المصري" في غفلة من الزمن الطارئ أن القيادي الفلسطيني " محمد دحلان " يحظى بشعبية لا بأس بها بين فئات شعبنا الفلسطيني ، وخصوصًا بين فئة " الشباب" الذين ينظرون إليه بعيون الغد الأجمل والمستقبل الأفضل ، وهذا ليس مجاملةً ، بل من خلال واقع ميداني واضح الرؤية للقاصي والداني ، لأن القيادي " دحلان" كان لهم الدور الأبرز والأهم منذ سنوات طوال في تقديم كافة ما يلزم من احتياجات لشعبنا على كافة الصعد والمستويات ، ومن خلال ما يتم تقديمه من برامج ومساعدات إنسانية بشكل متواصل ومستمر لكافة قطاعات شعبنا سواء في غزة أو الضفة والقدس أو في مخيمات اللجوء، وهذا مثبت بالدليل والبرهان.
وصف الكاتب والمحلل السياسي "هاني المصري"، في تعقيبه أن القيادي الفلسطيني في طرحه فكرة حل الدولة الواحدة " تائه"! وربط وصف " التيه" في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية .
للأسف الكاتب والمحلل السياسي لم ينجح في ربط حالة " التيه " التي ألصقها جزافًا في القيادي محمد دحلان، وعلاقتها في المطالبة في إجراءات انتخابات رئاسية وتشريعية ، والدليل على إخفاق الكاتب ووقوعه في تبني مصطلحات وأفكار متناقضة ، أن فكرة حل الدولة الواحدة ، وفي حالة أن كتب لها ولو حتى شعاع من النور ، فإنها ليس شأنًا فلسطينيًا خاصًا ، بل أيضًا ذات شأن عربي وإقليمي وعالمي لدعم فكرة الدولة الواحدة والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لقبولها، أو حتى مجرد التفكير فيها ، لأن الاحتلال بالأساس، وكما جاء على لسان القيادي " محمد دحلان " يرفض فكرة حل الدولتين، وقام بتدمير الفكرة تمامًا من خلال افشال كافة الاتفاقيات، والتي على رأسها "أوسلو"، وأما بما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية فقد تناسى الكاتب أنها شأن داخلي فلسطيني بامتياز، وإنجازها وتحقيقها بيد صانع القرار الفلسطيني ، الذي أفشل إجرائها مرات ومرات، لأهداف لا مجال هنا لسردها.
وأما فيما يتعلق في نقطة أن القائد الفلسطيني " محمد دحلان " أوعز للعديد من قادة وكوادر تيار الإصلاح أن لا يربطوا أنفسهم به، وأن يتخلوا عن التيار، وأن يعودوا إلى حركة فتح ، فهذا الحديث مضحك ومؤسف للغاية أن يخرج من لسان كاتب يعتبر نفسه مخضرم في تحليل الشأن الفلسطيني ، وهذا لسبب بسيط أن العنوان التنظيمي والوطني والرئيسي للقيادي الفلسطيني "محمد دحلان "هو تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح " فكيف يوعز بعودة قادة وكوادر التيار لفتح وهم أصلاً فتح ولم يخرجوا من عباءة الحركة الأم " فتح"، رغم ما لحق بهم من ظلم وهوان، ورغم العديد من الاختلافات والخلافات مع من يهيمن اليوم ، ويسيطر على مفاصل الحركة بسبب مكانته التي جاءت بعد إقصاء وفصل الكثيرين من قادة وكوادر وأبناء حركة "فتح" وأما مطالبة القيادات والكوادر الفتحاوية في استعادة حقوقهم الوظيفية والتنظيمية، فهذا حق مشروع ومكتسب من نضال وتضحيات القادة والكوادر الذين تم إقصائهم وفصلهم من صفوف الحركة ، لأنهم حفروا أسمائهم بالدم ضد المحتل وفناء ربيع أعمارهم داخل السجون الإسرائيلية.
الغلو والعلو والتناقض في الطرح تظهر نرجسية الكاتب للأسف الشديد ، الذي ينظر للأمور بعين واحدة ، ومن خلال واقع مختلف عن الحقيقة المجردة ، الذي يجعل العقل والقلم يخرج عن سياق الواقع في الفكرة والكتابة والمضمون على محتوى لقاء القيادي الفلسطيني " محمد دحلان" ، لأنه اختصر واختزل وقام بتغييب الكثير من الحقائق في تعقيبه ، والتي أهمها أن تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح ، ليس مرتبطًا بشخص ، بل هو تيار فتحاوي وطني اشتق طريقه من اجل أهداف وطنية فلسطينية، فلهذا كان الالتفاف الجماهيري واقعًا وحاضرًا في كافة المناسبات والفعاليات وعلى كافة الصعد والمستويات ، والتي على سبيل المثال منها، تحريك تيار الإصلاح للعديد من القضايا الفلسطينية الراكدة بل الميتة ، وإظهارها في صورة المشهد الفلسطيني والعربي والدولي، وعلى رأسها أن تيار الاصلاح كان له شرف امتلاك زمام المبادرة الأولى في تفعيل المطالبة في إجراء الانتخابات وتعزيز الحريات للإنسان الفلسطيني، ناهيك عن المبادرات والفعاليات التي كان ومازال تيار الاصلاح رائدها والتي منها القضايا المركزية الفلسطينية والسياسية مثل قضية الأسرى والمعتقلين والشهداء والدفاع عن القدس والضفة ومساندة المهمشين من أبناء شعبنا العظيم ، شعب التضحيات، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من واقع أليم ألم بكافة فئات مجتمعنا الفلسطيني.
الكاتب والمحلل السياسي "هاني المصري"، كان الأجدر أن تقف على مسافة واحدة من الموضوعية قبل الحيادية، لأن مهنية القلم وفي ظل واقع فلسطيني مرير ، يجب أن تتصف بالمسؤولية في الانصاف والعدل ، وليس بهدف فتح باب التأويل والجدل، لأن الحقيقة الشمس التي لا تغطى بغربال سطور منافية للحقيقة وكلمات متناقضة عارية عن الصحة.