في بداية مقالنا هذا الذي يستعرض في محتواه المتغيرات والمستجدات للعمل المقاوم ضد الاحتلال الاسرائيلي، وتنفيذ الشهيد البطل معتز الخواجا لعملية شارع " ديزنغوف" في تل أبيب أمس الخميس، الشهيد معتز الذي انتفض واخترق الحواجز الصهيونية ليصل لمنتصف عاصمة المحتلين منتقما من الاحتلال وثائرا لدماء رفاقه الذين ارتقوا خلال الأيام الماضية في مدن الضفة الفلسطينية، فإلى روحه المناضلة الرحمة والسكينة.
الملفت للعيان هو تبني حركة "حماس" للعملية عبر بيان رسمي ، فمنذ فترة طويلة لم تتبنى حركة "حماس" أي عملية في الضفة و القدس ولا حتى في قلب مدن الاحتلال ، وكانت تكتفي فقط بمباركة العملية بغض النظر عن انتماء الفدائي والمنفذ، ولكن هذه المرة تبنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" العملية، وهذا التبني يدفع لفتح تساؤل مهم هو أن العمليات الاستشهادية توقف تبنيها بشكل رسمي منذ سنوات، وهذا لدواعي عديدة،منها الأمنية ومنها إرباك الاحتلال، فهل تبني عملية الشهيد "معتز" سيفتح باب عمليات جديدة مكثفة داخل المدن للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، وسوف نشهد مرحلة قادمة عنوانها تغيير أدوات اللعبة؟.
ما أخشاه هو ان تنعكس رده فعل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة بنقل ساحة الحرب والمواجهة مع قطاع غزة وهذا للهروب من أزماته الداخلية المتعددة، مستغلا هذه العملية الفدائية وتبني حركة "حماس" لها ، و شن حرب مفتوحة على غزة وطويلة الأمد، لكي يضمن " نتنياهو" تمرير ما يريد من قرارات و توحيد جبهته الداخلية وتوجيه أنظار الرأي العام الإسرائيلي نحو الفلسطينيين وعمليات المقاومة،التي هي بالأصل رد فعل طبيعي على ممارسات الاحتلال اليومية من قتل واعتقال ومداهمات واجتياحات لمدن الضفة الغربية ومخيمات القدس المحتلة.
لقد عبر بعض المحللين أن توقيت ومكان العملية لم يكن موفق وكأن حركة "حماس" تعطي طوق نجاة لنتنياهو الذي يضيق عليه طوق المعارضة من خلال زيادة عدد المتظاهرين و نوعيتهم و انضمام ضباط احتياط من معظم وحدات جيش الاحتلال لصفوف المعارضة ، وأن العملية ستعطي لنتياهو مبررا للهجوم على قطاع غزة وليس على إيران أو جنوب لبنان، وأعتقد أن من يتحدثون بذلك يحاكون جزء من الواقع، وليس بالطبع كله، وقد نسوا أن الاحتلال يرتكب جرائم يومية ضد شعبنا وأن ادوات المقاومة جميعها مشروعة ومتاحة ضد الاحتلال.
وهنا أتوقع أن الشهيد معتز كان يتمنى أن يقتل أكبر عدد من الصهاينة المحتلين،، لكي يشفي صدور أبناء شعبنا ، ولكني ايضا أرى أن مع أولئك المحللين الحق في وجهة نظرهم التي طرحوها بعد تبني حركة "حماس" لعملية تل ابيب، في أن "نتنياهو" سيجد في هذه العملية المبرر في شن هجوم قادم على غزة لتوحيد جبهته الداخلية، بعدما كنا نتوقع أن يشن حرب على جنوب لبنان أو إيران ، ولكن "نتنياهو" إذا أراد الهجوم على قطاع غزة لا يحتاج لأي مبرر يمنح له في الأساس ، لأنه عنوان التطرف والقتل والدمار، أعان الله شعبنا الذي يدفع الثمن في كافة المراحل.
ويبقى هنا الباب مفتوحا على كافة الخيارات.