يتعرض أبناء شعبنا الفلسطيني لمختلف أشكال الانتهاكات القانونية والحقوقية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومن بين هذه الانتهاكات الاغتيالات الميدانية التي تستخدمها دولة الاحتلال لملاحقة وقتل الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال. وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وقد أدى التهاون الدولي في مواجهة استخدام هذا الاسلوب الوحشي من الجرائم إلى ارتقاء ٨١ شهيداً وشهيدة في ال ٦٩ يوم الماضية من بينهم ١٥ طفلاً.
وتستخدم إسرائيل الاغتيالات الميدانية كجزء من استراتيجيتها الأمنية، وتبرر ذلك بالادعاء أنها تستهدف الأشخاص الذين يشكلون تهديداً للأمن الإسرائيلي، بما في ذلك، وبكل وقاحة، ضحاياها الاطفال. ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي هذا النوع من الاغتيالات بمثابة "عمليات توجيه دقيق"، ويدعي في كثير من الاحيان استخدام طائرات بدون طيار أو الجيش الإسرائيلي أو الجهاز الأمني الداخلي لتنفيذ هذه العمليات، لكن الاحصائيات تُثبت ان الغالبية العُظمى لهذه الاغتيالات يتم بقرار من جنود في الميدان وبدون حتى معرفة هوية ضحيتهم قبل ارتكاب جريمة الاغتيال، بالإضافة إلى أن تهاون المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال مع القتلة من جيشها او عصابات المستوطنين الإرهابية فتح المجال إلى المزيد من هذا النوع من الاغتيالات الاجرامية.
وتنتهك إسرائيل بشكل واضح القوانين الدولية وحقوق الإنسان عندما تقوم بالاغتيالات الميدانية. فالقانون الدولي يحظر قتل الأشخاص الذين ليسوا في حالة تهديد مباشرة، ويعتبر القتل العمد للمدنيين جريمة حرب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاغتيالات الميدانية تنتهك حق شعبنا الطبيعي في الحياة والحقوق الأساسية الأخرى.
وتستند دولة الاحتلال أيضًا إلى قانون إسرائيلي يسمح للجيش بتنفيذ الاغتيالات الميدانية، ويعتبر ذلك جزءًا من السياسة المسماة "المساندة المتبادلة" التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية لتبرير استخدام القوة الاجرامية المُفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين.
ويتذرع الاسرائيليون امام الرأي العام العالمي وفي الدوائر الدبلوماسية بان هذه الاغتيالات الميدانية تحتاج إلى تصريح خاص من قبل الحكومة لتنفيذها. وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية تدعي أن هذه العمليات تنفذ بشكل دقيق وحسب الضوابط القانونية، إلا أن هذه الادعاءات غالباً ما تثير الشكوك وتثير التساؤلات حول مدى قانونية هذه العمليات حتى بحسب الأكاذيب الاسرائيلية ذاتها، اما واقعياً، فان الغالبية العظمى من الاغتيالات الميدانية تُقرر في الميدان ومن خلال جنود صغار متعطشين للدماء بفضل التربية العنصرية الكارهة للغير التي يتعرضون لها في مناهجهم التدريسية وتربيتهم المنزلية.
والاغتيالات الميدانية ليست سوى جزء من الانتهاكات الواسعة النطاق التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني التي تتضمن الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والاستيلاء على الأراضي، وتدمير الممتلكات، وحصار قطاع غزة، والتمييز العنصري، واستيطان الأراضي، ومأساة اللجوء المستمرة، والاعتداء على المقدسات الاسلامية والمسيحية وغيرها من الجرائم التي لا يحرك المجتمع الدولي ساكناً لوقفها.
ومع ذلك، فإن الاغتيالات الميدانية تعد جريمة خطيرة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضدنا، وهي تنتهك الحق في الحياة الذي يحميه القانون الدولي وحقوق الإنسان الأساسية. وآن الاوان للمجتمع الدولي والجهات المعنية بحقوق الإنسان والعدالة الدولية أن يبدأوا بالضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات والتحقيق في جميع الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي
علاوة على ذلك، تعد الاغتيالات الميدانية جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني، خاصة وأن حكومة الاحتلال الإسرائيلية لا تنفي بانها تقوم بتنفيذ هذه العمليات بشكل منتظم ومن ضمن سياستها الرسمية، فإن هذا يشكل اعتراف واضح وصريح بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولا أستطيع تصوّر اسباب عزوف القيادة الفلسطينية بمتابعة هذا الملف بشكل حثيث وجدي في اروقة العدالة الدولية والضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في إنهاء هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين.
وإلى جانب الانتهاكات القانونية والأخلاقية، وعلى الصعيدين السياسي (شبه الميّت) والامني فإن الاغتيالات الميدانية تؤدي إلى تفاقم التوتر في المنطقة، وتزيد من العنف والاحتقان. وينبغي على حكومة الاحتلال الإسرائيلية والمجتمع الدولي أن يدركوا أن السلام والعدالة هما الحل الوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
إن الاغتيالات الميدانية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد ابناء شعبنا ليست قانونية ولا أخلاقية، وتتعارض مع حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. كما أنها تزيد من التوتر بين وتعطي دافعاً للعنف والانتقام.