ما قاله وزير مالية حكومة المستعمرة سموتريتش ليس جديداً، أو صدفة، أو اكتشاف عبقري منه، بل هي جوهر الحركة الصهيونية ومضمونها الاستعماري التوسعي، الذي تعمل من أجله بشكل تدريجي نحو خارطة المستعمرة الكبرى : 1- وعد بلفور 1917، 2- قرار التقسيم 1947، 3- احتلال ثلثي فلسطين 1948، 4- احتلال كامل فلسطين 1967 وهكذا طريقهم التراكمي، وماذا كان هدفهم عام 1968 في معركة الكرامة؟؟ احتلال الغور والجبال الغربية للبلقاء لفرض المفاوضات والإذعان الأردني لبرنامجهم، فذاقوا الأمرين وانكسروا ورحلوا مهزومين، تاركين اسلحتهم شرق الأردن.
ما قاله وزيرهم سموتريتش كتبه نتنياهو في كتابه الأول، أن الأردن جزء من خارطة المستعمرة، وغيره العشرات ممن صرحوا وعبروا عن فحوى تطلعاتهم التوسعية الاستعمارية، بعد استكمال فرض الاستيطان على كامل خارطة فلسطين باستثناء قطاع غزة، فهم اليوم لدى أحزاب الائتلاف الحكومي الأربعة، نتاج انتخابات الكنيست 25 يوم الأول من تشرين الثاني نوفمبر 2022: 1- الليكود نتنياهو، 2- الصهيونية الدينية سموترتش وبن غفير، 3- شاس أريه درعي، 4- يهود التوراة موشيه غفني، مع أحزاب المعارضة الثلاثة: 1- هناك مستقبل يائير لبيد، 2- معسكر الدولة بيني غانتس وجدعون ساعر، 3- إسرائيل بيتنا ليبرمان، يتفقون على هدفين : الأول أن القدس الموحدة عاصمة المستعمرة، والثاني أن الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية وليست عربية وليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة، أي جزء من خارطة المستعمرة.
لهذا نحن كأردنيين مع فلسطين لسببين جوهريين:
الأول حماية الأردن من أطماع المستعمرة التوسعية، ومنع إعادة رمي القضية الفلسطينية خارج فلسطين، نحو الأردن.
الثاني بقاء القضية الفلسطينية حية يقظة وشعبها على أرض فلسطين، ودعم نضالهم لاستعادة حقوقهم الكاملة غير منقوصة على أرضهم ووطنهم الذي لا وطن لهم غيره: فلسطين، واستعادة حقهم في العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع، و نيل حريتهم واستقلالهم.
لقد نجحت الصهيونية والمستعمرة في رمي القضية الفلسطينية إلى لبنان وسوريا والأردن، عام 1948، وبقيت كذلك حتى تمكن الرئيس الراحل ياسر عرفات إعادة القضية وعنوانها من المنفى إلى الوطن، اعتماداً على نتائج الانتفاضة الأولى، وها هم بخريطة سموترتش المعلنة، يرغب بالتذكير للعمل على الهدف التوسعي المقبل: الأردن، وشطب وجود شعب فلسطيني، فهو يتعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم غرباء على أرض "يهودا والسامرة"، وينتظر الفرص لطردهم، لتشريدهم، لإبعادهم إلى الأردن.
لا تخيفنا تصريحاتهم، وأطماعهم، بل تدفعنا لليقظة، وطرد الاسترخاء، وعدم الركون، بل اليقظة الوطنية لحماية أمننا الوطني، تماسك ووحدة شعبنا ومجتمعنا على قاعدة التعددية والخيار الديمقراطي والعدالة والمساواة لكل الأردنيين، لنكون في خندق المواجهة ضد المستعمرة وسياساتها وبرامجها، ونكون في خندق الدعم لصمود الشعب الفلسطيني في وطنه، ودعم نضاله من أجل المستقبل الاستقلالي الحر على أرضه، ذلك هو العمل والبرنامج والأمن لبلدنا والاستقرار لشعبنا بكرامته كما نستحق، ونعيش.