هي ثورة على حاكم العالم الاول والاكبر في وجهها الاوسع وفي أحد اوجهها الهامة انها قمعا لإرادة شعب واحتلالا لأرض الغير ، وهي ثورة لانها تحمل مضامين ومفاهيم أي ثورة للتغيير حتى بما قصده بوتين او لم يقصده، لانها تغيير في علاقات العالم بشكل قصري تستخدم فيه القوة التي تسمى حرب، ولأن ايضا هي صراع بين الحاكم والمحكومين ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي ثورة لأن لها أثر في محاولة تغيير النظام الدولي تماما كما الأثر لتغيير أي نظام حاكم في أي دولة يكون الناس قد ملوا منه ومن مضاعفاته، هكذا الأنسان الفرد وهكذا أي جماعة من الناس وها هي هنا كل جماعة البشر على الكوكب في حالة ثورة للتغيير...هنا يأتي سؤال المقال:
هل ينجح بوتين في تغيير العالم ؟
وهنا بوتين ضمير غير مستتر لانه يقود اقوى جماعة تريد ان تجرب حظها في الثورة وبالضبط لاتزال عناصر فلاديمير إليتش لينين للثورة حاضرة كنظرية تمت او لا تمت للشيوعية بصلة لكنها تبقى الإطار النظري للثورة وكما حدد لينين منذ زمن بات للثورة ثلاث شروط لإنطلاقها أن الحالكم لم يعد يحكم كالأمس وهذا الشرط الأول توفر للثورة بغطرسة الولايات المتحدة في الحقبة السابقة والشرط الثاني أن المحكومين لم يعودوا راضين كالأمس وهم متذمرون من الحاكم والشرط الثالث وهي توفر أو وجود قوة منظمة تريد ان تجرب حظها في التغيير وهو بوتين وروسيا.
والاجابة على سؤال هل بنجح بوتين في ثورتهيمكن القول أن الثورة ولانها كونية فمازالت عناصر بناء وإحداث التغيير لتلك الثورة جارية،متقدمة أو متعثرة احيانا، لكنها أحرزت تغيرات كثيرة وبدون ذكرها تفاصيلها لكن الجميع يشعر بها من خلال أزمات النفط والمصارف والبنوك وأزمة المواد الغذائية خاصة القمح ونشوء الانحيازات لأي من التحالفات وأهم علامات التغيير هي حالة الارتباك والضعف الغربي والامريكي لمواجهة ثورة بوتين على العولمة ومفاهيمها كما تحدث في خطابه الشهير مثلا عن المثليين وغيرها ولاحظ هنا، دون طرح نقيضها الاشتراكي مثلا أو حتى الشيوعي أو تبني الليبرالية مثلا أخرا، ولكن على أرض الواقع تظهر طريقة بوتين الخاصة الرافضة لبعض العولمة واستعمال بعضها الآخر جبرا أو تقبلا واقعيا، حيث اصبحت بعض عناصر العولمة جزء واقع من معالم الحاضر الإنساني، فالإعلام وحرب مركزة المال والسوق وخصخصة العملات هي عولمة، ما يدعو للسؤال، هل انتصار بوتين في الحرب سيؤدي لانقلاب على العولمة كلها ؟ ام سيشكل نمطا جديدا منها مضيفا قيم جديدة او قديمة مستحدثة لوها علاقة بالعدالة الاجتماعية؟ وهل يمكنه المزج؟
العالم يتغير واستمرار الحروب في النصف قرن الأخير بنوعيتها سواء كانت داخلية تقطع الرؤوس أو خارجية تسحق الإنسان اقتصاديا بحصارات ترفع معاناة الناس، والأهم إعلام النقل المكثف الفضائي للجميع الذي غير في السلوكيات ونمط الشخصيات في هذا الواقع البشري.
هذه الحالة الضبابية التي نعيشها هي نتائج أولية للثورة، ومازالت الاحداث تتفاعل على كوكبنا.
أخطر ما في عصرنا هو التدفق الاعلامي الكثيف وأثره على بناء الشخصية والسلوك لذلك نحن في عالم جديد لا يشبه ما سبقه فلا تستغربوا.
أنا رأيي أن ما حدث بانتصار العولمة وسحق العدالة الاجتماعية تضخم حجم الرعب والقتل وساعد في ذلك الاعلام المعمم والمكثف الواصل لكل بقعة في العالم في نفس اللحظة والدقيقة كان سببا رئيسيا فيما نحن فيه من اضطراب وفلتان وتمويه وخداع.
بالقياس لتلك التطورات والعنف في نصف القرن الماضي فالمضاعفات لاتزال أولية، وستظهر ظواهر أعقد بمرور الوقت لا ندري ماهيتها لحين حسم الصراع في أوكرانيا.
هناك تغيير راديكالي في حياة الناس وبرامج وخطط الدول في كل انحاء العالم، منهم من يراكم النجاح مثل الصين ومنهم من ينهار وسيتسلم ومنه اوروبا ومنهم من يهزم تدريجيا وينتظر الهزيمة النهائية والاعلان عن عالم جديد مثل الولايات المتحدة ومعها خاصة بريطانيا الامبراطورة العجوز التي طال عمرها كثيرا .
الصين نموذج حذر يخشى على انجازاته ومجبر على الدفاع عن نفسه، لكنه لم ينو حيازة السيطرة على العالم بالقوة، ولم يخطط لها، والغرب كله يخشى من الصين فيحاول حصارها وتلك السياسة قد تدفع الصين للدخول في الحرب بشكل جبري.
ما يجتاح العالم من تغيرات حتى الآن هي مازالت في أقل المضاعفات إذا قورنت أولا بشمولية الحرب الثالثة أو ثانيا بالقادم في حال فشل بوتين في التغيير، لان مضاعفات سحق الانسان والفقراء والمرضى وضياع القيم وتفاقم العنف والقتل ستكون أكبر بفشل الثورة الجديدة لو هزم بوتين.
العالم تغير ونحن في عالم جديد بقيم ومفاهيم وسلوكيات جديدة كانت نتاج العولمة التي تٌنازعها الآن ثورة بوتين الجديدة ولا ندري مدى ايجابية مفاهيم بوتين الجديدة أيضا، وكيف ستتبلور، ولهذا سيستمر القلق على هذا الكوكب منتظرا حالة سعادة نموذجية في اليوتوبيا ، فهل تأتي او لن تأتي إلا في الأحلام ... خلينا على الأقل في حالة أيفوريا الحلم.