الكوفية: شكل انعقاد القمة الثلاثية في العلمين في دولة مصر العربية حدثاً ذا أهمية خاصة في المسار العام للسياسة العربية، وبشكل خاص في مسار المشاركة والدعم العربيين للنضال الوطني الفلسطيني والحراك السياسي المرافق له.
وتعد قمة القادة الثلاثة هي الثانية لهم خلال العام الجاري.
لا يغير من هذه الحقيقة بأي اتجاه ولا يقلل من قيمة اجتماع القمة أنه حصل بعد فترة وجيزة من انتهاء اجتماع فصائل النضال الوطني الفلسطيني في العلمين أيضاً. خصوصاً وأن اجتماع الفصائل المذكور لم يخرج عنه - حتى الآن - اي نتائج محددة عملية واقعية وملموسة مما يتطلع له المواطن الفلسطيني ومعه المواطن العربي أيضاً.
وما يزيد في تأكيد أهمية هذه القمة، أن الدولتين المشاركتين في مؤتمر العلمين (مصر والأردن) وأهلهما ومواطنوهما لهما بالتأكيد ارتباط وتأثير نوعيان ومميزان، عميقان ومتواصلان مع النضال الوطني الفلسطيني في جميع مراحله وظروفه، وفي جميع أشكاله، وذلك منذ البدايات الأولى للقضية الوطنية الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني في جميع مراحله.
في مزايا وإيجابيات مؤتمر القمة المذكور انه يمكن ان يؤشر، ويسهم أيضا، الى إمكانية واقعية لتشكيل رؤية عربية موحدة في التعامل المناسب والمطلوب مع موضوع النضال الوطني الفلسطيني، في الظرف والواقع الحالي وعلى المستوى الدولي بالذات. وبما يوفر له الدعم العربي الموحد وجبهة مساندة من دول العالم وفي المؤسسات والهيئات الدولية على تنوعها.
وإذا ما تم تشكيل هذه الرؤية فسيكون لها تأثير إيجابي أيضا في تحقيق نجاح جدي وملموس في انشاء أدوات وهياكل متكاملة تتعامل بها مع دول وشعوب العالم بشكل عام، وتتعامل مع المنظمات الدولية بشكل موحد وأكثر فاعلية وتأثيراً.
ويمكن الذهاب ابعد في موجة التفاؤل بالقول ان هذا المؤتمر وامثاله يلعب دوراً أساسياً وهاماً في صالح العلاقة التحالفية والتكاملية المفروضة بين الدول العربية نفسها – او مع أوسع عدد منها على الأقل.
وعلى ضوء أوضاع المنطقة وشراسة العدو الصهيوني في التنكيل بالشعب الفلسطيني وممارسة الفصل العنصري بأبشع صوره، وفي ظل الحراك الدبلوماسي من قبل دولة الاحتلال والولايات المتحدة، تتأكد حقيقة أهمية الدور السعودي. ويعود ذلك للدور الرئيسي والهام للمملكة في رسم سياسات المنطقة وأنها هي صاحبة مبادرة السلام العربية التي شدد المؤتمرون عليها عندما أعلنوا " ...السبيل الوحيد لتحقيق هذا السلام هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، وفي تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يحقق حل الدولتين المستند لقواعد القانون الدولي والمرجعيات المتفق عليها والمبادرة العربية للسلام".
وخاصة أنه قد سبق هذه القمة بأيام إعلان المملكة العربية السعودية تعيينها سفيراً فوق العادة وغير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلاً عاماً بمدينة القدس.
وبالمختصر والمحصلة فان انعقاد قمم عربية جامعة أو مثل القمة المذكورة بقدر ما يوفر مساحة من التعاون والتحالف بين الدول المشكلة له، وبقدر ما يشكل دعما موحدا لمواقف دوله المباشرة في قضايا نضالية تخوضها مهما كانت طبيعتها حتى لو كانت قضايا تنموية خاصة، فإنه يفتح باباً لعلاقات تحالفية او حتى تعاونية بينها وبين دول عربية أخرى، ويشكل خطوة هامة على طريق علاقات وحدوية بين عدد يزداد اتساعاً باتجاه وحدة الموقف العربي بشعوبه وقواه ودوله بشكل عام، وباتجاه ما يشكل تبنياً موحداً ودعماً ملموساً لقضايا النضال الوطني ولمساعي التطور والتقدم الاجتماعي والبناء بشكل عام.
وأيضا، يلعب دوراً أساسياً في دعم وإسناد دول عربية بعينها في مواقف وسياسات لها، سواء كانت تلك المواقف والسياسات تتعلق بعلاقاتها ومواقفها الدولية او الإقليمية ومشاريعها الوطنية، او كانت متعلقة بقضية النضال الوطني الفلسطيني مباشرة، او بطبيعة وشكل وتعبيرات العلاقة مع الاحتلال ودولته العنصرية الاحتلالية.
عند انعقاد مؤتمر العلمين الأول لقادة الفصائل حاولنا ان نتفاءل استنادا الى مقولة " تفاءلوا بالخير تجدوه"، ولكن جاءت الوقائع لتؤكد ان الانقسام ومَن وراءه أقوى من أي تفاؤل. ولا نستطيع القفز على وتجاهل حقيقة انه ومنذ اجتماع القوى والتنظيمات الفلسطينية الأخير لم يتحقق في ارض الواقع الوطني الفلسطيني أي منجز واقعي وملموس باتجاه استعادة الوحدة الوطنية بكل مستوياتها ومؤسساتها وبرامجها وهياكلها، وصولاً الى وحدة الموقف الوطني والسياسات الوطنية وعلى كل المستويات وفي كل المجالات.
والأغرب انه لم تتبلور ولم تقدم وتعلن من أي تنظيم او طرف، أي مبادرة جدية ومسؤولة وعلى درجة من الواقعية ومن إمكانية وقابلية التحقق حتى الآن وبعد مرور زمن كاف على اجتماع القوى في مصر، ولا تم أيضا أي اجتماع لكل القوى والفصائل الفلسطينية لمتابعة هذا الأمر ولا بادر أي تنظيم او جهة الى الدعوة لمثل هذا الاجتماع.
وما بين العلمين والعلمين مازال الشعب الفلسطيني يقدم يوميا الشهيد تلو الشهيد والأسير تلو الأسير، ويا تُرى كم علمين سنحتاج؟؟