رغم كل الدمار والخراب الموجع الذي أحدثته وتحدثه الحرب ففي نهاية المطاف ستتوقف الحرب، وكي لا يفقد الفلسطينيين المستقبل كما كل ما فقدناه في الحرب المدمرة فالتفكير في المستقبل حتى ولو كان هذا المستقبل بائسا وظالما، وما سيترتب عليه من نتائج سلبية لا نرغبها، إلا أننا يجب ألا نفقد المستقبل الذي تضاءلت فرصه في أن يكون على مقاس آمالنا وأهدافنا التي رغبناها لأن الحرب هكذا تعرف أطرافها كيف تبدأ ولا تعرف كيف تنتهي لأن النتائج تفرض نفسها، ففي الحروب هناك دائما منتصر ومهزوم، بغض النظر عن الأداء والأثمان.
الأهم من ذلك ألا نذهب نحن الفلسطينيون لاستمرار المأساة بخلافاتنا وأطماعنا في الحكم التي ليس لها معنى في الصراع على الاوضاع الجديدة التي تفرضها نتائج هذه الحرب وحذاري أن تستمر دائرة خلافاتنا على من يحكم ومن لا يحكم.
صفحة تطوى وصفحة جديدة تفتح، طويت صفحة نوعية كانت من أخطر وأهم صفحات التاريخ الفلسطيني، حملت تفاصيل ومعاناة وخسائر كبيرة وانجازات أيضا كبيرة وغير مسبوقة في الحرب والسلم.
هذه الصفحة التي طويت كانت مدتها ثلاثة عقود بدات بأوسلو بنهايات عام ١٩٩٣ وانتهت بنهايات عام ٢٠٢٣، نعم ثلاثة عقود تحتاج مجلدات لرصد تفاصيلها وكل ما حدث فيها يمكن تسميتها مرحلة بدايات الحصول على الحلم بالتحرر وإقامة الدولة الفلسطينية، أخفقنا في تحقيق الحلم كاملا، ذلك سواء بفشلنا في إدارة أنفسنا ومجتمعنا وأوراقنا او أفشلها الإحتلال، أو كلانا، فلا فرق عند النتائج، ولكن الفرق كان في طبيعة هذه الحقبة التي حملت أملا في تغيير الواقع وإحلال السلام وانهاء الصراع.
ثلاثة عقود كانت صفحة مليئة بالدروس والعبر ليس للفلسطينيين والاسرائيليين فقط بل كانت دروسا للمنطقة والاقليم والعالم ، وفشل حقبة او مرحلة لا تعني نهاية الطريق، فطبيعة الصراع أن ننتهي من تحدي ويظهر تحديات جديدة، لأن الواقع يفرض بقاء البحث عن صفحة جديدة ليراجع الجميع ويستخلصون العبر، وتبدأ محاولة أخرى لإدارة الصراع بحثا عن إمكانية إنهاء هذا الصراع المرير ، وقد ننجح، وقد لا ننجح، والنجاح هنا لكل أطراف الصراع لتحقيق الحقوق وانتاج السلام العادل، ليس لطرف واحد، فإما النهوض للجميع، وإما أن يبقى الجميع في دوامة لا تنتهي، ولكن بالتأكيد سياتي وقت لمحاولة ناجحة، متى؟؟ لا احد يستطيع التنبؤ بذلك، فحالة الصراع هنا غير مسبوقة، إنها ليست حالة استعمار، بل هي حالة استبدال شعب على أرضه بشعب آخر على نفس قطعة الأرض وهنا تكمن المعضلة.
آنيا ننتظر النتائج، اقصد نتائج الحرب، فقد تمتد الحرب او الاحتلال طويلا، وقد يغيب كل هؤلاء عن مسرح الواقع الجديد الحاسم حين يجدوا حلا للدولتين وقد لا يجدوه واراه فؤ هذه الأثناء شعارا مضللا ومراوغا من امريكا والغرب لزوم التحييد للآخرين مع أننا نريده ونتمناه لتصبح لنا دولة.. دعونا ننتظر ونرى النتائج، فغزة عادت للقرن الحجري اذا لم تبق تحت الاحتلال طويلا ..
الذي حدث وما يحدث كبير جدا والتغيير سيكون موازيا لحجم الحدث لدى الفلسطينيين والاسرائيليين.
أنوه، إذا استمرت حالة الصراع والاختلاف بين الفلسطينيين وفرضت نفسها واستمر ما كان من مفاهيم وسلوكيات قبل الحرب وأقصد هنا الانقسام والفئوية وأطماع حيازة السلطة فهذا يعني أن الحرب لم تغيرنا ولم ناخذ العبر، وهذا منافي لطبيعة الأشياء، ما سيدمر ما تبقى من قضية ومستقبل شعب، رغم ان التغيير الكبير الذي يجب أن يوازي ما حدث يجب أن يفرض نفسه بقوة الواقع، هذا التغيير حتما سيفرض نفسه، ولن تسطيع قوى وافكار وسلوكيات ما قبل الحرب وقف التغيير للمستقبل.