لم يكن السيد المسيح ابن روما، بل ابن فلسطين، ولد في بيت لحم، وبشارته السماوية وقيامته تمت في فلسطين، وعماده على نهر الأردن، فالأردن وفلسطين موطنه، وأتباعه، ورسالته.
لم يكن أوروبياً، لا من موسكو، ولا من لندن، أو أي موقع آخر خارج منطقته، مع التسليم أن رسالته عابرة للحدود، أتابعه لدى كافة الشعوب والقارات والمواقع، كما هو الإسلام عابر للحدود والقوميات، وأتباعه لا تقتصر مواطنتهم على الجزيرة العربية بل تشمل خارطة الوطن العربي، والقارات جميعاً من آسيا إلى إفريقيا إلى أوروبا إلى الأميركيتين، فالدين لا وطن له، بل يمتد في مسعاه، ليشمل كافة الوجود البشري، لأن الدين رسالة السماء إلى بني الإنسان، أينما وجد ورحل وعاش.
الغرب سرق المسيحية من بلادنا، من شعبنا، كما فعلوا بفلسطين، تمت سرقتها علناً بوعد بلفور من قبل الاستعمار البريطاني، لجمع الأجانب من اليهود وتسهيل رحيلهم وتوطينهم عنوة على أرض الفلسطينيين وعلى حسابهم، ومهما كبرت المستعمرة الإسرائيلية وقويت ولكنها لن تملك شرعية الاغتصاب، طالما أن شعب فلسطين حي منتج ونساؤه ولّادة، رجاله يحملون الاستعداد للعمل والتضحية والتمسك بوطنهم وكرامتهم وحقوقهم غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو النسيان بالتقادم.
سرقوا المسيحية من بلادنا، كما سرقوا فلسطين، ولهذا لم يتوقفوا أمام هول الاغتصاب والقتل والتدمير لشعب وأهالي ومدن وقرى وأحياء قطاع غزة، وهم سبق وأن فعلوا ذلك عام 1948، ولكن بدون مراقبة وتصوير ومتابعة، فالفعل واحد موروث من قبلهم، وفعلوا بالشعب الفلسطيني كما فعلت القيصرية الروسية، والنازية الألمانية، والفاشية الإيطالية بهم.
سرقوا المسيحية منا، ولهذا لم يتوقف البطاركة والمطارنة أمام أفعال قوات المستعمرة بالمسيحيين والمسلمين في فلسطين، بلد السيد المسيح، مع أن كنائس الفلسطينيين الثلاثة: المهد والبشارة والقيامة، تحزن لحزن شعبها وأتباعها في فلسطين، لأن شعبهم وكنائسهم ومدارسهم ومستشفياتهم وبيوت عائلاتهم، في غزة، كما ذكر قداسة البابا في رسالته الميلادية عن هول الفاجعة التي تمس شعب فلسطين على يد المستعمرين الإسرائيليين.
شعب فلسطين يواجه الموت والقتل والإعدام والتدمير، ويواجه في نفس الوقت الجوع والحرمان وفقدان حق الحياة، لا كنائس لندن وموسكو وامتدادهم، يشعرون بوجع المسيحيين والمسلمين وآلامهم من شعب فلسطين.
أعياد الميلاد، للسيد المسيح الفلسطيني الأول، الفدائي الأول، المتفوق بالتضحية ونكران الذات والرحيل المبكر، يوم عيده وميلاده، بلا فرح، لأن شعب فلسطين كما هو السيد المسيح مصلوب على أرض وطنه، بفعل التحالف ما بين الاستعمار الروماني آنذاك وخيانة الأسخريوطي، وكما هو اليوم حيث قساوة المستعمرة وعنصريتها وفاشيتها وأفعالها المشينة، وخيانة قيم الإنسان من قبل من يقف مع المستعمرة، ومن يؤيدها، ومن يدعمها، ويوفر لها الغطاء السياسي والحماية من المساءلة، كما تفعل الإدارة الأميركية التي وفرت أحمال 230 طائرة شحن و30 سفينة نقل بهدف توفير السلاح والقنابل والأدوات التدميرية التي تقتل الفلسطيني سواء كان من أتباع السيد المسيح أو من المسلمين الذين يحترمون رسول المحبة والسلام كما يحبون كافة الرسل والأنبياء وفي طليعتهم نبي المسلمين ورسولهم.