اللقاء طويل وشامل وله أهمية في هذا الوقت للمراجعة، ففي كل جملة وكل تساؤل وكل إجابة الكثير للاطلاع وإدراك الحال والمستقبل.
دون توتر عال وبكل ثقة محمد دحلان في لقائه أمس مع طوني خليفة في برنامج :توتر عال" رغم شائكة تساؤلات مقدم البرنامج ووعورة تفرعاتها ، كرر دحلان للمرة الألف بأنه لا يريد مناصب وهو بفهمه المختلف والمتطور يضع نفسه خادما لشعبه يساهم بخبرته وعلاقاته وامكاناته بما يسهل حياة الفلسطينيين وخاصة أهل قطاع غزة المدمرة والمنكوبة، هذا كان رده على السرال المنزوي الدائم الطرح في كل لقاءاته الاعلامية لظن الجميع بأنه يسعى للسلطة او الرئاسة وأكد حتى لو طالبه الناس بالمنصب لإنقاذ البلد فهو يمكنه مشاركة من ينتخبهم الشعب او من سيديروا الوضع انتقاليا بكل إمكانياته السياسية والعربية والدولية فلماذا يتساءلون في كل محطة عن الموقع الذي يسعى إليه وهو لا يسعى لمنصب او وظيفة في الحالة الفلسطينية أيا كانت تطوراتها سواء ترتيبات ما بعد الحرب أو أجراء الانتخابات في أي وقت.
كان الأهم في لقاء دحلان إجابته على سؤال حول اغتيال الشيخ صالح العاروري وتوقيت ذلك بأنها حالة الحرب والمأزق الإسرائيلي فيما حدث في 7 أكتوبر وما بعده، وصراع القيادة الإسرائيلية مع الزمن لاسترداد ما هدر من صورتها خلال ال 3 أشهر السابقة على الاغتيال، وحاجتها لصورة نصر، اما ما يمثله مكان الاغتيال في الضاحية المحصنة أمنيا قال دحلان هي الفرصة المتاحة للهيجان الاسرائيلي لا توفرها اسرائيل وليست حسابات الأمن فقط بل عوامل عدة وهم استغلوا الفرصة المتاحة لتحقيق ما يتوقعون من الاغتيال من تغيير مجرى الحرب لصالحهم. وقد أكد دحلان في إجابته على نقطة أمنية في غاية الأهمية وتكرر الوقوع فيها من قبل القادة المطلوبين وهي أن "من هو مطلوب يجب ان يتصرف بأنه مطلوب" وليس كأنه مطلوب، فالفارق كبير فالأولى انه مطلوب يجب أن يأخذ كل الحذر وطوال الوقت دون استرخاء وخاصة أن قائمة الاغتيالات كانت معلنة منذ زمن وأكدها مجلس الحرب الاسرائيلي أكثر من مرة بأن الشيخ صالح العاروري على قائمة الاغتيال، والثانية أي "كأنما هو مطلوب" فيمكن الاسترخاء لبعض الوقت والمكان، والغالب أنه كان هناك نوعا من الاسترخاء.
أما ردود دحلان في اللقاء على ما طرح من تساؤلات فهي وجهات نظر يطور بها مشاركاته في دوره الوطني وليس شرطا أن يقدم المرء رأيه او مشاركاته بوجوده في أحد المناصب صغيرا او كبيرا، وهذا موقف سامي ومقدر لدحلان.
كان سؤال عما طرح بشأن المحاسبة بين الفلسطينيين أكد دحلان بأن ليس هذا وقت المحاسبة ومحاسبة حماس الآن كلام فاضي فهذا وقت تمتين صمود شعبنا والتصدي لمخططات التهجير والأهم توفير احتياجات بنات وأبناء شعبنا النازحين في جنوب غزة وتوفير الماء والغذاء والدواء والخيمة حيث تدنت احتياجات الناس لسد الرمق ومعاناتهم الحياتية وهذا هو الدور المطلوب الآن.
وحين سئل دحلان بإلحاح من طوني خليفة، لكن لو أردنا المحاسبة فمن اين نبدأ؟ قال دحلان فلنبدأ من المقاطعة في رام الله وبدل من طرح المحاسبة في غير وقتها كنت أتمنى أن تبادر المقاطعة بوضع مائة مليون دولا في رفح لتوفير احتياجات الناس في غزة الذين يتضورون جوعا تحت البرد القارص وينامون في العراء دون خيمة أو بطانية أو حتى ملابس.
ماذا قدم محمد دحلان لغزة يقال إنك الأكثر ثراءً بين قيادات الشعب الفلسطيني أنت وسهى عرفات؟
قال دحلان؛ لا تذهب طوني وراء الاشاعات، عائلة ياسر عرفات ظلمت، ياسر عرفات عاش واستشهد وهو فقيرا ماليا وانا شاهد على ذلك ومن يدعي غير ذلك فليقدم ما يثبت ذلك ولا مكان للتشويه، ياسر عرفات وطنيا وماليا أشرف فلسطيني مر على الشعب الفلسطيني وأشرف مسؤول فلسطيني أيضا مر على الشعب الفلسطيني ولا اطلب ان يكافئني ياسر عرفات وهو في قبره ولكن يجب الا نزعجه في قبره وهذه شهادة للتاريخ. أما ما أقدمه فانا أقدم ما أستطيع في كل لحظة وهمي اليوم أن أقدم للناس ما يعزز صمودهم في وجه الهجرة بتمكينهم من مقومات الحياة في رفح وعلى كل مستويات الاحتياج لأهلنا في الداخل والخارج.
وعن سؤال ان غزة لن تسامحك على تسليم غزة لحماس، قال دحلان، أنا تركت السلطة من اثنتى عشر سنة، فماذا فعلوا؟ وإذا أنا سلمت غزة، لماذا لم يأتوا حينها او بعد ذلك ليرجعوها؟ لماذا لم يرجعوا غزة حتى اليوم؟ وانا لو كنت المشكلة كما يدعوا في رام الله وحماس في حينها أيضا، لماذا بقوا في هكذا خراب ودمار في كل مكان وكل شيء، الوضع النفسي، الوضع الاجتماعي، الوضع التعليمي، الوضع الاقتصادي، وتهربوا من أهل غزة ومعاقبتهم، وأترك لك طوني التقييم وأترك للشعب الفلسطيني التقييم، عندما كنا وياسر عرفات كان هناك أمل، ماذا يوجد الآن سوى الركام والخراب؟ لكن لا أريد ان أبث حالة إحباط، فالشعب الفلسطيني سينهض من هذه النكبة وهي نكبة تشمل الضفة الغربية وغزة حين ترى ماذا يفعل الاحتلال الاسرائيلي في القدس وطولكرم وفي الخليل وأريحا ونابلس وفي جنين، وجنين بالمناسبة أصبحت مدمرة مثل غزة، وأنا مقتنع من ان الشعب الفلسطيني يستطيع أن يصنع أملا وهذا سيحدث ان شاء الله قريبا بغض النظر عن هذا اليأس.
في اجابته على سؤال هل انت المنقذ الصالح لإصلاح ما فعله الآخرون؟ قال دحلان انا لا أبحث عن سلطة ولم لكن ابحث عن سلطة وأنا أستطيع ان أساعد، وسأساعد، ولن أتخلى عن مسؤوليتي الوطنية، فهمي للرئاسة مختلف وفهمي للمسؤولية مختلف، المسؤول هو عبد للناس والشعب الذي يخدمه.
عند سؤاله عن خليفة ابو مازن، قال دحلان، أنا أعتقد أن زمن الرموز انتهت بعد عهد ياسر عرفات وزمن الرؤساء الفرديين انتهى مع ابو مازن، وزمن القيادة الجماعية يجب ان يبنى بعد هذه الكارثة وبعد هذا الانفجار وهذه الحرب قد تكون فرصة لإسرائيل أن تفكر في أن استمرار الاحتلال لن يجلب أمنا، وأن كي الوعي الاسرائيلي الذي حدث يؤكد بان الاحتلال الإسرائيلي لن يقهر شعب يبحث عن الاستقلال والحرية، ومازلنا نقول حتى الآن أننا نريد أن نعيش جنبا إلى جنب مع الشعب الاسرائيلي، وما فعلته حماس هو عمل عسكري مهني فاجأ إسرائيل وشل الوعي الإسرائيلي، وشل القدرات العسكرية الإسرائيلية، وعجزت اسرائيل لمدة ست ساعات ثم ليومين من أجل أن تستعيد السيطرة على مدن غلاف غزة، واذا كان لإسرائيل أن تأخذ عبر من ذلك عليها أن تتجه نحو السلام وليس نحو الانتقام، ويجب عليهم الا يعتقدوا ان الشعب الفلسطيني سيستكين ويستسلم ويسلم اوراقه للاحتلال واذا استمر هذا الاعتقاد كما تفكر حكومة نتنياهو الحالية سينشأ جيل فلسطيني أقسى من الجيل الحالي وستكون اسرائيل في مأزق.
وعن العداء مع حماس فقال دحلان كان بسبب الانقلاب الذي فعلته حماس وهي أكبر غلطة ارتكبتها حماس وترتب عليه الكثير ما نحن فيه الآن ومن انفجار كان متوقعا، وأنا بقناعاتي ذهبت للمصالحة مع حماس لما لذلك من فائدة للشعب الفلسطيني وعملنا تفاهمات مع يحيي السنوار في مصر لمساعدة أهلنا في قطاع غزة المحاصر حينها، وساهمنا في تقديم الكثير من احتياجات قطاع غزة في وجود حماس بتلك المصالحة والتي بدونها لم تكن لتصل تلك المساعدات، ولست شخصيا محملا بأحقاد الماضي ولذلك قمت بالمصالحة.
وقال دحلان، ان إيران وأذرعها تدافع عن إيران والذي يدافع عن فلسطين هم الفلسطينيون فقط.
عن سؤال بعد ثلاثة شهور من الحرب ماذا يتوقع محمد دحلان؟ ما هو مصير غزة؟ وما هو مصير الحكومة الاسرائيلية؟ هل سيكون نكبة تهجير جديدة؟
قال دحلان لن يكون في هذه الحرب منتصر والكل خاسر والرئيس السيسي مشكورا ونثمن عاليا موقفه الشخصي والوطني بمنع موضوع التهجير.
وقال دحلان النصر في مفهومي كيف تنجز لشعبك متطلباته اليومية واحلامه السياسية، وليس بأعداد القتلى والدمار.
دحلان أكد ان القيادات الجديدة والفصائل تستطيع تغير هذا الواقع الى انجازات سياسية بدعم من الدول العربية وعلى من كانوا يراهنون على محور المقاومة يجب أن يراجعوا أنفسهم وتساءل دحلان، أين هو محور المقاومة؟ وأين وحدة الساحات؟ لن يكونوا راس حربة لمواجهة اسرائيل وحين تكون المواجهة مع اسرائيل فالشعب الفلسطيني هو الذي يقاتل.
إيران تعمل لصالح ايران، لا تريد ان تحرر القدس ولا تريد ان تحرر الشعب الفلسطيني ولم تبن مستشفاً ولم تبن غرفة عيادة في فلسطين، وانا لا الوم حزب الله ومحور المقاومة فهم في مازق الآن طبقا لشعاراته وطبقا لأيديولوجيته وبرامجه وتعبئته عبر السنوات الماضية.
الشعب الفلسطيني لن يموت والشعب الفلسطيني الذي صمد ٧٢ سنة سيجد طريقه نحو الاستقلال بدعم من الخيرين من الدول العربي والمجتمع الدولي، هذه الحرب أحدثت هزة في الوعي الدولي والجمعي للناس حتى اليهود في أميركا يتظاهرون ضد الحرب ويؤيدون إقامة دولة فلسطينية، هناك أناس ما كانوا معتقدين أنو في شعب فلسطيني، اليوم يتظاهرون لدعم الشعب الفلسطيني، فكيف الاستفادة من ذلك لتطويره وتسخيره للشعب الفلسطيني بالتعاون مع الدول العربية التي تستطيع تقديم المساعدة المطلوبة لنا ويكونوا مشكورين.
واختتم دحلان بالإجابة على سؤال طوني خليفة كيف تفكر في القادم؟ وكيف ستتصرف اسرائيل؟ وكيف ستتصرف الفصائل الفلسطينية؟
قال دحلان، الحاكم لتجربة الشعب الفلسطيني هي الانتخابات، والشعب هو من يقرر قيادته، والشعب الفلسطيني هو من ينتخب، ويقرر مستقبله القادم، وعن تعلق الجيل المعاصر لهذه الحرب قال دحلان الشعب الفلسطيني بتعلق بالشخصيات والرموز القوية التي تؤمن له الحماية والحماية ميدانية وسنرى كل النتائج في الانتخابات القادمة، أما عن وضع نتنياهو فختم دحلان قائلا، لا أرى لنتنياهو وحكومته مستقبلا بعد الحرب وستتغير الخارطة الحزبية في اسرائيل.