تبدأ محكمة العدل الدولية، التي تنطلق يوم غد الموافق الحادي عشر من كانون الثاني الجاري، النظر في الدعوى المقدّمة من قبل دولة جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الصهيوني لارتكابه جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وتستند الدعوى، التي وافقت المحكمة على النظر بها، إلى مجموعة من العناوين المبنية على أساس كمية كبيرة من الوثائق الصادرة، ليس عن ممثلي الشعب الفلسطيني، بل عن العدو المحتل نفسه أو عن منظمات الأمم المتحدة ومسؤوليها، الأمر الذي يضع هذا العدو ومن يسانده، في حالة محرجة للغاية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما كان يجري، في مراحل سابقة، من تزوير للحقائق تحت عنواني “الهولوكوست” و”العداء للسامية”…
والمهم في الأمر أن الدعوى تصدر عن بلد وشعب عانيا الأمرّين من سياسات الفصل العنصري والتنكيل والقتل ومحاولات الابادة الجماعية، وناضلا طويلا للتحرر منها. كما أنهما خبرا دور الكيان الصهيوني في دعم تلك السياسات العنصرية المجرمة، وفي الاستفادة منها سياسيا واقتصاديا، تماما كما يجري اليوم بين نتنياهو وحلفائه داخل الحكومة وبين اليمين المتطرف الأوروبي (المعروف بمعاداته للسامية)، خاصة في قيادة حكومات ألمانيا والمجر وهولندا… فالغاية تبرر الوسيلة. والغاية، هنا، تكمن في دعم مخطط الترانسفير للاستيلاء على قطاع غزة ذي الموقع الاستراتيجي وعلى ما يحتويه بحره من ثروات، دون أن ننسى أن هذا المخطط يشكّل جزءا من مشروع أوسع يطال الضفة الغربية وقسما كبيرا من لبنان وسوريا وصولا إلى العراق وإضافة إلى سيناء.
لذا، لا بد من حملة شعبية عربية واسعة، تنطلق ابتداء من الغد، دعما لموقف دولة جنوب أفريقيا. حملة تهدف إلى، أولا، إلى وقف العدوان، وثانيا، إلى التأكيد على الحقائق التي تتضمنها الورقة المقدّمة إلى المحكمة الدولية والتي تستوجب، بعد وقف العدوان مباشرة، تكبيد الكيان الصهيوني ثمن جرائمه سياسيا وماديا.
كما يجب أن تهدف تلك الحملة إلى توسيع دائرة الدول التي تدعمها، من جهة، وإلى فضح الدور الرسمي العربي المتواطيء مع العدوان والمنفذ المطيع لسياسات الامبريالية الأميركية ضد شعوبنا.
فلنتحرّك.