محطة 7 تشرين أول أكتوبر عام 2023، على الطريق الصعب الدامي الذي يخوضه الشعب الفلسطيني عبر حركته الوطنية المقاومة ضد الاحتلال والعنصرية والصهيونية وكافة مظاهرها العسكرية العدوانية المتطرفة.
7 أكتوبر محطة مما يعني انها ليست المحطة الأولى، فقد سبقتها محطات، وهي ليست الأخيرة والنهائية، بل سيعقبها محطات، كما حصل لغيرها من قبلها.
محطة 7 أكتوبر، بما حملت من مبادرة وبما حققت من إنجازات، وتداعيات سجلت أنها المحطة الرابعة الرئيسية لنضال الشعب الفلسطيني المتعدد الاشكال والأدوات، مما يعني ان ثلاث محطات سبقتها تركت آثارها وبصماتها وافعالها وهي :
المحطة الأولى، وهي مرحلة ما بعد النكبة الفلسطينية والتشرد عن الوطن، وتبديد الهوية والجغرافيا والتمثيل والقيادة، حيث انخرط قادة الشعب الفلسطيني بالاحزاب العربية والقومية واليسارية والدينية، وتمزقت رؤاه ما بين الحل القومي والوحدة العربية، إلى الانحياز لفكر اليسار والاعتماد على الشيوعية والاشتراكية كسبيل لحل المشاكل الوطنية والقومية والطبقية، واعتبار أن الاسلام والخلافة هما الطريق التاريخي المجرب الذي ورثناه عن الأجداد.
ومقابل هذا كله برزت الفكرة الوطنية واستعادة الهوية الفلسطينية المبعثرة، وولادة منظمة التحرير من المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس في شهر أيار عام 1964، والتمثيل السياسي الذي حظي بالاعتراف الوطني والقومي والدولي، كانت تلك المحطة الأولى التي جسدت الهوية الوطنية والتمثيل الموحد، والخيار الكفاحي نحو الوطن، وما حملت تلك المرحلة بما لها وعليها.
المحطة الثانية تمثلت بالانتفاضة الأولى على أرض الوطن بدءا من أواخر العام 1987، انتفاضة الحجارة، التي هزمت قوات العدو على شراسته وتفوقه أرغمت إسحاق رابين على التسليم والاعتراف بالعناوين الثلاثة:
1 - بالشعب الفلسطيني، 2 - بمنظمة التحرير، 3 - بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، وفق اتفاق اوسلو الذي تم التوقيع عليه في ساحة ورود البيت الابيض الأميركي يوم 13/9/1993، وعليه جرت الخطوات العملية:
1 - الانسحاب الاسرائيلي التدريجي متعدد المراحل من المدن الفلسطينية بدءا من غزة وأريحا أولا، 2- عودة الرئيس الراحل ياسر عرفات ومعه ومن خلاله بين سنوات 1994 وحتى 1999، حوالي أربعمئة الف فلسطيني عادوا إلى مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، 3 - ولادة السلطة الفلسطينية كمقدمة لقيام الدولة المستقلة 4 - نقل العنوان والموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن ، وأصبحت القضية الفلسطينية عنوانها فلسطين وأدواتها الشعب الفلسطيني داخل وطنه، ونضاله ضد عدوه الواحد وهو المستعمرة الاسرائيلية واحتلالها.
وعلينا أن نتذكر أن إسحق رابين دفع حياته ثمنا لتنازله عن «أرض إسرائيل» و«خيانته» للمشروع الصهيوني التوسعي.
أما المحطة الثالثة فكانت الانتفاضة الثانية شبه المسلحة، التي انفجرت عام 2000، بعد فشل مؤتمر كامب ديفيد بين يهود باراك وياسر عرفات برعاية الرئيس الأميركي كلينتون.
وقد أرغمت فعاليات الانتفاضة الثانية شارون على الرحيل من قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال.
وها هي المحطة النوعية الرابعة يوم 7 أكتوبر 2023، مازالت فعالياتها قائمة وتداعياتها لم تتوقف، وحققت نقلة نوعية في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية وتضحيات شعبها وبسالة مقاتليها.