بعدما ما يقارب مرور 135 يوما للحرب على غزة لم تكتفي فيها حكومة الحرب من تدمير للاماكن السكنية والبني التحتية والصحية فهي تحاصر قطاع غزه وتمنع الماء والغذاء والدواء والمحروقات والكهرباء عن أهل غزه إلا في حدود ضيقه يفترض في دول العالم أن تخجل من نفسها أمام هول الجريمة المرتكبة بحق أهل غزه واستهتار حكومة الحرب الصهيونية بكافة القوانين والمواثيق الدولية ، ، في ظل استمرار الحصار وسياسة التجويع التي تمارس بحق غزه يتفاقم سقوط المنظومة الأخلاقية والإنسانية للعالم الغربي، في مستنقع الصمت والهوان والتعامي وصمّ الآذان عن جرائم قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. هذه الجرائم التي أوقعت حتى الآن، ما يزيد على 100 ألف بين شهيد وجريح ومفقود؛ جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن، وتشريد نحو مليون وتسعمائة ألف، ودمار حوالي 75% من أبنية ومنشآت ومرافق القطاع.
حذرت منظمة أنقذوا الأطفال Save the Children من أن الوفيات في قطاع غزّة بسبب المجاعة والأسباب ذات الصلة قد تتجاوز قريبا ما يقرب من 22,000 حالة وفاة ناجمة مباشرة عن الهجوم العسكري...
واتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل في 11 يناير/كانون الثاني بارتكاب جرائم إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي. وأوضحت في قلب حجتها أن إسرائيل تدمر الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة من خلال المجاعة. وتحظر المادة 2 (ج) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية «إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا». وادعت إسرائيل إن الاتهامات «لا أساس لها من الصحة»
انهار النظام الغذائي وانهار معها القطاع الصحي بسبب الحصار والتدمير الممنهج من قبل قوات الاحتلال للمستشفيات والمرافق الصحية ، وانهارت البنية التحتية الأساسية للمياه النظيفة والصرف الصحي. ووفقًا للجنة مراجعة المجاعة Famine Review Committee (FRC)، يواجه سكان قطاع غزة احتمالًا حقيقيًا بمواجهة المجاعة ، وبدون اتخاذ إجراءات فورية، سنشهد وفيات جماعية بسبب الجوع أو تفشي الأمراض. و تقوم لجنة مراجعة المجاعة بتسليم تقييماتها إلى مجموعة من وكالات الإغاثة الدولية التي تدير نظام إنذار مبكر يعرف باسم التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي
وتأتي سياسة التجويع والتعطيش، لتشكل شاهداً حياً على جريمة القرن الحادي والعشرين لترتقي في فظاعتها لجريمة الهول وكست ، ترتكب على مرأى ومسمع دول العالم وقياداته العسكرية والسياسية، وهي الوجه الآخر لجرائم الإبادة الجماعية. فقد منعت أو عرقلت قوات الاحتلال وصول المساعدات إلى كافة مناطق القطاع، بل تعمّدت قصفها من البحر مؤخراً، وقيام المستوطنون بمهاجمة ومنع شاحنات المساعدات من عبور معبر كرم أبي سالم. وهذا ما أكده المفوض العام للأونروا بقوله " إن آخر مرة أوصلنا فيها الطعام إلى وادي غزة وشمالها كان في 23 يناير/ كانون الثاني، وأن نصف طلباتنا لإيصال المساعدات رفضت منذ بداية العام " .
وزير المالية الإسرائيلي اليميني بتسلئيل سموتريتش يمنع دخول شحنة طحين (دقيق) أمريكي إلى قطاع غزة عبر ميناء أشدود؛ بدعوى أنها مخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ونقلا عن مسئولين أمريكيين وإسرائيليين لم يسمهم، قال المراسل الدبلوماسي لموقع "والا" باراك رافيد إن سموتريش يمنع دخول شحنة طحين ممولة من الولايات المتحدة إلى غزة؛ بدعوى أنه من المفترض أن توزعها "الأونروا" في القطاع الفلسطيني.
وقال مسئولون أمريكيون كبار إن هذا "انتهاك للالتزام الذي قطعه رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتني اهو للرئيس (الأمريكي جو بايدن) شخصيا قبل بضعة أسابيع، وسبب آخر للإحباط الأمريكي الكبير من نتنياهو".
موقع عبري أوضح أن "شحنات الطحين إلى غزة كانت قضية أُثيرت على أعلى المستويات بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ أكثر من شهر، ووافق مجلس الحرب والمجلس الوزاري السياسي والأمني (الكابينت) على نقل الطحين من ميناء أمشدود إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم".
وسبق لكل من بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن شكرا علنا الحكومة الإسرائيلية قبل بضعة أسابيع، لموافقتها على المساعدة في نقل شحنات الدقيق إلى غزة، التي تشن إسرائيل عليها حربا مدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وعلى الرغم من كل الموافقات، إلا أن شحنات الدقيق لا تزال عالقة في ميناء أشدود منذ عدة أسابيع، بحسب الموقع.، وقال مسئولون إسرائيليون كبار للموقع إنه "تم إبلاغ سموتريتش، المسئول أيضا عن الجمارك، بأن شهادة الشحن تنص على أن المُستخدم النهائي للدقيق هو وكالة الأونروا".وأضافوا أن سموتريش أمر الجمارك بعدم الإفراج عن شحنة الطحين من الميناء الإسرائيلي، طالما أنها متجهة إلى "الأونروا".
إنّ كلّ هذه الممارسات تشكل خرقاً واضحاً وفاضحاً لما جاء من إجراءات احترازية في قرار محكمة العدل الدولية، والتي تنص أنّ «على إسرائيل أن تتخذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني في غزة».
وفي ذات السياق ، يأتي احتجاز الكيان الصهيوني 2 مليون دولار مخصصة للأونروا في بنوكه، ومحاولات حكومة الحرب إغلاق مقرات ومنشآت خاصة بهذه المنظمة الأممية، لتضييق الخناق عليها، وحصارها مما يعني حصار اللاجئين الفلسطينيين؛ لكونها تمثل شريان حياة بالنسبة لهم.
وإمعاناً بفرض التجويع والتعطيش على سكان القطاع، استهدفت قوات الاحتلال مستودعات ومخازن المؤن والمواد الغذائية، وطوابير الأهالي، الذين اصطفوا ليظفروا ببعض الطعام والماء؛ إذن فالأمر لم يعد يقتصر على منع إدخال المساعدات. مع التذكير بأنّ إدخال المساعدات للسكان الآمنين زمن الحرب، مسألة غير قابلة للتفاوض، أو المساومة السياسية، كما تفعل دولة الاحتلال وداعميها؛ لأنّ ذلك يتعارض مع القانون الدولي الإنساني، الذي وافقت عليه 153 دولة، ويشكل أيضاً خرقاً لقرار الشرعية الدولية بوجوب حماية المدنيين.
المقررة الامميه لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا البانيز: قالت «إنّ المجاعة التي يعانيها سكان قطاع غزة لا نظير لها في العالم كله، وأنّ هناك أموراً تدعو إلى الصدمة، بعد القرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية، وأنّ الدول الأعضاء لم تنفذ حتى الآن أوامر المحكمة، وأول هذه الدول " إسرائيل "،
إذا استمرت الكارثة الإنسانية في غزة في مسارها الحالي، فإن التوقعات بالوفيات الجماعية بسبب المرض والجوع والتعرض للخطر سوف تتحقق. وإذا قُدّمت المساعدة الإنسانية على وجه السرعة وعلى نطاق واسع، فإن الوفيات الناجمة عن الجوع والمرض سوف تستقر وتنخفض، ولكنها ستستغرق بعض الوقت للعودة إلى مستويات ما قبل الأزمة. وحتى مع الوقف الفوري للأعمال العدائية وتقديم المساعدات الطارئة، إلى جانب الجهود المبذولة لاستعادة خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية، فإن الوفيات ستظل مرتفعة لأسابيع أو أشهر. وحتى هذا من شأنه أن يشكل مجاعة " كبيرة "،
عُرّفت جريمة الحرب المتمثلة في التجويع في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنها: «استخدام تجويع المدنيين وسيلةً من وسائل الحرب عمدًا من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك تعمد إعاقة إمدادات الإغاثة على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف ".
المواد التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة لا تشمل الغذاء فحسب، بل تشمل أيضًا الماء والدواء والمأوى. ولا يعد موت الأفراد جوعًا شرطًا لتحقق ارتكاب الجريمة، بل يكفي حرمانهم من المواد التي لا غنى عنا لبقائهم على قيد الحياة. وخلصت هيومن رايتس ووتش وآخرون إلى أن تصرفات إسرائيل في قطاع غزة تحقق شروط جريمة الحرب المتمثلة في التجويع.
وقد كتب الجنرال غيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي:" قد يتساءل الناس عما إذا كنا نريد لشعب غزة أن يموت جوعًا. لا نريد ذلك [...] يجب أن يقال للشعب إن أمامه خيارين: البقاء والجوع، أو المغادرة». وهو ما يُعدّ جريمة تجويع أيضًا.
إن حرب الحصار على غزه ليست غير قانونية في حد ذاتها، ولكنها يمكن أن تصبح كذلك إذا حرمت المدنيين بشكل غير متناسب ومنهجي من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال ، إنه "لا أحد في غزة لديه ما يكفي من الطعام"، معربا عن قلقه بشأن قلة الغذاء في القطاع. ، وقال غوتيريش في اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن السلام والأمن الدوليين: "يؤسفني القول إن عالمنا اليوم يعج بأمثلة على العلاقة المدمرة بين الجوع والصراع".
وأفاد الأمين العام أن "من بين 700 ألف شخص يعانون من الجوع في العالم، يعيش 4 من كل 5 منهم في هذا القطاع الصغير". وقال الأمين العام إنه "يجب على الأطراف كافة في جميع الصراعات أن تلتزم بالقانون الدولي الإنساني"، ان حرب الحصار والتجويع الوجه الاخر للحرب مما يتطلب سرعة التدخل الاممي لوقف الحرب ورفع الحصار عن غزه وإنقاذ أهل غزه من موت محقق من القصف المستمر المترافقة مع حرب التجويع.