منذ أوقف نتنياهو المفاوضات مع الفلسطينيين عام 2014 ومنع إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى المؤبدات، والضفة الغربية مرجل يغلي على الدوام. لدرجة ان أجهزة المخابرات المحلية والعالمية تحتار في أمرها، فلا هي تهدأ ولا هي تثور بشكل انتفاضة كاملة.
من يبحث عن الهدوء يجد الضفة الغربية وسكانها الملايين الثلاثة وربع المليون نموذجا للهدوء وصورة نموذجية عن عمل السلطة بمؤسساتها ووزاراتها وحكوماتها. ومن يبحث عن الانتفاضة والانفجار يجد فيها جميع عوامل الانفجار القادم من عمليات وتفجيرات وخلايا لا تمل ولا تكل عن محاولة تصدير عمليات داخل تل ابيب وغيرها من المستوطنات !!
من يقرر مستوى الغضب ورد الفعل في الضفة الغربية؟
أجهزة الأمن الفلسطيني غير قادرة وممنوعة عن السيطرة امنيا على الضفة الغربية التي في غالب مناطقها جيم تحت السيطرة الإسرائيلية. وكلما ارادت ان تحكم السيطرة على الضفة تدخل الدبابات الإسرائيلية وتحتل المدن فتثور نفوس الشباب وتندلع المواجهات وينتشر السلاح ويكثر المقاتلين.
المخابرات الإسرائيلية وجيش الاحتلال لا يستطيع أيضا ان يقرر لأن جيش الاحتلال مرفوض ومنبوذ من الغالبية الساحقة من الجمهور الفلسطيني. جيش الاحتلال وجهاز الشاباك غير مؤتمن عند الفلسطينيين ويرون إنه جاء ينتقم منهم ويؤذيهم ولا يدافع عنهم وعن أموالهم واعمالهم وبيوتهم وعائلاتهم. وخلال الشهور الخمسة الماضية هدمت الإدارة المدنية كل ما عملته في السنوات العشر الماضية بلمح البصر، فاختفت وكأنها لم تكن موجودة تماما كما اختفت الإدارة المدنية في الثمانينيات.
حماس أيضا لا تسيطر على الضفة الغربية ومستوى عملياتها في الضفة خلال الحرب على غزة اقل بكثير من عمليات فتح وعمليات الجهاد الإسلامي وحتى عمليات الغضب الفردي. وبغض النظر عن أسباب ذلك الا ان حماس تدعو جماهير الضفة للانتفاضة والثورة أكثر ما تدعو خلاياها.
الامن الأردني لا يتدخل في أمن الضفة الغربية بشكل مباشر أبدا، وليس له محطات ولا مفاعيل وانما ينحصر دوره في حماية المقدسات في القدس وفي العلاقات الطيبة مع سكان الضفة الغربية. بل ان احترام الجمهور الفلسطيني في الضفة للأمن الأردني يوازي احترامه للأمن الفلسطيني صاحب المكان.
إن من يتحكم في هدوء أو ثورة الضفة الغربية الآن وبلا منازع هم جماعات المستوطنين والمتطرفين منهم. هم يقرروا إذا تفتح الطرقات وإذا يجري قطاف الزيتون وإذا يدخل العمال إلى ورشات العمل، وإذا يقومون بالصلاة في الأقصى وفي الحرم الإبراهيمي أو لا.
لقد سلّمت حكومة نتانياهو الأمن في الضفة الغربية لابن الغفير وجماعاته، ولميليشيات المستوطنين والفتية الذين ينتشرون في كل جبال الضفة الغربية.