بعد مرور 157 يوما على الحرب العدوانية ضد جنوب فلسطين في قطاع غزة، وحرب استيطانية خاصة في الضفة والقدس، كان الحضور الرسمي الفلسطيني أضعف كثيرا من الصفة التي يحملها كممثل شرعي وحيد لشعب طائر الفينيق، غاب كثيرا عن محطات الفعل التأثيري، واختفى عن الذهاب الى كسر محور الاستفراد الأمريكي اليهودي الفاشي بقطاع غزة.
الملفت للانتباه، أن بعض أصوات الرسمية الفلسطينية، لم يصمتوا لحظة في المطالبة بأن تعلن حركة حماس تخليها عن الحكم لصالح رسميتهم، رغم أنها "تائهة" في مسار طريق معركة المعرفة السياسية ليس لليوم التالي بل لليوم الحاضر، مطالبة تكشف عمق الغياب عن الوعي بجوهر الحرب العدوانية، أهدافا وسلوكا وممارسات.
أن يصبح الهدف المركزي لتلك "الفئة" حول كيفية تسلم مفتاح الحكم في قطاع غزة، بتخلي حماس عنه، يشير وكأن الخراب العام الذي نفذته قوى الفاشية اليهودية، تدميرا وتخريبا وقتلا لم يكن سوى "حدث هامشي"، يمكن تلافيه وقت أن تعلن الحركة الحاكمة بأنها فقدت شهية السيطرة على قطاع غزة.
والمثير للسخرية، أن الحديث يسير وكأنه ما قبل 7 أكتوبر 2023، وليس بعد مرور خمسة أشهر وسبعة أيام، تغير فيها كل ما كان قائما، بواقع احتلالي جديد يواجه مقاومة ممكنة بقدر المستطاع في مناطق ومناطق، لتأكيد رفض رفع الاستسلام التي يبحثون عنها لكسر عامود الروح الكفاحية.
ومسايرة لفريق "مفتاح غزة الآن"، لنفترض أن حركة حماس أعلنت تخليها عن "حكم غزة"، وطالبت وصول وفد من الرئاسة الفلسطينية القدوم الى قطاع غزة للتسليم والتسلم، وطي صفحة 17 عاما من الانفرادية والانفصالية، هل سيقبل الرئيس عباس تلك "الهدية" ويعلن بأنه قرر تشكيل فوري لوفد الذهاب.
هنا ستبدأ جملة أسئلة "هامشية"، هل ستسمح دولة الاحتلال بسفر الوفد من رام الله الى غزة مباشرة، أم تقطع الطريق عليه وترفض، وعندها لا خيار له سوى بوابة رفح عن طريق مطار عمان الى مطار العريش، لو كان في سرعة من أمره بدل من ضياع ساعات مضافة لو غادر الى مطار القاهرة فرفح برا.
وعلى مدخل معبر رفح، هل يستطيع الدخول دون موافقة دولة الكيان، وفي حال قبولها النظري للوفد بالدخول، كيف له أن "يسير وسط بحر الركام العام"، وكيف له أن يضمن سلامته الشخصية من قصف عدو لا يرى من يكون داخل الأجسام المتحركة، ما لم يضع "علامة مميزة" تمنحهم حصانة أمنية خاصة.
ومع "نجاح الاختراق الكبير" بالعبور نحو محطته لاستلام "مفتاح حكم غزة"، اكتشف وجود فاصل جديد بين جنوب قطاع غزة وشماله، يصبح المرور منه خاضع لإجراءات خاصة جدا تبدأ بقراءة "بصمة العين" مرورا بـ "بصمة الانتماء"، ما قد يفرض عليه البقاء عالقا وسط القطاع عند واديه.
وهنا نادى المنادي على وفد الرسمية الفلسطينية بالذهاب الى منطقة "جحر الديك"، فكانت المفاجأة الكبرى بأن من كان جالسا ينتظره يحمل بندقية ونجمة سداسية وخلفه صورا لما أحدث في قطاع غزة من دمار التاريخ والحاضر، ليؤكد أنه "الحاكم" وبأن المفتاح بات في يده..فما عليه سوى الرجوع حيث أتى أو القبول أن يكون "مندوبا محليا" لتوزيع المساعدات الإنسانية.