بعد "جعلكة" زمنية عاد رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية ليعلن عن قرار مجلسه المصغر بإرسال وفد الى العاصمة القطرية الدوحة، للنظر في "مقترح" حركة حماس حول صفقة تبادل الرهائن وهدنة مؤقتة، وسط إشارات لا يبدو منها "سلاسة" للتوافق، رغم ما قالته إدارة بايدن من "علامات إيجابية" لمقترح الحركة وورقتها المقدمة، بعدما قدمت "تنازلات" بعضها هامة.
سلوك نتنياهو وفريقه الخاص، لا يبدو أي اندفاعة للقيام بعقد "صفقة تبادل جديدة"، رغم أن المؤسسة الأمنية بكاملها، جيش ومخابرات، نصحت بها، والتعامل الإيجابي مع المقترحات الجديدة، كونه يبحث عن إعادة الاعتبار لمكانته المقررة، وبأنه "سي السيد" السياسي، بعد هجوم رئيس الأغلبية الديمقراطية في الشيوخ الأمريكي واليهودي البارز شومر، وتأييد بايدن له، باعتبار نتنياهو العقبة التي يجب أن تزول، فكان سلوكه "الالتفافي" لكسر الاندفاعة الأمريكية.
وتحت ضغط "المؤسسة الأمنية" وبعض أعضاء "الوزاري الحربي" وصراخ عائلات الرهائن في شوارع تل أبيب والقدس، وعلو صوت المعارضة ضده، وافق على إرسال وفد التفاوض، مع تحديد الصلاحيات كي لا تنجر بسهولة، لتأكيد أن المسار ليس بتلك "السلاسة" التي تريدها واشنطن.
وبشكل مفاجئ، بعد قرار الذهاب الى الدوحة بلحظات، قامت قوات جيش الاحتلال بعملية عسكرية واسعة لاقتحام مجمع الشفاء الطبي، تحت ذريعة لن تنتهي لسنوات، بأن حماس عادت لاستخدام المكان، فجاء القرار العسكري الاقتحامي، نتج عنه شهداء وجرحى وتشريد جديد لمن لم يجدوا مكانا يستر حاجتهم الإنسانية سوى هذا المجمع.
اقتحام مجمع الشفاء المفاجئ، هو رسالة سياسية – أمنية واضحة جدا، بأن أي صفقة ستكون لن تمنع مطلقا ما حدث من تغيير في الوضع القائم بعد 7 أكتوبر 2023، والهدف الإسرائيلي العام بتكريس واقع احتلالي جديد لقطاع غزة، ولن يكون تغييرا جوهريا في تلك المهمات، أي كانت الصفقات التي يمكن أن تتم.
اقتحام "مجمع الشفاء" ليس عملية عسكرية بالمعني التقليدي، بل هي أول رسالة سياسية أمنية، ضمن التطورات التي حدثت في قطاع غزة، وترسيخا لها، بأن سلطة الاحتلال باقية وبأن دخولها وخروجها من أي موقع في القطاع مرتبط بما تراه "مصلحة" لها، ولا علاقة له بأي "تفاهم" أو "تفاوض" في صفقات آنية أو لاحقة.
اقتحام "مجمع الشفاء"، وما رافقه من عمل ضمن جرائم حرب مكثفة تنفذها دولة الكيان، هو عمل يضع حركة حماس تحت "إحراج سياسي كبير"، وسيظهرها بأنها فقدت القدرة على التأثير في مسار المشهد، ولا خيار لها سوى "الرضوخ"، وإن رفضت ستضع ذاتها في مواجهة "الضغط الإنساني" لأهل قطاع غزة، الذين باتوا في حال لا يسمح لأي طرف بترف التفكير الطويل للتفاوض بحثا عما تريده حماس شروطا.
اقتحام "مجمع الشفاء"، رسالة الى أطراف "لقاء باريس" بأن الجوهري في المرحلة القادمة ليس سوى "تحسين شروط الحياة الإنسانية" لأهل قطاع غزة، ولا تفاوض حول الوجود الاحتلالي، سواء ما يتعلق بالشريط الأمني في وادي غزة، الذي يتحول الى جدار فاصل بين الشمال والجنوب، أو ما سيكون من "منطقة عازلة" شرق قطاع غزة، وحق "المطاردة الساخنة" في أي وقت تراه ضرورة لها.
توقيت اقتحام "مجمع الشفاء" رسالة سياسية أمنية بالغة الوضوح قبل "صفقة الدوحة"، بأنه لا تغيير على المشهد الاحتلالي العام في قطاع غزة، ورسالة ترضية لمعارضيها، وقبلهم "صفعة ناعمة" للإدارة الأميركية ورئيسها.
ويبقى السؤال الغائب قصدا، هل تواصل حركة حماس المضي بمسارها "التفاوضي" منفردة، والذي لن ينتخ خيرا وطنيا، رغم "الحاجة الإنسانية"، أم تعيد التفكير جذريا وتعلن تخليها عن مسار أثبتت فيه فشلا كبيرا لصالح "بديل أقل جرما وأكثر فائدة سياسية".
ملاحظة: نتنياهو بدأ يدرك معنى التغيير في "المزاج" الشعبي في بلاد الغرب الاستعماري..دخل في "مسرحية عياط كلامي" بأنهم سريعا "فقدوا الذاكرة" حول ما حدث..والصح شكله هو فقد العقل وناسي بان العالم مش محتاج حدا يقلهم لانه مسلسل الإبادة على الهواء دقيقة بدقيقة..ويومك جاي يا "منبوذ".
تنويه خاص: مفيد لو بادر حزب الشعب والديمقراطية ورئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة للعمل على محاصرة حفلة الردح اللي فتحت بين فصائل وفصائل وكأنهم ما صدقوا..بدها فعل تطويقي وبسرعة..الناس مش متحملة "رغي وبرم" مالوش لازمة.