تشكيل حكومة السلطة في رام الله، والنقد الموجه لها من قبل الفصائل، وللرئيس على تفرده في اتخاذ القرار معركة ليست في أوانها، وإن كانت «لن تُخرب الدنيا» ولكنها تفيد أن ما قبل أكتوبر، ما زال بعده فلسطينياً وأن مرض الانقسام، ما زال طاغياً، ويؤكد أن طرفي الانقسام، يدفع كل منهما ثمن ما لديه من سلطة ونفوذ وتفرد، وكلاهما متورط بوعي بقراره وتفرده لأن السلطة توفر لهما المصالح الذاتية، والحزبية الضيقة.
السلطة في رام الله تدفع ثمن البقاء، وسلطة غزة دفعت ثمن استمراريتها، وستدفع ثمن عودتها إذا توفرت ظروف عودتها، لا أحد منهما بريء من تحمل مسؤولية الانقسام واستمراريته، ويدفع من استقلاله وكرامته وحريته للاحتلال، للمستعمرة، ثمن البقاء والشرعية الشكلية الإجرائية التي يحظى بها، فكلاهما يقع تحت سلطة الاحتلال وموافقته ورضاه، والاحتلال يُغذي الانقسام، وله مصلحة باستمراريته، ذلك لأن الانقسام بات نقيضاً لخطوات الاستقلال، نقيضاً للحرية، ويعطلهما ويؤخرهما، والشعب الفلسطيني يدفع الثمن الباهظ الصعب القاسي.
الاستيطان يتسع، يتكثف، يتعمق، يواصل تهويد القدس وجعلها العاصمة الموحدة للمستعمرة، وأسرلة الضفة الفلسطينية، وجعلها يهودا والسامرة أي جزءاً من خارطة المستعمرة، علناً، بوضوح، بوقاحة، رغم احتجاج وصراخ سلطة رام الله، ولكن في ظلها وبقائها وخضوعها، رغم عدم رضاها على الاستيطان، ومصادرة أراضي الفلسطينيين وسرقتها، والسلطة في غزة قبل 7 أكتوبر رغم عدم رضاها عن الحصار، ولكنها تكيفت معه وقبلت وجوده على مضض، وكانت أجهزة الاحتلال تسمح بتمرير الأموال لها.
لا أحد منهما يُؤمن بالشراكة، ولا يبدو عليه الاستعداد لقبولها، أي شراكة فتح مع حماس، وشراكة حماس مع فتح مع باقي الفصائل، لدى سلطتي رام الله وغزة.
ما حصل من تطور هام، بعد عملية 7 تشرين أول اكتوبر 2023، وتداعياتها، تطور هام على الساحتين الأوروبية والأميركية، دفع الشعب الفلسطيني ثمنه باهظاً، ولكنه يحتاج لإدارة فلسطينية جمعية لجني آثاره السياسية ونتائجه.
وما حصل من دمار وخراب وقتل وتدمير على قطاع غزة وجعله غير مؤهل للحياة، تتطلب إدارة جماعية تتحمل مسؤولية الترميم البشري لآلاف من الأيتام، وإعادة بناء المدارس والمستشفيات ودوائر الخدمات، وغيرها، وهذه لا يمكن أن تتم بالتفرد والأحادية وغياب الشراكة وفقدان الوحدة الوطنية.
ما تواجهه مدن وقرى الضفة الفلسطينية من هجمات تستهدف جعل حياة سكانها وأهلها غير آمنة وتفتقد للاستقرار والطمأنينة، بدلاً من أن تجعل المستوطنين المستعمرين الأجانب غير آمنين، غير مستقرين، يعملون على جعل أهالي الضفة في حالة الدفاع عن النفس أمام هجمات المستوطنين وعدوانيتهم.
الحد الأدنى المطلوب، والضرورة الحيوية لها الأولوية هي الشراكة الوطنية والائتلاف والوحدة الوطنية أمام العدو المتطرف الذي يعمل حثيثاً:
- بجعل القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية،
- تحويل الضفة الفلسطينية لتكون يهودا والسامرة، أي جزءاً من خارطة المستعمرة الإسرائيلية.
المآسي والوجع والجوع والدمار في قطاع غزة ألا يشكل ذلك حافزاً إضافياً، وعياً، دافعاً نحو تجاوز المرض الذاتي الأناني لدى طرفي الانقسام، سؤال يبقى مُحيراً وقائماً، بلا إجابة؟؟.
فتح وحماس كل منهما يحتاج الآخر، وأن يكونا معاً مع باقي الفصائل لمواجهة التحديات، فهل يفعلانها؟؟.