يشكل اعتداءات المستوطنين بحماية الشرطة الإسرائيلية لمقر “أونروا” الرئيسي في حي الشيخ جراح في مدينة القدس حدث خطير جاء بموافقة سياسية وتغطية كاملة من حكومة الاحتلال وان اعتداءات المستوطنين هي امتداد لإجراءات حكومة الاحتلال وقراراتها بإلغاء امتيازات الحصانة والحماية لمرافق “أونروا” وموظفيها وإلغاء امتيازات الإعفاء الضريبي وإلغاء عقود الإيجارات التي تهدف إلى إنهاء عمل “أونروا”.
سعي الاحتلال إلى إنهاء “أونروا” وإحلال المنظمات الدولية للقيام بمهامها كبديل عنها فشل بعد تأكيدات الدول الأعضاء في الأمم لمتحدة بأن “أونروا” لا يوجد بديلاً عنها وتشكل العمود الفقري للمساعدات الإنسانية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وأنه لا تستطيع اي منظمة دولية ان تحل محلها لكونها صاحبة التفويض الاممي ولما لديها من خبرات واسعة تمتد لأكثر من 75 عاما، وما تمتلكه من قواعد بيانات هي الأكبر والأحدث والأكثر مصداقية وشمولية، حول اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في مناطق عملياتها الخمس والذي يزيد عددهم عن 5.9 مليون لاجئ فلسطيني .
ممارسات الاحتلال من الاقتحامات اليومية للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس التي باتت شبه يومية هدفها تدمير وتخريب البنى التحتية للمخيمات والنيل من صمود اللاجئين الفلسطينيين بهدف ضرب حقهم المشروع في العودة إلى ديارهم طبقا للقرار 194 .
ووفقا للتقارير الإعلامية الصادرة عن الوكالة الدولية فإنها تتعرض لمسلسل من الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل بحق “أونروا”، وخصوصا تظاهرات المستوطنين إمام مقر “أونروا” في القدس، وتجميد حساب “أونروا” الفرعي في بنك لؤمي الإسرائيلي، والتضييق على دخول البضائع عبر الحدود والموانئ ومسودة القانون المعروض امام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست والذي يهدف إلى إغلاق “أونروا” ومنع عملها، حيث ان هذا الإجراء يشكل خطورة بالغة وان هناك توجه إسرائيلي بشان مستقبل “أونروا” في قطاع غزة بات واضحا حيث تتصاعد دعوات الاحتلال إلى استبدالها.
لابد من استمرار التفويض الممنوح للأونروا في قرار تأسيسها رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ويجب على الأمم المتحدة التصدي لممارسات حكومة الاحتلال ضد “أونروا” في القدس كونها تشكل انتهاكا سافرا لمبادئ الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية التي تؤكد على حصانة وحماية مرافق وموظفي الأمم المتحدة.
ولا بد لنا من التأكيد على أهمية الجهود التي تبذلها طواقم “أونروا” في الضفة الغربية لاستمرار خدماتها في ظل المخاطر التي تهددهم مع استمرار اعتداءات المستوطنين وعمليات التفتيش إمام الحواجز الإسرائيلية إثناء تنقلهم في مرافق عملهم في مخيمات الضفة.
وعلى المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب “أونروا” ورفضه لكافة السياسات والإجراءات الأخيرة التي انتهجتها بعض الدول المانحة بما فيها تعليق تمويلها بعد الادعاءات الإسرائيلية بتورط بعض موظفي “أونروا” في إحداث السابع من أكتوبر حيث تعرضت إلى الهجمة الشرسة من قبل حكومة الاحتلال.
ولا بد من الدول المانحة التي علقت تمويلها بسرعة قرار استئنافه لتمكين “أونروا” من القيام بواجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين وخاصة في قطاع غزة الذي بات على وشك المجاعة في ظل حرب تجويع سكان القطاع من خلال محاربتها للأونروا ومنعها من إدخال وتوزيع المساعدات عليهم.
وفى ظل تلك الممارسات يجب على المجتمع الدولي توفير احتياجات اللاجئين في كافة مناطق عملياتها وتحديد أولوياتها من المشاريع وتعزيز سبل العمل المشترك الداعم لعمل “أونروا” في ظل الهجمة الإسرائيلية التي تستهدفها.