- قوات الاحتلال تقتحم بلدة نعلين غرب رام الله
- اندلاع اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في محيط مخيم نور شمس بطولكرم
ما أن توحي الإدارة الأميركية بأنّها لا ترضى عن سلوك دولة الاحتلال في الحرب الإجرامية على قطاع غزّة، حتى تعود وتؤكّد شراكتها في تلك الحرب.
تريد الإدارة الأميركية الموافقة على «غرفة مشتركة» لإدارة الحرب على رفح، وتدّعي حرصها على أرواح المدنيين الفلسطينيين، ولكنها في الوقت ذاته تعود لإمداد إسرائيل باحتياجاتها من الطائرات والذخائر والأسلحة.
في الأساس، أنتجت الإدارة الأميركية مقولة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتبعتها معظم الدول الاستعمارية التي شاركت في «غرفة الحرب» منذ البداية.
المعايير الأميركية لمبدأ الدفاع عن النفس، تنطبق حصرياً على الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي، ولا يزال يشكّل الغطاء السياسي الدائم، لكلّ الاعتداءات والحروب الإسرائيلية التي تنتهك القوانين الدولية، وقرارات الأمم المتحدة.
الأهداف الدامية في فلسطين فضحت هذه الازدواجية في المعايير، وأسقطت معها كلّ الذرائع الأميركية، التي لا تصمد أمام أيّ نقاش لخبراء محترفين موضوعيين.
أميركا تحارب بكلّ ما أوتيت من إمكانيات، مع رهطٍ واسع من الحلفاء ضد ما تعتبره الاحتلال الروسي لأوكرانيا، بينما تناصر وتدعم بكلّ قوة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
تتّبع الولايات المتحدة موازين مقلوبة ومفضوحة، للتعامل مع حالات متشابهة، وتتّخذ مواقف متناقضة، وسلوكاً مخالفاً للقوانين الدولية.
المصالح الأميركية ومصالح الحلفاء الأنانية هي ما يحدّد معايير التعامل مع الحالات المتشابهة والمختلفة، ويتبعها رهط من الإعلاميين، والخبراء الذين يشتريهم بالإكراه، أو بالإغراء الذين يطبّلون ويزمّرون لما يصدر عن الإدارات الأميركية.
أقرب مثالٍ على ذلك، موقف ودور «الجنائية الدولية» ومدّعيها العام كريم خان، الذي بادر بسرعة البرق، لإصدار قرارات تجرّم روسيا وتعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجرم حرب يتعرّض للملاحقة بينما لم يحرّك ساكناً إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الشركاء لإسرائيل في قطاع غزّة، رغم مرور ستّة أشهر على الحرب البشعة.
الأمم المتحدة اتّخذت مئات القرارات التي تؤكّد أنّ الضفة الغربية وقطاع غزّة والقدس أراض محتلّة، ولا يجوز لدولة الاحتلال تغيير معالمها، لكن إسرائيل تنتهك كلّ القيم والقرارات الدولية، من خلال مصادرة الأراضي، وتوسيع الاستيطان، والقتل العمد، والاغتيالات الميدانية ونسف البيوت وتدمير البُنى التحتيّة.
إذا كان من حقّ الشعب المحتلّة أرضه استخدام كافة أساليب وأشكال النضال ضد الاحتلال، وذلك بناءً على ميثاق الأمم المتحدة، فإنّ الأمر الطبيعي أن يقف العالم إلى جانب الشعب المحتلّة أرضه، ما يعني أنّه صاحب حقّ قانوني في الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال.
هذا الحقّ القانوني للشعب المحتلّة أرضه يستدعي وقوف الدول التي تلتزم هذا الحقّ، بإدانة الممارسات العدوانية التي يرتكبها الاحتلال، لكنّ ما يحصل هو العكس.
خلال سنوات الاحتلال، لا يسجّل على الفلسطينيين أنّهم المبادرون للقيام بعمليات مقاومة داخل أراضي 1948، إلّا في إطار ردود الفعل على أفعال وممارسات عدوانية إسرائيلية تفوق في نتائجها ما تقوم به المقاومة.
الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها لا يتردّدون في إطلاق صفة الإرهاب على الفصائل الفلسطينية، بل وعلى الأشخاص، ولكنّهم لم يطلقوا هذه الصفة على إسرائيل ولا مرّة في تاريخها رغم أنّ العالم كلّه يرى أشكال الإرهاب والجرائم التي ترتكبها الأخيرة.
حتى حين نضع ما وقع في 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2003 في ميزان التقييم الموضوعي، فإنّ ذلك كان مجرّد استباق لمخطط إسرائيلي أميركي، كان سيقوم بما يقوم به في غزّة والضفة، حتى لو لم يقع ما وقع.
هذا أوّلاً، وثانياً، فإنّ ما جرى قبل ذلك من عدوانات وحروب وجرائم ضد أهل غزّة والضفة والقدس، وسبق «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2003، كان يستدعي ردّ فعلٍ فلسطينياً بمعنى أو آخر، وكان يستدعي إدانة وعقاباً من قبل المجتمع الدولي لدولة الاحتلال، لكنّ شيئاً من هذا القبيل لم يحصل.
إسرائيل كانت قد شنّت حرباً شاملة على الضفة والقدس قبل «طوفان الأقصى»، وأميركا وغيرها يعرفون أكثر من غيرهم أنّ إسرائيل تعمل وفق خطة لحسم الصراع، وإنهاء الوجود الفلسطيني على الأراضي المحتلة منذ العام 1967، وهدم المسجد الأقصى وإقامة «الهيكل» المزعوم.
نظرياً وأخلاقياً، سقطت مقولة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكنّها عملياً لا تزال تغطي السلوك السياسي للولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل.
ما يجري في ساحة الضفة والقدس أسقط هذه الذريعة، باعتبارها التبرير الأخير والهشّ للشراكة العميقة التي تنتهجها الإدارة الأميركية مع دولة الاحتلال.
هل يعلم الجميع أنّ الإدارة الأميركية فقط تسعى لهدنة مؤقتة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وحصر ميدان الحرب، دون أن تتسع إلى إقليمية، ثم بعد ذلك تواصل دعمها للحرب حتى تحقيق ما تسعى إليه إسرائيل، وباعتبار أنّ الولايات المتحدة هي التي نسّقت الحرب وأهدافها مع حكومة نتنياهو، الذي خيّب ظنّها، وفشل في تحقيقها، ولذلك هي غاضبة عليه