مقبرة جماعية تم كشفها في باحة مستشفى الشفاء في غزة، تضم جثامين رجال ونساء وأطفال، بملابسهم أو بدون، مرضى كانوا أو أصحاء، ومظاهر الأدوات العلاجية على بعضهم مما يدلل أنهم كانوا على أسرة المرض وتمت تصفيتهم، ودفنهم بالجرافات كأنهم كمية من اللحم غير الحي في باحة المستشفى، وبأي شكل همجي، في جريمة بشعة بحق الإنسان.
ما يجري لأهل فلسطين في غزة، تعجز المفردات عن توفير الوصف له: جريمة، نكبة، مأساة، فاجعة، تعجز مفردات اللغة عن توصيف ما يتعرض له أهل غزة من إذلال، وقتل وإبادة جماعية وتطهير عرقي، وها هي مقبرة مستشفى الشفاء تنزع الغطاء عن جريمة مروعة ارتكبتها قوات المستعمرة بحق المرضى والأطباء والممرضين والعاملين. جريمة فقدان 400 شخص كما تُقدر إدارة المستشفى عبر التدقيق بالأسماء الغائبة المختفية منذ إجتياج المستشفى، بدأت تبرز جثامينهم بعد إكتشاف المقبرة في ساحة المستشفى، مدفونين تحت التراب بفعل الجرافات.
مشروع المستعمرة يهدف إلى التخلص من ديمغرافيا السكان، أهل قطاع غزة، ومن العنصر البشري، ارتباطاً بأصل الصراع على المفردتين، الأرض والبشر. إحتلوا كامل أرض فلسطين، وفشلوا في طرد وتشريد الشعب العربي الفلسطيني عن أرضه، ولذلك كما فعلوا عام 1948، يعملون عام 2024، على إفناء وإنهاء أو على الأقل تقليص الوجود البشري الفلسطيني عن أرض فلسطين، حيث لا يمكن قيام "دولة يهودية" على كامل أرض فلسطين وبها مازال أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني، في منطقتي الاحتلال الأولى عام 1948 والثانية عام 1967، يعملون على إنهاء أو تقليص الوجود البشري الفلسطيني إما بالقتل المباشر، أو بالطرد والتشريد والتهجير.
في قطاع غزة ما زالت المعركة مفتوحة، ولم تنته. قتلوا عشرات الآلاف، وأصابوا أضعافهم بالأذى الجسدي، وأفقدوا ودمروا وخربوا أضعاف أضعافهم بيوتهم ومساكنهم ومقار أعمالهم، وحولوهم إلى الفقر وعدم الاستقرار.
برنامج المستعمرة مكشوف ومعلن من قبل حلفاء نتنياهو، سموترتش وبن غفير وغيرهما، وبرنامج القتل وفق ما يُسمى "لافندر" وآلة الذكاء الصناعي، حيث تم تصفية عشرات الآلاف ونسف البيوت على رؤوس أصحابها لمجرد وجود شبهة علاقة بين أحد السكان مع حركتي حماس والجهاد.
ما يفعله المستوطنون المستعمرون في قرى ومدن الضفة الفلسطينية بحرق ممتلكات أهاليها من بيوت وسيارات لجعل حياتهم شاقة وصعبة، وتحويلها إلى العدم، وغير أمنة، وغير مستقرة، وتفتقد للطمأنينة والحياة الطبيعية، إمتداد لنفس البرنامج والنتيجة كما يجري في غزة.
فلسطين وأهلها وشعبها يحتاجون للدعم والإسناد المالي تعويضاً عن خساراتهم في البيوت والممتلكات، لعلهم يعيدون بناء ما تهدم ليحافظوا على البقاء والصمود على أرضهم، حيث أن برنامج المستعمرة يهدف إلى إعادة رمي القضية الفلسطينية وشعبها خارج فلسطين كما سبق وفعلوا عام 1948، ولذلك مطلوب من العرب والمسلمين والمسيحيين، ومن لديه ضمير، أن يقفوا مع الفلسطينيين، بهدف البقاء على أرضهم، لأنهم قاردون على إحباط مشروع المستعمرة بصمودهم وتضحياتهم ونضالهم، لكنهم يحتاجون للدعم والإسناد للحفاظ على القدس، وعلى الضفة الفلسطينية وعلى قطاع غزة، وعلى الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة لتبقى كما كانت وكما يجب أن تكون وطناً لأهلها وشعبها، للفلسطينيين.