يبدو أن رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو، أدرك بحاسة الشم الذاتي التي يملكها، بأن الإدارة الأمريكية بدأت عمليا التجهيز لمرحلة اليوم التالي لحرب قطاع غزة، بما ينهي حياته السياسية، كونه بات يمثل "عقبة كبرى" أمام مشروع واشنطن للمنطقة والشرق الأوسط، وارباك ترتيباتها الخاصة مع إيران.
مؤشرات أمريكا للخلاص من نتنياهو، بدأت ما قبل حرب غزة، خلال "الثورة الشعبية" التي طالت دولة الكيان وأوشكت أن تأخذ أبعادا تدميرية لولا "حادث 7 أكتوبر 2023" الذي أزاح خطر القتال الداخلي الى حين، لكن عوامله الانقسامية لم تنته، ما دام نتنياهو موجودا في الحكم بل وفي المشهد السياسي.
ليس سرا في أن خيار أميركا المفضل لخدمة مشروعها الإقليمي ليوم حرب غزة التالي، وربما قبله، تحالف رجال الأمن "غانتس – غالانت"، ولم يكن صدفة أن "الثنائي الأمني" تواجد عشية عملية 7 أكتوبر في واشنطن، وخلفهما من بعيد رئيس المعارضة الحالية لابيد، مع بروز شخصية تشق طريقها بسرعة هو نائب رئيس أركان جيش الاحتلال السابق يائير غولان، المتوقع قيادته حزب العمل.
قراءة نتنياهو السياسية لتلك المؤشرات، حركت قواه الخاصة لفتح "معارك" علنية صريحة وغير مسبوقة، ضد وزير الجيش غالانت، وبعض عناصر المؤسسة الأمنية، طالت وفد المفاوضات حول صفقة التبادل والهدنة، متهما إياهم بتسريب معلومات سرية حول الصفقة، تخدم مواقف حماس، هجوم مباشر وبالأسماء، وهم يعلم تماما بأنه سينشر بعد ثوان من كلامه، فهو يريد ذلك كرسالة علنية بأنه سيقاتل الى الرمق الأخير، دون اكتراث لنتائج أفعاله تلك.
معركة نتنياهو، انطلقت من كون غالبية التسريبات تتهمه بشكل مباشر، بأنه لا يريد التوصل الى "صفقة تبادل" انطلاقا من حسابات شخصية، لا ترتبط بمصلحة الكيان ذاته، وأنه يبحث توسيع دائرة الصراع دون حسابات المخاطر التي تترتب على ذلك، محاولا الظهور بالمتحدي للإدارة الأمريكية، تسريبات كسرت بعض شوكته العنترية، فكان الهجوم الفريد ضد المؤسسة الأمنية.
معركة نتنياهو الأخيرة ضد غالانت والمؤسسة الأمنية، واغلاق ملف الصفقة التبادلية عمليا، تأتي بعدما أقر جيش الاحتلال خطة غزو رفح واقتحامها، دون اهتمام لكل المحاذير التي أطلقتها المنظومة العالمية، دولا ومؤسسات ومنها مجلس الأمن في جلسته الأخيرة، والترويج لتوفير "شروط الإخلاء"، مع الحديث عن شراء خيم النزوح المعاكس.
تفاصيل معركة نتنياهو الأخيرة، تكشف جديا أن غزوة رفح بدأت تطل برأسها، وسيعتبرها "أم المعارك" التي يريد بها ومنها الظهور بثوب "القائد" الذي لن يرتعش أمام دعوات العالم ومخاوف البعض في داخل الكيان، وردا مباشرا على حركة "التهويش العسكرية" الإيرانية، بعدما قيدت واشنطن حركة رده المباشر لأسباب ليست مجهولة.
معارك نتنياهو "الداخلية" لا مخرج لها سوى بفتح معركة تمنحه بعض "الريادة" في اتخاذ القرار والحسم، وراهنا لا يملك أي ملف يمنحه ذلك "التمايز" سوى معركة رفح، بعدما أنهى جيش الكيان ترتيبات تقسيم قطاع غزة، عبر بناء قاعدة عسكرية متكاملة في منطقة وادي غزة، كي يتمكن من فرض السيطرة الكلية على حركة معبر رفح، بما له من بعد أمني استراتيجي لرؤيته الخاصة، التي تفترق نسبيا عن رؤية أمريكا وتحالفها "الإسرائيلي".
"معركة رفح" أصبحت جزءا من "معارك الحسم الداخلي" في دولة الكيان، ومصيرها سيحدد مصير نتنياهو السياسي الى حد كبير..كما ستنعكس على مشهد "التحالف الأمريكي" ومستقبله في ظل معارك الاستطلاعات المتلاحقة التي تطيح به جميعها.
وسط ذلك الاستعداد العدواني لإكمال حلقات احتلال قطاع غزة من معبر رفح وتحديد مستقبلة لسنوات، تكتفي المكونات الفلسطينية بإطلاق "الشعارات" التي باتت عنصر مساعد للعدو بسذاجتها، وغرق الرسمية الفلسطينية في نسج اتفاقات "أمنية" بحثا عن دور الوكيل المحلي الخاص في اليوم التالي للحرب العدوانية، وفقا لرؤى غير وطنية وغير فلسطينية.
ملاحظة: سريعا جدا جدا بدأ الرئيس محمود عباس وضع "مطباته الخاصة" أمام ما يفترض أنها حكومته، كما ادعى المدعون..لكن يبدو قصة الاستقبالات الرئاسية العربية السريعة جدا لمصطفى كركبت رجلين عباس...فشهر سيف المراسيم نذيرا...الصراحة شي بعير خالص..بدها هبة قبل ما تهب الوكسة على الكل..
تنويه خاص: رد حماس "المتناثر" على قضية طلب قطر منها تشوف لها محل غير محلها ما بينفي الطلب بل بالعكس..لو القصة مختلقة كان هنية مر عليها بصوته في مقابلة طلب القوات لغزة..أو حماس نفسها طلعت بيان لا يصد ولا يرد..اما أنها تتسلل عبر هذا وذاك فهيك اسمه كلام والسلام يا أبو عبد السلام.