بعد لحظات من قيام دولة الفاشية اليهودية بتنفيذ قرارها حول إغلاق قناة "الجزيرة" القطرية، أطلقت كتائب حماس العسكرية "القسام" عدة قذائف على منطقة "كرم أبو سالم" في رفح، والتي تضم المعبر الاقتصادي الأكبر بين قطاع غزة ومصر وكذا دولة الاحتلال، وأصبح الباب الكبير لإدخال المساعدات "الإنسانية" إلى القطاع، ما ظهر وكأنها فعل انتقامي ردا لجميلها على حكم حماس.
عملية القصف، جاءت مفاجأة ومستغربة تماما، من حيث التوقيت بالحد الأدنى، في ظل المحاولات الواسعة عربيا ودوليا بمنع قيام دولة العدو بغزو رفح واحتلال محور فيلادلفيا والسيطرة على المنفذ البري نحو مصر، لتكمل حلقات سيطرتها الأمنية، وبالتوازي مع التفاوض الدائر في القاهرة.
بلا شرح مطول، دولة الاحتلال وحكومتها الفاشية لن تتنازل عن احتلال رفح كجزء من رؤية نتنياهو الأمنية، والتي تقدم بها كجزء من "اليوم التالي" لترتيبات بعد الحرب في قطاع غزة، وتلك مسألة لم تعد سرية أو أنها قضية قابلة للتفاوض، ما كان يفرض سلوكا سياسيا مختلفا من قبل قيادة حماس، في ظل انكشاف موقف حكومة العدو بلا شوائب.
كان مفترض من قيادة حماس، بصفتها التفاوضية نيابة عن محورها الفصائلي، ألا تستخف بأقوال حكومة الفاشية اليهودية حول رفح، وألا تضع حسابتها وفق فرضية أن أمريكا لن تسمح له بذلك، أو الضغط العالمي سيمنعه خوفا من جرائم حرب ومجازر إبادة جماعية مضافة، رغم أنه بعد مرور 213 يوما على العدوان الشامل، وما ارتكبه من أفعال لا سابق لها قياسا بالمكان والزمان، دون ان تترك أثرا لكل ما يقال كلاما، في ظل غياب أي وسيلة ردع وتحت حماية أمريكية كاملة.
جاءت عملية "كرم أبو سالم" لتكشف أن قيادة حماس تتصرف بعيدا عن القراءة السياسية الدقيقة لتطورات الحرب العدوانية، وبدأ، وكأنها بتلك العملية تستدرج تسريع عملية غزو رفح لغايات غير معلنة، ما يضع علامات سوداء على سلوك لن يجلب سوى مزيد من جرائم حرب وإبادة جديدة.
عملية كرم أبو سالم، قدمت خدمة مجانية وهدية ذهبية لحكومة الفاشية اليهودية، لتسقط عنها أشكال "الضغط" العلنية لتأجيل عملية غزو رفح قدر الممكن، وذهبت لاستدراج غير واضح الهدف المباشر، لكسر تلك الحلقة الضاغطة، التي تشكلت من أطراف عربية ودولية وباتت العنوان الأبرز تحذيرا من عواقبها.
عملية قصف "كرم أبو سالم"، حملت كل أشكال "الشبهة السياسية – الأمنية"، خاصة وأن المنطقة من حيث المبدأ لم تكن مسرحا لعمليات عسكرية فلسطينية لمواجهة جيش الاحتلال، لحساسية المنطقة والمكانة، وأثرها على "البوابة" الوحيدة مع مصر خروجا ودخولا سكانا وبضائع، ولذا كانت حالة الغضب علانية وسريعة من أهل رفح وسكان قطاع غزة، وربط بعضهم تلك العملية لحسابات "تجارية"، بعدما انخفضت بشكل كبير أسعار البضائع، ما أدى لخسار المستغلين من أقطاب سلطة حماس، فكان قرار القصف حسابا لصالح فئة دون حساب ضررها الأكبر.
ودون الغرق في زاوية الجانب الاستغلالي التجاري، لكنها مثلت رد فعل شعبي سريع على وصف عملية قصف منطقة كرم أبو سالم بالضارة وطنيا، ما سيكون لذلك أثر في رؤية الموقف العام من مسار التطورات اللاحقة للعملية العدوانية على قطاع غزة.
عملية عسكرية كشفت أن هناك سلوك عشوائي داخل حركة حماس دون حسابات شاملة، أي كانت الادعاءات المتناثرة، رغم أنها كانت بحاجة لتدقيق أكثر، وحساب السلوك الفردي والعام في ظل توقيت دقيق يتطلب قراءة دقيقة، لكنها أكدت غياب أي رؤية سياسية شمولية لقيادة حماس.
عملية "كرم أبو سالم" ستكون نقطة فاصلة في مسار الحرب العدوانية، وبعد إكمال السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح البري، ما قد يؤدي الى رحلة سياسية وتحديد معالم المرحلة القادمة، وفق رؤية انتقالية خاصة.
ملاحظة: قيادي حمساوي كان صادق خالص لما قال أنه "هجرتهم السياسية والمكانية" نحو قطر كان قرار أمريكاني خالص.. وعهيك من طالب سيطالب...يعني رصيد زمن "الاحتضان الأمريكاني" أوشك على النفاذ ..بس لوين هاي هي القصة يا دوك!
تنويه خاص: يا ريت البعض اللي غارق في جلب المصايب يتركه من قضية المناضل الوطني مروان البرغوثي ويستخدمها تجارة تعويضية لتجميل سواده الوطني...الرجل مش ناقصكم ولا ناقص تجارتكم المنيلة يا منيلين.