منذ بدأ كيان الإبادة عدوانه على قطاع غزة، لم يتوقف نتانياهو عن ترديد مصطلح "النصر المطلق " الذي يكرره تقريبا في كل خطاباته سواء التي يوجهها إلى جمهوره الصهيوني او إلى العالم الخارجي.
هذا "النصر المطلق" يتمثل بحسبه في هدفين اثنين على الأقل وهما القضاء على المقاومة ممثلة بحماس وتحرير الاسرى الصهاينة.
في البدء، اعتقد نتنياهو ان نصره المطلق سيكون في مشفى الشفاء، حيث طبل وزمر ورَوّج وزيف، إلا أنه خرج بفضيحة كبرى الكل يعلمها.
بعد ذلك، روج ان نصره المطلق سيكون في خانيونس حيث مسقط رأس السنوار وأنه لا بد من انه " السنوار" يحتفظ بالاسرى في تلك المنطقة، إلا أنه خرج بخفي حنين، فهو لم يصل لا إلى السنوار ولا إلى الأسرى الصهاينة.
منذ حوالي ثلاثة أشهر او يزيد، لم يتوقف نتانياهو عن التهديد باجتياح رفح، على أساس أن نصره المطلق سيكون في هذه المدينة التي باتت تحتضن ما يزيد على المليون فلسطيني، وهو لغاية اللحظة لم يفعل.
اجتياح رفح، ربما كان محل إجماع صهيوني في المراحل الأولى للعدوان، إلا انه وبعد ما يزيد على ستة اشهر من الحرب العدوانية على غزة، لم يعد كذلك خاصة في ظل الأوضاع السائدة في الكيان وفي ظل فشل كل المحاولات للقضاء على المقاومة او استرداد حتى ولو اسير صهيوني واحد، كما وبعد مقتل العديد من الاسرى جراء القصف الجوي الصهيوني.
بعد دخول العدوان إلى مرحلة اللا إنجاز، وبعد أن ثبت أن المقاومة عصية على الانكسار، وبعد أكثر من نصف عام على المعارك، أخذت الأصوات المعارضة بالارتفاع، سواء تلك المعارضة لاستمرار العدوان، أو التي تدعو إلى الوصول إلى صفقة تبادل الأسرى.
وقد كان الصوت الاعلى ل يائيرلبيد زعيم المعارضة الذي صرح بأن"المهمة الاكثر إلحاحا هي صفقة الرهائن حتى لو أدى ذلك إلى وقف الحرب".
وعلى خطى لبيد فإن العديد من قادة المستوى السياسي والعسكري ارتفعت أصواتهم مطالبة بوقف العدوان والتوصل إلى اتفاق تبادل للاسرى، يقول يسرائيل زيف وهو رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقا " لا اؤيد عملية عسكريه في رفح" ويضيف " لا شك لدي بأن حماس أعدت لنا مصيدة هناك".
مثل هذه المواقف كما أسلفنا باتت تتكرر بشكل شبه يومي ومن كافة المستويات.
عملية الاجتياح التي يهدد نتانياهو ويتوعد بها، تعني نهاية وجوده في سدة الحكم وهو الأمر الذي بات معروفا له شخصيا وللجميع.
التكتيك الذي يستعمله نتانياهو هو المماطلة والتسويف، فهو يراهن على مزيد من الوقت فلعل وعسى أن يحقق نجاحا صغيرا هنا او هناك يمكن أن يساعده على التباهي والتبجح والكذب.
وهو كذلك يستخدم ورقة رفح للابتزاز الذي يبرع فيه، وخاصة إذا ما استخدمه ضد دول الغرب وتحديدا اميركا خاصة هذه الأيام، وفي هذا الاطار يقول الكاتب بن كاسبيت في صحيفة معاريف أن " نتانياهو هدد بايدن بأنه ان لم تمنع أميركا صدور مذكرة اعتقال بحقه فلسوف يوقف التفاوض وسيشن هجوما على رفح مع او بدون مليون لاجيء فيها ".
سيف رفح الذي يشهره نتانياهو في وجه العالم يحاول اخافته وابتزازه به، ليس كذلك بالنسبة لرجال المقاومة، فبحسب مصادر فصائل المقاومة نقلت عن السنوار ورفيقه الضيف قولهما لقيادة الخارج " معركة رفح ليست شبحا ولا تخيفنا ونحن جاهزون تماما لها" وطالبا قيادة الخارج " عدم تقديم تنازلات على أساس الرغبة في منع عملية رفح ".
في المحصلة ، باعتقادنا ان نتانياهو لن يقدم على اجتياح رفح بالطريقة التي سبق وقام بها جيش الاحتلال في الشمال والوسط وخانيونس خاصة وأنه يدرك أن النتائج ستكون في غير صالح جيشه بعد ما اكتسبته قوات المقاومة من خبرات في المعارك السابقة.
بناء عليه، فإن المتوقع أن تقوم قوات الاحتلال بعمليات قصف جوي " مركزة" او "مختارة" او كما يقال " عمليات جراحية" مكثفة محاولا تجنب الطريقة "السجادية" التي استخدمت سابقا خاصة في ظل حالة الغضب الشعبي العالمي كما وانتفاضة الطلاب والشجب العالمي وما ينتظره من قرارات من محكمة الجنايات الدولية، وهو سوف يستمر على هذا الحال لأطول فترة ممكنة او حتى يستجد جديد غير متوقع لانه لن يغامر باعلان وقف إطلاق النار او الهدنة لان ذلك يعني انفراط تحالفه الحكومي وهو ايضا يدرك أنه ان فعل فهذا يعني ليس فقط هزيمته وكيانه لا بل نصر مطلق للمقاومة.