- سلسلة غارات إسرائيلية متتالية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت
- 10 غارات منذ منتصف الليل تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت
أفصح قادة أمنيون لصحيفة هآرتس أن حكومة نتنياهو تدفع الأمور نحو ضم أجزاء من قطاع غزة لإسرائيل، وذلك خلافاً لمطلب عربي ودولي وفلسطيني يدعو إلى إنهاء الحرب وتبادل الأسرى في إطار حل سياسي على قاعدة الشرعية الدولية.
ما يجري الآن في شمال قطاع غزة هو ترجمة لخطة الجنرال غيورا آيلاند التي تدعو إلى إخلاء جميع المواطنين في الشمال وتهجيرهم إلى جنوب القطاع. وذلك باستخدام التجويع وتقويض أبسط مقومات البقاء في هذا الجزء من القطاع. الخطة بدأت بإصدار 6 أوامر عسكرية بتهجير المواطنين خلال تسعة أيام، تخللها قطع المساعدات الإنسانية وهجمات عسكرية دمرت مربعات سكانية وارتكبت المجازر داخلها، وكان مخيم جباليا في مركز الاستهداف.
الهدف هو ضم هذا الجزء الحيوي من قطاع غزة لدولة الاحتلال، بعد تدمير المنازل والبنية التحتية وكل مقومات العيش والبقاء، وفي احسن الأحوال تحويله الى منطقة عسكرية مغلقة، من أجل إزالة ما يسمى «تهديد وجود إسرائيل» وعدم تكرار هجوم 7 أكتوبر. الإجراء نفسه يحدث الآن في جنوب لبنان، حيث تطالب دولة الحرب سكان عشرات القرى والبلدات اللبنانية بمغادرتها ليصار الى تدميرها أيضاً من أجل إزالة «تهديد وجودي» يمثله حزب الله.
في كلتا الحالتين الشعب هو المستهدف الأول والإزالة تستهدفه باعتباره حاضنة «للإرهاب». لقد قارنت حكومة نتنياهو ما حدث يوم 7 أكتوبر بالهولوكوست في مبالغة لها وظيفة واحدة هي تبرير حرب الإبادة والتهجير والتوسع الاستعماري في قطاع غزة. هذا الهدف غير المعلن في قائمة أهداف الحرب الإسرائيلية، هو أخطر أهداف الحرب والذي بدأ التمهيد له بتحويل قطاع غزة الى مكان غير صالح للحياة، وبالإمعان في تدمير البنية التحتية الكلية، وبإعادة التحكم في دخول الدواء والغذاء والوقود والمال.
تشير تقارير الأمم المتحدة الى وجود 200 ألف مواطن في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، و200 ألف مواطن آخر يعيشون في محافظة غزة، ليصبح عدد المواطنين الإجمالي 400 ألف مواطن، وقد وضعتهم آلة الحرب الإسرائيلية أمام خيارين أحلاهما مر، الإبادة أو التهجير القسري. يحدث ذلك على مرأى دول عظمى تواصل تزويد الدولة المعتدية بأسلحة الفتك والدمار، وأمام مرأى أمم متحدة تقف عاجزة عن الالتزام بميثاقها والدفاع عنه. يذكر أن أغلب المواطنين المستهدفين تعرضوا لعمليات تهجير قسري الى مناطق الجنوب والوسط باعتبارها أماكن آمنة، وأعيد تهجيرهم الى الشمال باعتباره أماكن آمنة أيضاً، وفي كل المرات استبيح أمنهم وخسروا الكثير من الأرواح وما يملكون. وبلغ العسف بالمعتدين حد إفقاد ضحاياهم القدرة على الحركة والانتقال، وقد آثر بعضهم انتظار الموت في بقايا بيوتهم شبه المدمرة أو الآيلة للسقوط.
يندر أن يتعرض شعب لحرب إبادة في أرض مغلقة ومحاصرة براً وبحراً وجواً، وتخلو من بقعة صغيرة آمنة. فقد غادر ملايين السودانيين والسوريين أرض المعركة الى بلدان مجاورة والى أماكن آمنة داخل بلدانهم، وغادر مليون و300 الف لبناني مناطق القتال في أسبوعين، وغادر كل سكان إقليم ناغورنو كاراباخ الى أرمينيا بدون قتال. أما قطاع غزة فقد حُظر على مواطنيه الانتقال الى أماكن آمنة خارج القطاع، في سابقة مخالفة للمعاهدات والاتفاقات الدولية وشرعة حقوق الانسان 1948، ولم يوفر النظام الدولي أماكن آمنة بديلة داخل القطاع، حتى المدارس وتجمعات الناس في الخيام والمستشفيات والمساجد لم تعد آمنة. ولم تُدرج تنظيمات المقاومة أمن وأمان وحاجات المواطنين الأساسية في برامجها وخططها أيضاً. وقد جرى تبرير عجز وتجاهل حق المواطنين الإنساني في مكان آمن، باعتبار ذلك صموداً وثباتاً وتعبيراً عن إرادة المواطنين في الصمود واستعدادهم للتضحية بكل ما يملكون. المواطنون في غزة يعرفون أن هذا يتناقض مع الطبيعة الإنسانية للبشر في البحث عن السلامة والأمان، وخاصة سلامة الأطفال والمسنين والجرحى والمرضى والحوامل، ويتناقض مع حق المواطن في تأمين المكان الآمن والغذاء والعلاج. من حق المقاتل أو التنظيم المقاتل أن يضحي بنفسه من اجل شعبه ووطنه، ولكن ليس من حقه التضحية بأبناء شعبه والتفريط بحقهم في الحياة وفي الأمان والخبز والدواء. إن إزالة اللبس عن ديماغوجية الصمود والثبات لا يمس مزايا أبناء قطاع غزة الوطنية ولا شجاعتهم في مقاومة المحتلين ولا استعدادهم للتضحية والصمود والتحمل. فلا يجوز إخفاء القصور والعجز عن تلبية حاجات المواطنين أثناء الحرب بالحديث عن صمودهم وتضحياتهم، او بمطالبتهم البقاء في أماكنهم المعرضة للقصف والتدمير وعدم مغادرتها. لا شك في أن الواجب الوطني يقتضي عمل كل ما من شأنه التخفيف من معاناة المواطنين وتجنيبهم المزيد من الخسائر، فلا معنى لفعل مقاوم للمحتلين إذا لم يقترن بالدفاع عن المواطن وحقوقه الأساسية. من حق المقاتل ان يمارس الكر والفر باستخدام الأنفاق، ومن حق المواطن أن يتفادى الموت والدمار بالانتقال إلى مكان قد يكون أوفر حظاً في النجاة. من حق المقاوم أن يهاجم المعتدين دون أن يتسبب في قتل وتشريد المواطنين. مثلاً لماذا تطلق صواريخ من داخل أماكن مكتظة؟ ولماذا تحرص حركة حماس على إعادة بناء سيطرتها من خلال استخدام جزء من المساعدات الإنسانية، وغض النظر عن احتكار بعض التجار للسلع الغذائية والوقود، ومقاومة كل مبادرة فردية أو ضمن مجموعات لمساعدة المواطنين؟ واعتبار ذلك مساً وتهديداً لسلطة حماس؟ لماذا تعاقب حركة حماس منتقديها بالعنف والترهيب، وتحول بذلك دون إطلاق حوار تقييمي ونقدي صريح ومسؤول يطرح الأسئلة ويحدد المخاطر والأخطاء وسبل الخروج من المأزق الذي ساهمت الحركة في صناعته. والأهم لماذا لا تقدم حركة حماس وهي التي اتخذت قرار الحرب مبادرات أو أفكاراً سياسية تساهم في وقف الحرب، وتساعد في ممارسة الضغوط على دولة العدوان التي تطيل الحرب الى أبعد مدى؟ لقد عودتنا قيادة حماس أن لا تعترف بأخطائها، ربما شأنها في ذلك شأن تنظيمات وقوى أخرى، بالعكس تحدث قادة حماس عن انتصار المقاومة وهزيمة إسرائيل. وعادة ما يكون المنتصرون غير مستعجلين على إنهاء الحرب كما قال خالد مشعل. لكن المواطنين في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وعموم شمال وجنوب قطاع غزة مستعجلون لوقف الحرب التي تهدد بالمزيد من القتل والتدمير والتهجير للمرة الخامسة وربما العاشرة.