- سلسلة غارات إسرائيلية متتالية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت
احتفلت وسائل الإعلام، خاصة الناطقة بالعربية، برسالة "الثنائي الأمريكي" وزير الخارجية بلينكن ووزير الدفاع أوستن، إلى حكومة الفاشية اليهودية حول "المساعدات الإنسانية" في شمال قطاع غزة، وما يقوم به جيشها من عمليات إزالة وتخريب وتدمير للمنطقة.
سريعا بدأت حركة "التحليل الاستراتيجي"، وانطلق "الخبراء الأمنيين والسياسيين والمفكرين"، للأهمية الكبيرة والقيمة "التاريخية" التي تحملها تلك الرسالة "النارية"، ووصفها البعض بحدث فريد، وانعكاس لموجة غضب أصابت "الإدارة الديمقراطية" من سلوك نتنياهو وحكومته، وما يبدو أنه استخفاف علني وصريح بها، وفتح باب التنسيق مع المرشح الرئاسي ترامب، خاصة بعدما سرب مكتبه مكالمة هاتفية بينهما.
مبدئيا، العلاقة في الفترة الأخيرة بين الإدارتين، حكومة الفاشيين اليهود في تل أبيب والإدارة الصهيونية في البيت الأبيض، تشهد تباينا واضحا، وبعضه علني وأخر من بين أنفاقهم الخاصة، ولعل زيارة نتنياهو للكونغرس وغياب هاريس عن حضور الخطاب، وكذا التسريبات المنسوبة للرئيس بايدن وما قاله أوصافا لا يقولها حاكم "عربي" عنه، بدأت تبرز نتاج خلافات حول مسار الحرب خاصة بشكلها التدميري الشامل، ورفض كلي لصفقة تهدئة مؤقتة، ولكن الأهم منها مرتبط بملامح الترتيبات الإقليمية ما بعد الحرب، وكذا المشروع الأمريكي للحل في قطاع غزة.
الرسالة التي سربتها الخارجية الأمريكية لمندوبيها الإعلاميين في دولة الكيان، حول "المساعدات الإنسانية" في شمال قطاع غزة، تركت مساحة زمنية لجيش العدو الاحلالي 30 يوما لتوفيق "أوضاعه" في المنطقة، ودون أن يكون هناك "نصا قاطعا" ما يقارب "الأمر الأمريكي" عام 1973، فيما لو تجاهلت حكومة نتنياهو.
إدارة بايدن منحت نتنياهو فرصة طويلة لترتيب مواقع قوات جيش الاحتلال ضمن ترتيبات خاصة، ما يؤدي الى محاصرة المناطق وفق "مربعات" قادرة على مطاردة كل من تراه "خطرا" أمنيا، استباقا للقادم، لذا توقيت الرسالة الأمريكية، ربما يكون هو الأكثر قيمة لها.
لم يكن مصادفة أبدا، إرسال الرسالة الأمريكية "السرية" يوم 13 أكتوبر 2024، ثم تسريبها للإعلام يوم 15 أكتوبر، يكشف ارتباطها المباشر بلقاء فتح وحماس في القاهرة لبحث تشكيل "إدارة مدنية" في قطاع غزة، وموافقة الحركتين عليها دون "شروط" ترتبط بانسحاب قوات الاحتلال، وانطلاق حماس البدء بمناقشتها مع شخصيات غزية، يقدم دفعة كبيرة لإدارة بايدن لإكمال مخطط "ترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة".
لا يمكن اعتبار "رسالة الأنسنة" الأمريكية نهجا تغييرا في التعامل الفرضي على حكومة نتنياهو الفاشية، فكل ما حدث في قطاع غزة عسكريا كان بتنسيق كامل وبموافقة مسبقة قبل الحرب وبعدها، ولم تخف واشنطن خدماتها الأمنية التي ساعدت في اغتيال قيادات حمساوية وقسامية، خاصة محمد الضيف ومروان عيسى، وضوء أخضر لاحتلال محور فيلادلفيا ومعبر رفح، رغم الحساسية السياسية مع مصر، وأثره على الاتفاقية الثنائية بينهما.
أمريكا، قدمت خطوة بثوب "إنساني" كمؤشر أن ترتيبات اليوم التالي بدأت، ويجب الاستعداد لها، خاصة وأن رئيس البنك الدولي ومقره واشنطن، أعلن قيمة تكلفة إعادة اعمار غزة المبدئي بين 14 و20 مليار دولار بشكل أولي، ما يتطلب وقتا وجهدا مكثفا، واستحقاقات خاصة لاكتمال "لوحة الاستعداد"، بعيدا عما يمكن اعتباره "ولدنة سلوكية" لحكومة غرقت في غطرستها، قد تخلق "مطبات" أمام "حلم أمريكي" لمشروع "شرق أوسطي جديد".
رسالة " العين الحمرا" الأميركية هي رسالة "خداع سياسي" بغطاء إنساني لما سيكون "فسادا تكوينيا" في قطاع غزة.