أكثر من بلد خليجي ندد بهجوم المستعمرة على إيران، وهذا يعود لسببين، أولهما، رفضاً لسياسة العدوان والاعتداء والقتل والتدمير التي تنهجها المستعمرة ضد الفلسطينيين واللبنانيين والإيرانيين، وثانيهما، إظهار التضامن مع إيران، في وقت تتعرض فيه للعدوان، لعل الأيام المقبلة تُنهي حالة القلق العربي من بعض السياسات الإيرانية، وترسي علاقات ندية تقوم على احترام المصالح والأمن والجيرة الحسنة.
بيان وزارة الخارجية السعودية يوم 26 كانون ثاني أكتوبر 2024 كان الأبرز والأهم فقد عبرت عن "إدانتها واستنكارها للاستهداف العسكري الذي تعرضت له الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي يُعد انتهاكاً لسيادتها ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية، وتؤكد المملكة على موقفها الثابت في رفضها لاستمرار التصعيد في المنطقة، وتوسع رقعة الصراع الذي يهدد أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها".
العربية السعودية وإيران، بلدان لهما مصالح متفق على بعضها وتعارضات محددة، ولكنهما توصلتا لصيغ من التعامل كانت الأهم خلال السنوات القليلة الماضية.
أولاً، في 10 آذار/ مارس 2023، أعلنت إيران والسعودية في بيان مشترك، الاتفاق على استئناف الحوار والعلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارتين في البلدين، وتم ذلك استجابة لمبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ثانياً، في 6 نيسان/إبريل 2023، وقع وزيرا خارجية البلدين حسين أمير عبداللهيان وفيصل بن فرحان في العاصمة بكين، على بيان مشترك يتضمن بدء الترتيبات لإعادة فتح السفارات والقنصليات لدى العاصمتين وتضمن الاتفاق على تعزيز التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، والتأكيد على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين الموقعة عام 2001.
كما تضمن استئناف تأدية فريضة الحج ومناسك العمرة.
ثالثاً، في 27 شباط/ فبراير 2023، أصدرت لجنة الافتاء الدائمة لدى العربية السعودية رفضها لما يسمى "وحدة الأديان"، و"البيت الإبراهيمي"، وبذلك نسفت كل الرهانات الخبيثة لإزالة التعارض التضليلي الذي تم طرحه.
رابعاً، أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في افتتاح الدورة التاسعة لمجلس الشورى يوم 18 أيلول/ سبتمبر 2024 على أن بلاده لن تقيم علاقات دبلوماسية مع المستعمرة، قبل قيام إقامة الدولة الفلسطينية.
خامسا،ً أعلن وزير الخارجية السعودي، خلال اجتماع وزاري في نيويورك يوم 27 أيلول/ سبتمبر: "باسم الدول العربية والإسلامية، وشركائنا الأوروبيين نُعلن إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، ويطيب لي أن أدعوكم لحضور أول اجتماع في السعودية للإسهام في تحقيق السلام".
وبهذه الخطوات التوضيحية التراكمية التدريجية، أزالت العربية السعودية أي لُبس أو تكهن أو شكوك حول الرهان لتغيير موقفها نحو الدولة الفلسطينية، أو نحو المستعمرة الإسرائيلية، أو إدارتها للعلاقات الإقليمية والدولية بالوضوح البالغ، وبالتالي فرضت هذه السياسات نفسها، وأزالت أية تباينات سياسية بين البلدين إيران والسعودية، وعليها يمكن التعاون على قاعدة القواسم المشتركة، وتضييق عوامل الخلاف أو التباين بين البلدين.