الكوفية – محمد عابد
بمقلاع وحجر أربك قناصة الاحتلال المدججة بالسلاح، وبعجل الكاوتشوك كان يعمي أبصارهم، ومنذ بدء مسيرات العودة ولم ينقطع عن المشاركة بأي جمعة فيها، رغم إصابته برصاصة متفجرة في قدمه.
هو الشاب محمد عبد العال (28 عامًا) من شمال قطاع غزة، كان يتقدم الصفوف الأولي في المسيرات، وكان سباقًا في الانضمام إلى وحدات الإرباك الليلي، وبالرغم من كم المشقة والخطر الذي كان يعيشه إلا أنه كان يجد متعة في هذا الأمر، حتى باغتته رصاصة متفجرة في قدمه خلال إحدى المسيرات، بالقرب من السياج الفاصل.
قصة عشق وإصابة لم تنتهِ
تواصلت "الكوفية" مع الجريح عبد العال، الذي يصف مشاركاته في مسيرات العودة الكبرى بـ "قصة العشق التي لن تنتهي"، والتي تحمل من أجلها كل المخاطر والآلام، بحثًا عن حقه في وطنه المسلوب، إلا أن الحال تغير وأصبح يبحث عن حقه في العلاج أيضًا بسبب الإهمال المتواصل من مسؤولي السلطة لجرحى المسيرات.
الشاب محمد عبد العال، أُصيب بعيار متفجر في قدمه، خلال فعاليات مسيرة العودة يوم الجمعة 4 – 5 – 2018، وتحديدًا في منطقة أبو صفية، عندما فتحت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة على حدود قطاع غزة، نيران أسلحتها بشكل كبير تجاه المشاركين في المسيرة، ليجد نفسه واقعًا على الأرض، وكتلة من اللهب قد اخترقت قدمه.
ويضيف: "سقط علي الأرض ليرتطم رأسي بحجر كبير، تسبب في شبه فقدان للذاكرة، وبت كثير النسيان والتوهان، وبعدما كنت أحفظ عده أجزاء من القران الكريم، أصبحت لا أتذكر منها شيء، وفي أغلب الأحيان أخرج من المنزل ولا أتذكر المكان الذي كنت أنوى الذهاب إليه".
وتابع حديثه لمراسل "الكوفية": "لم أشعر بنفسي بعد ذلك إلا في مستشفي الإندونيسي، حيث دخلت في غيبوبة بعد الإصابة، وتم نقلي على أثرها إلى المشفى، حيث قضيت 4 أيام متتالية، خضعت خلالها لعملية جراحية في قدمي، وتم تركيب جهاز بلاتين فيها لمدة 6 شهور، وبعدها قمت بإجراء عملية لفك جهاز البلاتين".
لحظات قاسية ومناشدة عاجلة
وجدد الجريح عبد العال، مناشدته للمسؤولين الذين يهملون جرحى مسيرات العودة، بضرورة النظر لهم بعين الرحمة والإنسانية، إليه ومن على شاكلته، وعدم التنكر لحقوقهم، فمعظم الجرحى تحاصرهم الديون، وأسعار الأدوية مرتفعة جدا ولا يمكننا شرائها.
وأضاف: "أعيش لحظاتٍ قاسية، حيث فقدت عملي بعد الإصابة وأصبحت عالة علي والدي، بالإضافة إلى أن زوجتي حامل، وهؤلاء المسؤولون أشعروني بأني أصبحت عبئًا علي الوطن، وأن صلاحيتي انتهت بمجرد إصابتي".
وتابع: "أوجه رسالتي للمسؤولين، الذين يهينون الجرحى، فبدلًا من أن يقولوا "من أرسلك لمسيرات العودة عليه التكفل بعلاجك" يجب عليهم احتضان الجرحى فهم يستحقون ما هو أفضل، وهم بشر كما أبناءكم".
أطباء بلا حدود
اقترب الجريح عبد العال، من إتمام العام ولم يتلقَ أي مساعدة من أي جهة، سوى "أطباء بلا حدود"، وذلك علي الرغم من كم المساعدات التي تدخل غزة للجرحى، فضلًا عن المنحة القطرية والمصرية وغيرها، والتي لا يراها هؤلاء الجرحى.
ووجه عبد العال، الشكر والتحية لـ "أطباء بلا حدود" على ما قدموه من أجله في رحلة العلاج التي لم تنتهِ بعد، وقال إنهم "لا يتوانوا لحظة في خدمة الجرحى، حيث يصرفون لهم العكاكيز الطبية، والعربات المتحركة، وكل ما توفر لديهم من إمكانيات".
وأضاف: "هم الجهة الوحيدة التي ساعدتني ووقفت بجانبي في العلاج، فهم يهتموا بالجرحى، وعلاجهم الطبيعي، والغيارات الازمة لهم، ويقوموا كل مساعدة ممكنة للجرحى".
وفي ختام حديثه لـ "الكوفية" شدد الجريح عبد العال، على أنه وجرحى المسيرات ليسوا عالة على الوطن، وأن دورهم مستمر وأن صلاحيتهم لم تنتهِ كما يرى المسؤولون.