شعبان فتحي: رغم مرور أكثر من 3 سنوات على محاولة الانقلاب المزعوم في تركيا، إلا أن الرئيس التركي لا زال يواصل انتهاكاته الواسعة للنيل من حقوق الإنسان في بلاده، وخاصة في السجون، الأمر الذي تسبب في انتحار عدد من المعتقلين، للهروب من عمليات التعذيب البشعة التي يتعرضون لها.، فيما راح هو يتباكى على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في دول أخرى، متناسياً أن سجونه تضم عشرات آلاف المعتقلين، وشهدت العديد من عمليات الانتحار.
انتهاكات في سجون أردوغان
ذكرت منظمة حقوقية أمريكية، أن هناك انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وعمليات تعذيب في تركيا، منذ محاولة الانقلاب المزعوم في 15 يوليو 2016، لافتة إلي وجود وفيات جراء التعذيب.
وذكر التقرير الصادرعن المنظمة الحقوقية الأمريكية "Advocates of Silenced Turkey" والذي سلط الضوء على عمليات الاعتقال الجماعية التي تشهدها تركيا منذ منتصف عام 2016، أن السلطات التركية ألقت القبض على نحو 511 ألف مواطنًا في قضايا لها علاقة بحركة الخدمة، التي تتهمها أنقرة بتدبير الانقلاب بينما تنفي الحركية وتطالب بتحقيق دولي.
عشرات ألاف المعتقلين
وكشف التقرير أن السجون التركية تضم في الوقت الحالي عشرات آلاف المعتقلين، مشيرًا إلي وجود عمليات تعذيب وجرائم معاملة سيئة ممنهجة للمعتقلين والمحتجزين الذين ألقي القبض على أغلبهم خلال سريان حالة الطوارئ منذ وقوع الانقلاب في 2016 ولمدة عامين.
ولفت التقرير إلى أن بعض هذه الوقائع نشرت في شكل صور ومقاطع فيديو على وسائل الإعلام، والبعض الآخر يظهر في التقارير الطبية خلال المحاكمات.
مقتل 93 من التعذيب
وبحسب التقرير توفي 93 شخصًا نتيجة عمليات التعذيب داخل السجون، مستشهدًا بواقعة وفاة المعلم جوكهان أتشيك كولو في 5 أغسطس 2016، نتيجة التعذيب المتواصل لمدة 13 يومًا داخل مديرية أمن إسطنبول، بعد أن ألقي القبض عليه بتهمة الانتماء لحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله جولن.
الانتحار هربًا من التعذيب في المعتقلات
رغم التعتيم الذي تفرضه حكومة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، حول تنامي ظاهرة الانتحار بالسجون، هربا من التعذيب أو جراء الإضراب عن الطعام، إلا أن التقارير المسربة من حين لآخر فضحت الانتهاكات التي تمارسها قوات القمع الأردوغانية تجاه المعتقلين في السجون.
صحيفة "زمان" التركية المعارضة، ذكرت أن ناشطة كردية تدعى ميديا تشينار، وضعت حدا لحياتها، بأحد سجون تركيا، احتجاجا على انتهاكات قوات قمع اردوغان بحقها.
ولا يعد انتحار تشينار حادثة منفصلة، وإنما تعتبر واحدة من بين حالات مماثلة، زادت منذ أن بدأت النائبة الكردية ليلى جوفين، إضرابا عن الطعام في نوفمبر الماضي.
آخر تلك الحلات كانت المعتقلة الكردية زهراء صاغلام (23 عاما)، والتي أنهت حياتها في سجنها بولاية أرضروم (شمال)، بعد إضرابها عن الطعام.
كما انتحرت المعتقلة آيتين باتشَت (28 عاما)، شنقا داخل سجن "جبزه" النسوي بولاية كوجالي (شمال)، الذي كانت تقبع فيه منذ 6 سنوات، وجاء انتحارها هي الأخرى، بعد فترة من الإضراب عن الطعام.
ويوم 17 مارس الماضي انتحر المعتقل الكردي زولقوف جزان داخل معتقله بولاية تكيرداغ (شمال غرب)؛ رفضا لقمع السلطات التركية، حيث كان قد حكم عليه بالسجن لمدة 100 عام، على خلفية اتهامه بـ"الانتماء لتنظيم إرهابي".
وبحسب وسائل إعلام تركية مختلفة، فإن المنتحرين اعتقلوا بعد اتهامهم بالانضمام لكيانات إرهابية دون سند، وتعرضوا للتعذيب والإهانات داخل سجون السلطة، ما دفعهم للإضراب عن الطعام؛ كي تصل أصواتهم للحكومة التي سدت آذانها عن صرخاتهم.
رقم قياسي من الانتهاكات
قالت الكاتبة التركية آسلي أردوغان، إن بلادها سجلت رقما قياسيا في عدد المعتقلين، في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان موضحة أن "هناك أكثر من 300 ألف شخص خلف القضبان في الوقت الحالي، من بينهم 170 صحفيا وأعضاء ومسؤولون في الحزب الكردي".
وقالت الكاتبة التركية الحاصلة على جائزة "سيمون دي بوفوار" عام 2018، في تصريحات صحفية إن "تركيا تبني سجونا جديدة"، متوقعة أن يصل عدد السجناء في البلاد إلى نصف مليون بحلول عام 2021.
وأضافت: "الوضع مؤسف للغاية، ومحزن أكثر مما تعكسه الأخبار المنشورة"، موضحة أن "الأشخاص الذين تجرى محاكمتهم في تركيا هذه الأيام يواجهون عقوبات صارمة للغاية".
يوماً بعد يوم يتكشف الوجه القبيح للرئيس التركي رجب أردوغان، وتفتضح الصورة التي رسمها لنفسه باعتباره خليفة المسلمين وحامي الأمة، ولا يتبقى منها إلا صورة الطاغية المستبد، الذي اتخذ من الانقلاب المزعوم على حكمه عام 2016 فرصة للانتقام من خصومه والتخلص منهم، فزج بأكثر من 300 ألف مواطن تركي في السجون، ولازال يواصل قمعه للشعب، للتخلص من كل معارضيه.