بات الاعلام يحتل مكانة مرموقة نتيجة لما يمتلكه من قدرة على التأثير والاقناع، وتشكيل الافكار، وصياغة الرأي العام، ونستطيع القول ان التطور الكبير الذي طرأ على وسائل الاعلام والاتصال والتكنولوجيا ساهم في ظهور وسائل اعلام حديثة تتميز بعنصر السرعة في نقل الخبر والمعلومة.
فقد شهد العالم في نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي تطورات وتحركات سياسية كبيرة مما دفع الدول والحكومات باللجوء إلى مختلف الوسائل والاساليب الاعلامية والاتصالية من اجل تحقيق غاياتها واهدافها وتعميق مبادئها والترويج لايديولوجيتها، وظهر الاعلام السياسي الذي يهتم بالجوانب والقضايا السياسية ويقوم بأحداث التأثير والتغيير في الاراء والافكار والقناعات لدى الجمهور، حقيقة لا يوجد في حقل الاعلام مثل هذا المصطلح، لكنه تعبير مجازي عن حالة بعض وسائل الاعلام المسيس الذي يعبر عن توجهات دولة ما أو حزب سياسي
وتطور الاعلام السياسي الفلسطيني مع تطور وسائل الاعلام المختلفة اذ اصبح يهتم بكيفية توظيف واستغلال تلك الوسائل في العملية السياسية، وفي المواجهة المستمرة مع الاحتلال منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية، وأيضاً في تطوير مؤسسات الحكم والسلطة وتنميتها كذلك المساهمة في اصلاحها من خلال اشراك الفصائل والنخب والشباب الفلسطيني في الجامعات والتنظيمات المختلفة في صناعة القرار، واتاحة المجال أمام السياسيين وقادة الرأي في فلسطين للحصول على المعلومات والبيانات، وتلقي ردود أفعال الجمهور نحو سياستهم وقراراتهم ومواقفهم، مما يساعد في كل العمليات والخطوات المصاحبة لصنع القرار السياسي الوطني ، كما يساهم أيضا في تعبئة الجماهير، وحشدها حول أفكار وآراء واتجاهات معينة، مهما كانت هذه الجماهير متباعدة جغرافيا، فضلاً عن أنها تمثل أثراً واسعاً في تحقيق المزيد من التأثير على الجماهير، وتوجيهها نحو آراء وأفكار معينة لتحقيق المزيد من التفاعل والقدرة على اتخاد قرارات اكثر صوابية وفقاً لتوفر المعلومات التي تساهم في الوصول للحكم الصحيح على القضايا والاحداث.
كما تؤدي الجهود الاعلامية الموجهه سياسياً والقائمة على اساس الدراسة الفعلية لتوجهات الرأى العام الى زيادة اهتمام الجماهير الفلسطينية بمختلف مشاربها بالقضايا والمضوعات المثارة، ممايساعد على تحقيق الاهتمام المستمر للراي العام الفلسطيني بهذه القضايا وبلورة راي العام اقوى ومستنيرنحوها.
ويشكل الإعلام السياسي الفلسطيني الركيزة الأساسية التي ترتكزعليها الفصائل الفلسطينية كونها وسيلة هامة لا تقل أهميتها عن العمليات البطولية التي يقودها شعبنا الفلسطيني من وسائل نضالية متعددة ومتجددة تعمل بقوة للتصدى لمخططات الاحتلال وادوات قمعه في كل مكان.
إن أبرز النجاحات التي حققها الإعلام السياسي الفلسطيني بشقيه الحزبي والرسمي فضح ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ضد شعبنا الأعزل وتعبئة الرأي العام العربي والعالمي لمساندة قضيتنا الفلسطينية واستخدام الاعلام السياسي كل تطور ممكن على صعيد الاعلام الالكتروني الجديد لمواجهة الحرب الإعلامية المستعرة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني وكافة قياداته الفاعلة من قبل الماكنة الاعلامية الاسرائليلية، وقد وفر هدا الاعلام الجديد أدوات ومساحات كبيرة للإعلاميين والصحفيين الفلسطينين للتعبير عن رأيهم ونشر ما يصل إليهم من معلومات وصور وفيديوهات وهذا ما أتاح للرأى العام الفلسطيني والعربي، الاطلاع على جزء كبير مما تحاول إسرائيل إخفاءه أو تحريفه بحيث استفاد شعبنا الفلسطيني من نشر هذه الصور والفيديوهات لإبراز كذب ادعاءات الإعلام الإسرائيلي في أكثر من مناسبة.
ان الإعلام الذي نريد فلسطينياً هو الإعلام القادر علي تشكيل وعي سياسي وتوجيه وتصويب السياسات نحو الصورة الحقيقية لنضال الشعب الفلسطيني، الصورة التي شوهتها آلة الدعاية الإسرائيلية المغطاة بعناوين إعلامية غربية، وشوهها بعض إعلامنا العربي عندما تغافل عن الحقيقة فكان مرآة للرواية المضادة لقضية الشعب الفلسطيني وشرعية كفاحه ضد الاحتلال الاسرائيلي.
لا بد من أن يملك هذا الإعلام الوسائل المناسبة لإيصال صوته إلي العالم وأن يتمتع بالكفاءة والتقنيات التي تتيح له دحض الافتراءات التي يبثها إعلام الاحتلال ضد المقاومة والثورة في معركة قد تستمر سنوات عديدة، ولكن حين يفتقد المجتمع الفلسطيني القدرة على خلق اعلام حر مكافح لكل الوان الاضطهاد والقمع سواء من الاحتلال او السلطة الحاكمة في غزة او الضفة، أو تتخلى عن دورها في عملية تعبئة الجماهير والراى العام الفلسطيني وطنياً، تصبح وسائل الإعلام المختلفة قوي ضغط موجهة بيد الفصائل و السلطة وليست قوي ضاغطة جماهيرياً علي صناع القرار سواء على صعيد الفصائل او السلطة واجهزتها الحاكمة.