إنضمت حركة حماس الى حفل اللطميات على سليماني، وتوجه وفدها الى طهران ليعزي بـ "شهيد القدس" قاسم سليماني مهندس التغلغل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهو الذي كرس حياته منذ أن كان شابا لهدف واحد، وهو الانتقام للامبراطورية الساسانية التي أسقطها الفتح العربي في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وفقا لأقوال قديمة له نشرها موقع آهستنان الإيراني، فبينما يلطم بعض العرب أتباع إيران على سليماني تجد شبانا إيرانيين يخرجون لتمزيق صوره في طهران.
كان يمكن أن نتفهم وجود وفد حمساوي في الجنازة والعزاء، لأن إيران كانت تعتبر الأموال التي مولت بها حماس استثمارا في الأمن القومي الإيراني وفقا لتصريحات لعلي شمخاني في مجلس الشورى الإيراني قبل سنوات، حيث صبت إيران خلال سنة واحدة سنة 2006 مبلغ 250 مليون دولار في خزينة حماس لدعمها في الانتخابات، بمعنى أن إيران كانت تعتبر حماس ورقة ضمن أوراقها في المنطقة تلعب بها وقت الحاجة، وكان المبعوث الإيراني جليلي هو الذي يهيمن على قرارات حماس، حيث منعها من الموافقة على عدة اتفاقات للمصالحة الفلسطينية وتراجعها عنها وفقا لم نسب الى الرئيس السوري بشار الأسد بعد انضمام حماس الى القتال ضده، حيث أبلغ وفدا من قادة الأحزاب العربية في دمشق أن حركة فتح كانت في صراع دائم مع سوريا، لكنها لم تتآمر عليها ولم تغدر بها مثلما فعلت حماس التي طعنت سوريا في الظهر.
هناك فرق بين القرار الفلسطيني المستقل الذي دافع عنه أبو عمار رحمه الله وبين بيع المواقف الذي تمارسه حركة حماس لمن يشتريها. كان أبوعمار في زيارة لطهران ذات سنة وكان فرحا بزيارته الأولى لباريس، حيث استقبله الرئيس ديستان وعاد بعرض فرنسي مغر، وهو أن فرنسا تبحث عن شركاء لانتاج الطائرة ميراج 2000 وأنها ستوافق على أية مشاركة عربية أو إسلامية في التمويل والشراء، فذهب أبو عمار مستبشرا خيرا من إيران وقابل الخميني وأبلغه بالعرض الفرنسي، فرد الخميني: "لقد قررنا منح منظمة التحرير مبلغ ستين مليون دولار لقاء احتضانها وتدريبها وحمايتها للمعارضين الايرانيين في لبنان،.. فاستطرد أبو عمار: "لم أحضر لهذا الهدف".. ونوه بمزايا العرض الفرنسي الذي سينتج طائرة يمكنها مواجهة إسرائيل، فرد الخميني: نريد الوصول الى مياه البحر”.. فقال أبو عمار: "ولكنكم على مياه البحر في الخليج وبحر العرب".. فقال الخميني: "لا.. نريد الوصول الى مياه البحر المتوسط ". هنا فهم أبو عمار الرسالة، وهي أن أطماع إيران تتجه غربا للهيمنة على العالم العربي، ولما غادر طهران توجه فورا الى بغداد واتخذ له مقرا هناك إضافة إلى مقره في تونس. فالعربي لا يتآمر على عروبته.