الإقامة الذهبية، التي شرعتها وبدأت تنفيذها دولة إمارات الخير، هي فكرة رائدة تستحق التوقف عندها، لأنها فكرة عبقرية تحتاج الثناء لمن قرر أولا، ومن فكر ثانيا، حيث الأفكار الجميلة والفارقة كثيرة فهي نتاج عقول مبدعة، وما أكثرها، لكن تنفيذ الفكرة ونقلها لأرض الواقع لتعم الفائدة هي نتاج عقلية حداثية، رائدة، قائدة بحق، وليس أي قائد يمكنه ترجمة كل فكرة مبدعة، بل من التقط الفكرة على أنها يمكن ترجمتها عمليا وأمر بذلك هو عقل رائي.
لو ننظر لما جاء في إعلان وإجراءات وهدف الإقامة الذهبية في دولة الإمارات، وما سبقها من قرار منح إقامات طويلة تصل، خمس أو عشر سنوات لفئات محددة وشروط معينة شملت البعد الإنساني للمتقاعدين ومن أمضوا سنوات طويلة في عملهم في دولة الإمارات، وتلك أحدث إبداعات المسؤولين لهذه الدولة الفتية لتكون واحة المستقبل لنماذج الدول العصرية التي تعتقد بصوابية التنوع البشري والثقافي والخبراتي على أرض المستقبل المضيء وشعبها الجميل، إمارات الخير.
"تهدف تأشيرة الاقامة الذهبية الإمارات إلى جذب رواد الأعمال المستقلين ورؤى الأعمال لتعزيز الاقتصاد المحلي، ستعمل هذه الخطوة على تحسين مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كحاضنة عالمية للابتكار والموهبة، إلى جانب تأشيرة العمل، يمكن للمرء أيضاً التقدم بطلب الحصول على تأشيرة المستثمر في دبي"
هذا إقتباس ما جاء في شرح الأنظمة والقوانين في دولة الإمارات العربية المتحدة.
تصب هذه القرارات في مصلحة دولة الإمارات، بهدف إنساني، إقتصادي، ثقافي، وفي المقابل وبنفس الروح الخيرة تصب هذه القرارات العظيمة في مصلحة فئات متعددة من الموهوبين والعلماء ورجال الأعمال والخبراء أنفسهم، تتعدى تبادل المصالح والخبرات إلى آفاق أخرى أكثر إنسانية بقناعات القيادة الإماراتية وعقليتهم المنفتحة على كل البشرية وهي تعلي قيم التسامح والسلام وخدمة الإنسان أي إنسان على هذه البسيطة دون تعصب للون أو عرق، هوية أو معتقد.
كجراح متقاعد وكاتب مقال زرت الولايات المتحدة واليابان ومصر والأردن والسعودية رأيت تقدما فكريا في دولة الإمارات ونظمها، زرت دولة الإمارات أول مرة في العام 1984 وزرتها في العام الماضي والعام الذي سبقه ورأيت الفارق الكبير وسرعة تطور هذه الدولة التي مازال مواطنيها الأصليين يتمتعون بمعدنهم الأصيل في السماحة والكرم وأدبهم وهدوئهم ونهضتهم في العمران والطرق الحديثة والمنشآت والأسواق ومعالم السياحة والاستجمام وسهولة التنقل وهذا التنوع البشري السعيد بوجوده في بيئة تنم عن قدرة قيادة هذا البلد ومشاريع في غاية الدقة والنظام والجمال والراحة والشعور الأجمل وأنت تتجول في أسواق وتندهش لمنشأة في غاية الروعة لمسجد المرحوم الشيخ زايد في أبو ظبي، وتنتقل لمنتجات وتراث العالم كله في القرية العالمية في دبي.
لم أستغرب حين قرأت عن منح فئات مهمة وموهوبة ومؤثرة الإقامة الذهبية لتكتمل أمامي صورة عن عقليات كبيرة تدير هذا البلد الواعد أكثر وأكثر في المستقبل رغم موقعه المتميز والمؤثر الآني، ولكني أرى دولة الإمارات في الصف الأول في العقدين القادمين ولا أجامل إن كنت متوقعا أن تصبح هذه الدولة أفضل دولة في العالم للحياة والسعادة فيها وهي تستكمل عناصر النهضة الحديثة بل الأحدث في العلوم والتكنولوجيا والفكر والصحة والعمران وقبلها الإنسان ومسهلات الحياة.
كانت دائما تراودني فكرة كنت أظن استحالتها منذ عقود ولكني وأنا أرى ما تقوم به قيادة دولة الإمارات من تطوير في بلادها بدأت أشعر بأن المستحيل قد يصبح حقيقة، وشجعتني لكتابة هذا المقال وطرح الفكرة.
الفكرة جديدة وعقلنا العربي ليس أقل من فكر من أقاموا هوليود للسينما فأصبحت تلك إقامة ومزار وورشة عمل مستمرة تنتج وتتحف العالم بعملها الفني وتدر الأموال وأثرها في تغيير كثير من المفاهيم والأفكار وحقوق الناس وصيانتها ومصادر دخلهم ومشاريعهم المنتجة، فأرى ما يلي
لو قامت دولة الإمارات بمشروع تجمع سكني أو كومباوند يجمع كل كتاب العرب للسكن والإقامة به ما بعد عمر الستين وليس قبل، لأن الشباب يكونون في مرحلة نشاط لتثبيت مكانتهم المالية والاعتبارية، ولم تتكرس بعد لديهم الحكمة وعمق التفكير قبل سن الستين.
هذه الفئة المستهدفة ما بعد سن الستين، لأسباب منها تقديرا لفكرهم وكتاباتهم بعد هذا العمر وتلميع كتاباتهم وتنشيط إبدعاتهم وهذه العقول في هذا العمر هي ثروة قومية سيستفيد منها كل العالم، فهي عقول عميقة ومبدعة تجدون لديهم أفكارا وثقافات متعددة ستحدث أثرا منتجا ومفيدا لحياة المنطقة يمكن تنظيمها في أعمال ثقافية غير منظورة الآن ولكن عندما يصبحون في حالة إستقرار في مجمع سكني تقدم لهم خدماتهم الصحية والحياتية وما يستطيعون العيش به من مال بسيط في هذه السن المتأخرة، وهم في غالبيتهم ليسوا أغنياء، والموسرين منهم فئة ضئيلة جدا وهو مشروع رائد ستعود على الدولة فوائد منها مالي بإنتاجهم ومردود حضاري إنساني له علاقة بتكريم هؤلاء ومردود ثقافي تنويري تصبح معه الإمارات مقرا لعقول جمة مبدعة في الأصل، ومردود مهم جدا هو عقل جماعي ستجدون فيه حكمة الرأي في كل لحظة، ومواقف عابرة لثقافات متعددة مركزة في هذا التجمع في هذه الدولة الواعدة، ومنها لاحقا تنطلق أفكار كيفية الإستفادة منهم في أي مشروع لتنظيم والإستفادة من قدراتهم أكاديميا أو مؤسساتيا تخرج منها المثير من الأفكار والإبداعات بعد تنفيذ هذا المشروع وهم بالمناسبة لن يتعدوا ألف كاتب.
هذا الإقتراح مقدم لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، بعد إصدار نظام الاقامة الذهبية في الامارات و نظام الإقامة الدائمة في الإمارات لفئات محددة.