- صفارات الإنذار تدوي في ناحال عوز بغلاف غزة
لا يحتاج الفلسطيني، أي كان موقعه، عدا بعض "المتحجرين"، الى جهد كبير ليدرك ان الأزمة الوطنية الكبرى التي تعيشها القضية الوطنية، في نكتبها الراهنة، هي نتاج مؤامرة أمريكية – إسرائيلية، تتساوق معها بشكل أو بآخر، فصائل كانت جزءا من المشهد الانتكاسي الحديث، وأبرز ملامحه، ظاهرة الانقسام العامودي، والذي اعتبرته دولة الكيان أحد اهم الأسلحة لتمرير مشروعها التهويدي.
فمنذ ان تمكن رئيس وزراء حكومة الاحتلال شارون من اغتيال المؤسس الخالد ياسر عرفات والتخلص من "العقبة الكبرى" نوفمبر 2004، بدء بتنفيذ مخططه الاغتصابي المعاصر، بالخروج من طرف واحد من قطاع غزة نهاية 2005، تلاها مباشرة تمهيد المسرح السياسي لتسليم القطاع الى حركة حماس "ديمقراطيا" في انتخابات يناير 2006، برعاية أمريكا وإسرائيل، تتوج بانقلاب يونيو 2007، الذي فتح الباب لمبدأ "التقاسم الوظيفي – الكياني" بين جناحي السلطة القائمة في بقايا الضفة وقطاع غزة.
يبدو ان بعض الفصائل الفلسطينية، التي تعيش مرحلة "العجز الشمولي"، عدا طلاقة اللسان الاتهامي، تصر على عدم رؤية الواقع بتطوره، وتبحث عن "ذرائع" و"مبررات" لذلك العجز، لو تم التعامل بحسن نية سياسية، وترمي به على غيرها، دون ان تقف مرة واحدة وتعلن لشعبها، انها لم تعد حركة قادرة وان استمرارها ليس سوى بعضا من مكملات "المسرح السياسي"، لكنها لم تعد قادرة على تحقيق أي مما وعدت به، ووصلت الى حالة العجز العام.
شهدت مدينة غزة مؤتمرا لبعض من تلك الفصائل عقدته يوم 19 فبراير 2020، تحت مسمى رفض صفقة ترامب، مع وعدها القاطع بأنها "لن تمر"، علما بان الصفقة قطعت شوطا كبيرا في التنفيذ تهويدا وضما وإعلان القدس عاصمة للكيان، ولكن تلك الفصائل يبدو انها باتت "زرقاء اليمامة السياسية"، ترى ما لا يراه غالبية أهل فلسطين.
كان منطقيا جدا، بل ومؤشرا إيجابيا، لو ان حركة حماس أعلنت في "ذاك المؤتمر"، انها تتخلى كليا عن حكم قطاع غزة ونهاية سيطرتها الانقلابية، وتطالب تشكيل لجنة وطنية لإدارة الحياة العامة الى حين تسوية الأمر وطنيا، وقبول حكومة الرئيس محمود عباس ان تأتي لاستلام إدارة العمل العام، بما فيه الأمني، مع استثناء الأجنحة العسكرية للفصائل، التي تحتاج الى إعادة دراسة وتنظيم ضمن "جهاز موحد".
ولكن، هروبا من المسؤولية المباشرة، عادت فصائل "زرقاء اليمامة السياسية"، لتلقي بكل التهم على غيرها، لم تفكر فيما تقول، ولم تميز بين واقع وآخر، فلا يهمها تبيان طريق الصواب، بقدر ما بحثت ترسيخ طريق الضلال السياسي.
تلك الفصائل، قالت إن الكارثة القائمة، هي نتاج لاتفاق اعلان المبادئ 1993 (اتفاق أوسلو)، الذي أنتج اول سلطة فلسطينية في التاريخ على أرض فلسطينية، سلطة قادها الزعيم الخالد الشهيد أبو عمار، دون ان تشير، ان "مجدها" العسكري كان منذ تأسيس السلطة وحتى المشاركة في تدميرها عمليا وتحويلها الى شبح سياسي، وفتح الباب لكسر جوهرها ليتناسب والمشروع التهويدي.
ودون تفاصيل منهكة، نطالب الفصائل الثلاثة (حماس، الجهاد والجبهة الشعبية) عمل مقارنة إحصائية بعدد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل منذ عام 1993 وحتى عام 2005، مقارنة بعملياتها منذ 2006 وحتى تاريخ مؤتمر "زرقاء اليمامة السياسي" فبراير 2020، ولن نعيد التذكير بالمواجهات الوطنية الكبرى التي قادها الخالد ياسر عرفات منذ عام 1996 وحتى اغتياله 2004، فتلك قد تكون عصية الفهم والإدراك عل بعضهم.
وبالتأكيد، نتمنى أن تملك ذات الفصائل الشجاعة السياسية في نشر تلك الإحصائية، وهل المسالة كانت "سلطة أوسلو" الى حين 2004، ام "سلطة تقاسم المصالح" غير الوطنية، منذ عام 2006 وحتى تاريخه...ومعها أيضا تحدد أسباب ذلك، ولما كان "العهد العرفاتي" هو العصر الذهبي لتلك الفصائل عسكريا، وبات العهد العباسي الحمساوي هو "العهد الترابي" لعملها العسكري.
هل نذكر قيادة الجهاد، بما كان من حماس بعد تطورات الشهيد أبو العطا، وكمية التهم التي طالت الحركة بعد ردها العسكري، ولما ثارت ثائرة قيادة حماس امنا وسلطة وكادرا وإعلاما، هل كانت "سلطة أوسلو" هي وراء ذلك أيضا.
الى فصائل "زرقاء اليمامة السياسية"، من يقف عائقا الآن أمامكم لخوض معركة عسكرية كبرى دفاعا عن القدس، الم تعلنوا أنكم وحلفاء "جبهة المقاومة" عربا وعجما قادرون ان تلحقوا بالكيان هزيمة لن ينساها...فما تنتظرون، بعد أن تحررت "غزة" من سلطة أوسلو وباتت تحت "سلطة المقاومة"، كما تصفون أنفسكم.
يا سادة يا كرام، العجز بكم وليس بغيركم، ومن ينتظر حقائب قطر المالية بموافقة إسرائيلية، لا يحق له ابدا التطاول على من قاد أهم معركة مواجهة مع العدوين الأمريكي والإسرائيليين، انتهى باستشهاده، في زمن كانوا شركاء لبعض من تآمروا عليه.
المراجعة السياسية الحقيقية ضرورة وطنيا، وليدرك البعض ان "الكذب ليس حلا"، ودوما عمره قصير مهما طال وتنوع!
ملاحظة: اعتراف رأس الطغمة الفاشية في إسرائيل نتنياهو، ان التطبيع مع العرب لن يكون سوى بحل القضية الفلسطينية، يكشف أزمتهم الفعلية مع فلسطين...هل يدرك محترفي النصب السياسي ذلك!
تنويه خاص: قدمت حركة "النهضة" الإسلاموية في تونس درسا في الانتهازية السياسية، عندما أعلنت في الثواني الأخيرة موافقتها المشاركة في الحكومة الجديدة، حصلت زيادة حصص المقاعد وخسرت من حصص المبادئ...للبعض الفلسطيني حاذروا "المتأسلمين" فدينهم الحق مصلحتهم!