اليوم السبت 23 نوفمبر 2024م
عاجل
  • شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزة
شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزةالكوفية أبو عبيدة يعلن مقتل أسيرة إسرائيلية في شمال قطاع غزةالكوفية دعوة للجنائية الدولية لطلب مساعدة "الإنتربول" للقبض على نتنياهو وغالانتالكوفية إصابات بقصف الاحتلال مركبة في مدينة صور، جنوب لبنانالكوفية لمعاينة مواقع المستوطنات - تفاصيل دخول زعيمة حركة استيطانية إلى غزةالكوفية جيش الاحتلال يطلق قنابل دخانية بشكل كثيف غرب مخيم النصيراتالكوفية أوستن يتحدث مع كاتس بشأن اتفاق مع لبنان يضمن هذا الأمرالكوفية مدفعية الاحتلال تقصف محيط دوار أبو شريعة في حي الصبرة جنوب مدينة غزةالكوفية تطورات اليوم الـ 414 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية طيران الاحتلال يشن غارتين على منطقة قاع القرين جنوب شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية قصف إسرائيلي بالقنابل الحارقة على محيط بلدة المنصوري في قضاء صور جنوبي لبنانالكوفية "شؤون الكنائس" تدعو لاقتصار عيد الميلاد على الشعائر الدينيةالكوفية 120 شهيدا و205 مصابين في 7 مجازر جديدة بقطاع غزةالكوفية جنوب إفريقيا: نية إبادة غزة لدى "إسرائيل" صارخةالكوفية مخطط إسرائيلي يهدد أقدم مسجد في حيفاالكوفية مصادر طبية: تعطيل المولد الكهربائي وشبكة الأوكسجين والمياه في مستشفى كمال عدوان بسبب القصف المتواصلالكوفية الاحتلال يغير القوانين في الضفة بما فيها القدس للاستيلاء على الأراضيالكوفية المجلس الدولي للاتصالات يعتمد قرارا حول حماية الصحفيين الفلسطينيينالكوفية ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 189 منذ بدء العدوان على غزةالكوفية بالصور || مستوطنون يقطعون أشجار زيتون جنوب نابلسالكوفية

في الذكرى الرابعة لرحيله

"موســى ســابا".. رجل غيبه الموت ولن ينساه التاريخ

17:17 - 21 فبراير - 2020
عبد الناصر عوني فروانة
الكوفية:

ليس بالأمر اليسير أن تكتب عن قامة وطنية عظيمة، وتجربة كفاحية عريقة، ومسيرة نضالية كبيرة، فالمهمة تبدو صعبة للغاية وأنت تُبحر في قاموس اللغة العربية لتنتقي من الكلمات ما يليق بتلك القامة لتكتب عن مسيرة كفاحها الطويلة في سطور قليلة، وبكلمات محدودة. وقد لا تجد في قاموس اللغة مايليق برجل بحجم الوطن، وركن من أركان المقاومة في الزمن الجميل. رجلٌ يختزل بداخله حكاية شعبمضطهد ومسيرة ثورة مستمرة ومستعرة. إنه المناضل القدير وأحد أبرز نشطاء المجتمع المدني الفلسطيني الفقيد "موسى سابا".

"موسى سابا"..فلسطيني الجنسية، ثوري الانتماء، مسيحي الديانة، شأنه شأن الكثيرين من المسيحيين الذين لعبوا دورا مهما وتاريخيا في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة ونهضة المجتمع الفلسطيني، وشكّلوا معالم بارزة في تاريخ الشعب الفلسطيني وتركوا بصمة واضحة في قلوب وعقول الناس من خلال عملهم المهني ونشاطهم المجتمعي والرياضي وحضورهم الاجتماعي والخدماتي وإبداعاتهم الثقافية والفنية، فبرز منهم القادة والعظماء و المفكرين والمؤرخين والعلماء والإعلاميين والأدباء والشعراء .

"موسى سابا" وكنيته "ابو عيسى".. فلسطين أنجبته، وغزة احتضنته، وهو واحدٌ من المسيحيين الفلسطينيين الذين تعرضوا للظلم التاريخي والتشريد، كما لم تكن المقدسات المسيحية في فلسطين بمنأى عن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، لذا فلقد كرّس حياته لفلسطين وقضيتها العادلة ودفاعا عن مقدساتها، ومن أجل ان تحيا ويحيا شعبها بحرية ودون احتلال، فتعرض للاعتقال وذاق مرارة السجن وقساوة السجان أكثر من مرة، ولأن الاحتلال لا يميز ما بين فلسطيني وآخر، أكان مسلما أم مسيحيا، فلقد تعرض المسيحيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي لما تعرض له المسلمون من تعذيب ومعاملة لا إنسانية وحرمان من أبسط الحقوق الأساسية، فكانوا شركاء في الألم والصمود والمواجهة خلف القضبان، وبرز من بينهم من اعتبروا قيادات ورموز للحركة الأسيرة. وأن قائمة من استشهدوا من الأسرى في السجون الإسرائيلية لم تخلُ من المسيحيين. ليؤكدوا دوما على أنهم شركاء في الألم والمقاومة، وأن العلاقة الإسلامية -المسيحية في فلسطين، متميزة ومتينة، وأن الفلسطينيين أيا كانت ديانتهم مسيحية أم إسلامية يعيشون إخوة وأصدقاء في العمل والعلم، وجيران في المسكن.

"موسى سابا".. ولد عام 1926 في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين والتي تعتبر عاصمة النقب، وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس بئر السبع، وأنهى الثانوية العامة في مدرسة الفرندز برام الله، ثم عمل في دائرة الاحصاء الفلسطينية بالنقب قبل ان تهاجر عائلته الى قطاع غزة اثر النكبة عام 1948. ليعمل بعدها في وكالة الغوث الدولية للاجئين بغزة، وبعدها عمل ضابط ارتباط في قوات الطوارئ الدولية. كما وكان من مؤسسي جمعية الشبان المسيحية وتولى منصب المدير التنفيذي لها خلال الأعوام 1976-2011م.

"موسى سابا" .. آمن بالمقاومة نهجاً وخيارا، منذ نعومة أظافره، من أجل العيش بحرية وكرامة، وامتشق السلاح وسيلة منذ صباه لدحر الاستعمار البريطاني عن أرض أجداده وتحرير المقدسات من دنس جنوده ومستوطنيه.فالتحق بالمقاومةوشارك في مواجهة الاستعمار منذ صغره وقبل أن يشتد عوده.

بعد "النكبة" واصل مقاومته ولم ترهبه عمليات القتل والمجازر الجماعية التي نفذتها العصابات الارهابية بحق الفلسطينيين. كما لم تثنيه عمليات الاعتقال والملاحقة للنشطاء ورجال المقاومة، فتعرض للمضايقات تارة، وللملاحقة تارة أخرى، وفي الأيام الأولى من الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1956 اعتقلته قوات الاحتلال وزجت به في سجونها حتى انسحابها من القطاع أوائل عام 1957.

بعد هزيمة عام 1967 واتمام اسرائيل احتلالها لباقي الأراضي الفلسطينية ومن ضمنها قطاع غزة، شارك في تأسيس قوات التحرير الشعبية الذراع العسكري لجيش التحرير الفلسطيني وكان له فيها دور قيادي، وتقلد منصب المفوض السياسي لتلك القوات، وشارك في قيادة وتوجيه مجموعاتها، وكان له دور لافت في المقاومة خلال تلك الفترة، فلمع اسمه وأدركت سلطات الاحتلال خطورته، فاعتقلته من جديد عام 1972ضمن مجموعة من المقاومين، ومارست بحقه أبشع اساليب التحقيق والتعذيب في محاولة لكسر صموده واجباره على الاعتراف والبوح بأسرار المقاومة والعمليات الفدائية التي أقضت مضاجع الاحتلال خلال تلك السنوات. فكان كما عرفه رفاقه وأصدقائه، صلبا وصامدا ولم يخنهم.

أفرج عنه بعد بضعة شهور كانت هي الأقسى في حياته، ليواصل عطائه ومقاومته للاحتلال وأجهزته المختلفة، فيعتقل للمرة الثالثة عام 1976 وبعد تحرره تبوأ منصب المدير التنفيذي لجمعية الشبان المسيحية حتى عام 2011، تلك الجمعية التي جعل منها منارة لكل الفلسطينيين في قطاع غزة، مسيحيين ومسلمين، ومكانا للتعبئة والحشد والتحريض على الاحتلال، وتميز كذلك بنشاطه الاجتماعي والمجتمعي.

"موسى سابا".. التقيته مرارا واستمعت الى أحاديثه مرات كثر، وفي كل مرة ازددت اعجابا به واحتراما له. كان رجلا معطاء ومناضلا شرسا، كان أخا وأباً، كان حكيما ورمزا وطنيا أصيلا، كان عنوانا للقيم السامية والتسامح الديني والوطني، وعلم من أعلام الوحدة الوطنية، ولأنه كذلك أحببناه جميعا، كمسلمين ومسيحيين، وعلى اختلاف انتماءاتنا الحزبية ومعتقداتنا الفكرية وتوجهاتنا السياسية، ليسكن قلوبنا وعقولنا ويظل حاضرا في أوساطنا.

في الثاني والعشرين من شباط/فبراير عام 2016 توقف قلبه عن الخفقان وورى الثرى في مقبرة كنيسة الروم الأرثوذكسي بغزة، وقد شارك في تشييع جثمانه قيادات العمل الوطني والاسلامي ورموز المجتمع المدني وممثلي الفعاليات واللجان الشعبية، مكللا بذلك مسيرة حياة طويلة وحافلة بالعطاء والنضال.

"موسى سابا" (1926-2016)

 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق