من تابع تصريحات الرئيس محمود عباس ومختلف فصائل العمل السياسي، موالاة ومعارضة، بعد الإعلان الأمريكي لخطة ترامب، وبحضور رأس الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب نتنياهو يوم 28 يناير 2020، وحتى 11 فبرير، لأعتقد أن حركة "الغضب الشعبي" ستكون هي السلاح العملي ردا على تلك الخطة الأخطر لتصفية القضية الفلسطينية، بل ربما تفوق في خطورتها "وعد بلفور" بكونها بدأت المساس بجوهر هوية الأرض سكانا وقضية، مع تغيير الفهم التاريخي وفقا للبعد التوراتي.
قادت حركة فتح (م 7) وبعض من تحالف "الموالاة" خروجا شعبيا بعضه تأييدا لموقف الرئيس عباس أكثر منه رفضا للخطة ذاتها، وكان الاعتقاد تعاظم الفعل الكفاحي، بعد تصريحات الرئيس عباس خلال "اللقاء التلفزيوني العام" في مقره بالمقاطعة ثم مؤتمر الخارجية العرب الطارئ وحتى خطاب مجلس الأمن، ما يقود الى اشتعال الحركة الجماهيرية، تمهيدا لاحتضان القرارات التي تحدث عنها الرئيس عباس، بفك الارتباط مع سلطة الاحتلال، ووقف اشكال العلاقة معها، أمنيا وسياسيا، بل واقتصاديا.
وفجأة، وبعد خطاب مجلس الأمن، توقفت حركة الغضب الشعبي، وكأن شيئا لم يكن من حراك شارك به "آلاف" من الفلسطينيين، في تعاكس مع المسار الإسرائيلي – الأمريكي لعملية تنفيذ خطة ترامب، وشكل فريق عمل مشترك لدراسة "خرائط الضم والتهويد" للأرض الفلسطينية، بحيث يتم التناسق لفرض وقائع جديدة دون ان تبدو دولة الكيان متخالفة مع المخطط الأمريكي، ولم يقتصر الفعل المشترك على دراسة وبحث الخرائط، بل ذهب الى إعلان أوسع عملية استيطانية في القدس، ومصادرة مطار قلنديا بما يرمز من مكانة تاريخية لفلسطين ما قبل الاغتصاب والاحتلال.
الحقيقة، ان قرار الوقف الفتحاوي والرسمي لحراك الغضب الشعبي، اشارت له وسائل الإعلام العبرية، دقائق بعد خطاب الرئيس عباس في مجلس الأمن، بل اضافت تسريبا عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن تل أبيب وواشنطن أبلغت ذلك رسميا بضرورة انتهاء هذه المظاهرات، وفي حال استمرت وخاصة من فتح، فأنها سترد بطريقتها، وبدأت فعليا بتسريب بعض الأنباء "المحظورة جدا" حول ملف الفساد العام، وكانت الاستجابة سريعا بفك الارتباط بالتظاهر العام.
واستبدلت الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح (م7) الغضب الشعبي في الضفة والقدس، بكمية من تصريحات بلا معنى والأهم بلا مصداقية، دون ان تتذكر انها تقول ما لم يعد لازما قوله، ومع كل تصريح جديد من سلطة رام الله وأدواتها، تقوم دولة الكيان برد مباشر عبر خطوة ضم جديدة، وكأننا أمام معادلة "ضم وتهويد مقابل كلام الكلام".
يوم 24 فبراير بدأ الفريق الأمريكي – الإسرائيلي بالسير عمليا لتحديد الأماكن "الجغرافية" للوجود السكاني الفلسطيني داخل دولة التهويد وفقا لخطة ترامب، أو ما يمكن تسميته لاحقا "محميات فلسطينية" داخل "دولة اليهود" الجديدة، مقابل تصريح رسمي فلسطيني يعلن ان ذلك الأمر لن يغير الواقع والتاريخ، في تأكيد لـ "أقول قولي هذا وأستغفر لي ولكم من الغضب الإسرائيلي"!
الانتكاسة الشعبية بقرار رسمي فلسطيني تمثل قوة دفع مضافة لتنفيذ الخطة الأمريكية، ورسالة تأكيد أن أي رفض لها لن يتجاوز "الحدود المتفق عليها"، في سياق الرفض الكلامي الصارخ جدا.
المفارقة التي تستحق التفكير، هل صمت الفصائل أي كان تموضعها استجابة للقرار الرسمي لسلطة فقدت هيبتها، ام تناغما مع طلب غير فلسطيني حماية لمكاسب قادمة...مسألة تحتاج وقفة خاصة!
كأننا امام مشهد مسار من معادلة ريغان 1982، "الأرض مقابل السلام" الى معادلة ترامب "الضم مقابل الكلام"!
ملاحظة: انتهت "حفلة الرد المحسوب" من الجهاد على جريمة الاغتيال والتنكيل...مارست حماس دورها بميزان من "مال قطري" وميزات إسرائيلية...ولكن ماذا بعد...هل بدأ رصف طريق الكيانية المستقلة رسميا...سنرى!
تنويه خاص: مجلس الأمن يطالب طرفي الصراع بإبقاء "حل الدولتين" ممكنا... طيب هو مين اللي دمر أصل الرواية...الحكي عن طرفين تضليل لا أكثر، لذلك وافقت أمريكا على هيك حكي!