القاهرة_ محمد جودة: تمرعلى شعبنا ذكرى اجتياح "مخيم جنين"، ذكرى بقيت راسخة في أذهان الشعب الفلسطيني كما غيرها من الذكريات البطولية الممزوجة بالألم، يوم ان صمد المخيم بكل مناضليه ودافع عن شرف الأمة وكسر أنف شارون وباراك ورئيس أركانها موفاز.
شكلت معركة مخيم جنين نموذجا يتباهى به الفلسطينيون في الوحدة الميدانية بين فصائل المقاومة والقيادة المشتركة لمواجهة باسلة، مرغت أنف الاحتلال بالتراب، في بقعة صغيرة لا تتجاوز كيلومتر مربع، قاتلت لأحد عشر يوماً منذ 1 ابريل 2002، لم تتمكن بعدها قوات الاحتلال من دخول المخيم، إلا بعد أن أخذت قرارا بهدمه وتحويله لأنقاض.
هي معركة ضارية دارت في أزقة المخيم خلال فترة الانتفاضة الثانية منذ (1 نيسان/ أبريل 2002 - 15 نيسان/ أبريل 2002) بين 200 من المقاومين المسلحين بأسلحة خفيفة مقابل كتيبة عسكرية إسرائيلية مجهزة بالدبابات وطائرات الأباتشي.
وقد اقتحم جيش الاحتلال مخيم جنين ضمن خطة حكومة آرائيل شارون لاجتياح الضفة الغربية فيما سمي بعملية "السور الواقي" الشهيرة، والتي تم الاعداد والتدريب من أجلها بحسب اعترافات رئيس الأركان لجيش الاحتلال الاسرائيلي "موشي يعلون" منذ زمن تحسبا لأي عمليات فدائية فلسطينية مستقبلية، حيث هدفت العملية الإسرائيلية للقضاء على المجموعات الفلسطينية المقاومة، إلا أن وقوع عملية فندق نتانيا الفدائية، عجلت من تنفيذها.
واستمرت عملية الاجتياح خمسة عشر يومًا، نكلت قوات الاحتلال مدعومة بالدبابات وناقلات الجنود وطائرات الأباتشي، خلالها بالمدنيين الفلسطينيين، مما أدى لاستشهاد العشرات واعتقال المئات، وقد تكبدت قوات الاحتلال خسائر جسيمة، في حين تم تدمير المخيم بشكل شبه كامل.
ميزان القوى العسكري:
من ناحية الفلسطينيين كان في المخيم: 200 مقاوماً مسلحين ب (بنادق كلاشنكوف وبنادق أم 16) وبعض الألغام والعبوات الناسفة محلية الصنع وقاذف أر بي جي واحد. أما جيش الاحتلال فقد حشد 5000 جندياً و 400 دبابة و 125 جرافة D9 و50 طائرة مقاتلة.
مجريات المعركة:
اقتحمت الدبابات الصهيونية مخيم جنين ودار قتال عنيف بين المقاومين الفلسطينيين وجيش الاحتلال وفي أول يوم تم إعطاب 3 دبابات (إثنتان ميركافا وواحدة تي-72) وقتل 4 جنود وجرح 16، فانسحب جيش الاحتلال من المخيم وبعد 48 ساعة توغل جيش الاحتلال في أطراف المخيم وبدأت المعركة من جديد ودارت اشتباكات عنيفة وشرسة.
وقام جيش الاحتلال بمحاصرة المخيم وقصفه قصفاً جوياً عنيفاً وقام المقاتلون الفلسطينيون بنصب كمائن مسلحة لجيش الاحتلال مما أدى إلى إلحاق عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم.
قام المقاومون الفلسطينيون بتفخيخ مداخل المخيم الصامد بالعبوات الناسفة مما أدى إلى إعطاب عددٍ من الدبابات الإسرائيلية وصمد المخيم على هذا الحال 15 يوم، إلى أن انتهت المعركة أما الخسائر من ناحية الاحتلال، فقد قتل 50 جندياً وجرح 142 وتم عطب 30 دبابة لجيش الاحتلال, أما الفلسطينيون فقد استشهد 58 مقاتلاً فلسطينياً واستشهد 47 مدنياً من سكان المخيم وجرح 300 ودمر المخيم بأكمله بسبب القصف الجوي والمدفعي العنيف.
وبالرغم من ذلك لم يبرحه أهله، وأصروا على البقاء فيه فوق الأنقاض، رافضين العودة إلى حالة اللجوء، وكانت تلك رسالةً أخرى، فضلاً عن الصمود البطولي، والمعركة الباسلة، بأن الشعب الذي يصمد مثل هذا الصمود، ويقاتل مثل هذا القتال، هو شعبٌ لا يمكن إلا أن ينتصر".
اسرائيل اعترفت بمقتل 25 من جنودها في معارك وصفت انها الاشرس منذ عام 1967 في حين ذكرت تقارير بأن عدد القتلى من الجيش الاسرائيلي تجاوز الـ55 قتيلا.
لمحة عن أهم قادة معركة مخيم جنين:
الشهيد القائد يوسف ريحان "أبو جندل" قائد معركة جنين:
ينتمي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهو ضابط في جهاز الأمن الوطني، أصر على المشاركة بل وقيادة القتال في معركة جنين، حيث كان جميع المقاتلين من كافة الفصائل داخل المخيم تحت قيادته، وكان أحد قادة المقاومة الذين قاتلوا حتى الرمق الأخير، وأعدم ميدانيا من قبل قوات الاحتلال في أول يوم، تتمكن فيه من اجتياح المخيم بعد 11 يوما من القتال.
الأسير جمال عبد السلام أبو الهيجاء (والد الشهيد حمزة أبو الهيجاء):
وهو أحد أبطال وقادة معركة مخيم جنين البطولية، وأحد القيادات البارزة في حركة حماس وكتائب القسام في المعركة، وكان بيته تم حرقه وقصفه وهدمت أجزاء منه عدة مرات خلال المعركة مكان تجمع المطاردين والمقاتلين من كافة التنظيما.
وبترت يد الشيخ جمال أثناء إصابته بقذيفة للاحتلال خلال الاجتياح قبل الأخير للمخيم، ورغم ذلك واصل مشواره المُقاوم حتى اعتقل في 24-8-2002 وحكم بالسجن المؤبد تسع مرات.
الشهيد القائد زياد العامر:
وهو من القيادات البارزة في كتائب شهداء الأقصى وأحد أبطال وقادة معركة مخيم جنين، واستشهد خلال تصديه للاجتياح في بداياته على أطراف المخيم، وله بصمات واضحة في زرع العبوات الناسفة.
الشهيد القائد محمود أبو حلوة:
وهو قائد مجموعات كتائب القسام التي قاتلت في معركة مخيم جنين، واستشهد في أوج المعركة عقب قصف الطائرات لمكان تواجده مع مجموعة من المقاتلين.
الشهيد القائد محمود محمد طوالبة:
وهو قائد سرايا القدس في معركة مخيم جنين، وأحد قادة المعركة المميزين، وله تاريخ حافل في تجهيز الاستشهاديين وزرع العبوات الناسفة.
الشهيد القائد نصر جرار "والد الشهيد أحمد جرار":
وهو أحد مؤسسي كتائب القسام في شمال الضفة الغربية، وقد شارك ببسالة في معركة مخيم جنين، وكان قبل المعركة بنحو عام بترت يده وقدمه في انفجارعبوة ناسفة خلال عملية نفذها قرب معسكر الزبابدة، ورغم ذلك واصل القتال ورفض مغادرة المخيم، وعقب اقتحام الاحتلال للمخيم في اليوم الحادي عشر للمعركة هدمت قوات الاحتلال المنزل الذي كان يتحصن به دون أن تعلم أنه بداخله ورغم ذلك لم يستشهد، وبترت جراء ذلك رجله الأخرى وتمكن رفاقه بعد ذلك من إزالة الركام وإخراجه لمكان آمن إلى أن استشهاد في 14-8-2002.
الأسير القائد الحاج علي الصفوري:
وهو أحد أبطال وقادة معركة مخيم جنين البارزين، وأحد القيادات الأساسية في سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ويقضي حكما بالسجن المؤبد في سجون الاحتلال، واعتقل في آخر أيام المعركة عقب محاصرة مجموعة من المقاتلين في ساحة المخيم إثر هدمه
شهدوا المعركة واكدوا على وقوعها:
لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، منظمة العفو الدولية، تيري رود لارسن - منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، الوفد البرلماني الحزبي الأوروبي، ووفد (الأدباء والمفكرين العالميين) الذي يمثل (البرلمان العالمي للكتّاب)، وهو وفد يضم شخصيات ثقافية وأدبية عالمية مثل: الروائي الأمريكي راسل بانكس، ورئيس البرلمان العالمي للكتاب وول سوينكا، الحائز جائزة نوبل للآداب، ورئيس البرلمان السابق البرتغالي خوسيه ساراماغو، الحائز - كذلك - جائزة نوبل للآداب، وبي داوو الصيني وهو أحد مؤسسي برلمان الكتاب، والشاعر والروائي برايتن برايتناخ (جنوب أفريقيا)، وكرستيان سالمون (فرنسا)، وفيشنزو كونولو (إيطاليا)، وخوان غويتسولو (إسبانيا).