منذ حريق النصيرات في بدايات شهر مارس 2020، تم اعتقال الكاتب عبد الله أبو شرخ لما نقله عن اتهام لجهات أمنية في حركة حماس بانها كانت سببا في ذاك الحريق، والذي أودى بحياة 25 مواطنا إمراه ورجل وأطفال، دون ان يجد المتسبب في الجريمة أي عقاب حتى ساعته، ما يفتح باب الشكوك الوطنية أن المجرم ليس شخصا عابرا ولا جهة مجهولة، بل من هو فوق القانون.
استمرار اعتقال أبو شرخ لما يقارب الشهر، بعيدا عن أي ظروف إنسانية، يمثل رسالة إرهاب غير مبررة من حركة حماس لأهل قطاع غزة، وتضعف كثيرا جدا من مصداقية رئيسها في القطاع يحيى السنوار، الذي أكد عبر وسائل إعلام الحركة، بانه لا اعتقال لمنتقد او صاحب رأي، مقولة تسقط سريعا على اعتاب غرفة اعتقال عبد الله في سجن أسود.
كان الاعتقاد أن يطلق سراح الكاتب فور خروج السنوار من مبنى القناة الحمساوية، رسالة جديدة بين حاكم ومحكوم، وأن المصداقية ستصبح عنوانا لمرحلة جديدة من التكاتف الوطني في ظل حرب من طراز فريد، بات يمثل تهديدا عالميا، وخطوة لفتح مسار يطمس مرحلة سادها "الإرهاب الداخلي" قتلا وسحلا واعتقالا، بعيدا عن أي تبريرات تطلقه الجهات المنفذة لتلك المشاهد الظلامية.
التردد في اتخاذ قرار وقف الإرهاب الأمني ضد كتاب الراي والمعارضين السياسيين، ليس هبة من أي كان، بل هو شرط لبناء مجتمع سوي صحي، فما بالنا وأن هناك عدو قومي يمارس كل أشكال الإرهاب من اغتصاب، فاحتلال فاستيطان فتهويد فقتل وحصار، دون أن نحسب العدو الطارئ "كورونا".
عدم تنفيذ "وعد يحيى" بمنع الاعتقال لأهل الراي، يمثل إساءة مباشرة له وليس لغيره، من جهة، لكن الأخطر ان عدم التنفيذ يشكل رسالة خاصة لدولة الكيان وقادتها، ان ليس قول تهديدي يمكن اعتباره تهديدا جادا، وأن الصواريخ التي ستطلق ليس سوى كلام كما هو كلام لا اعتقال لصاحب رأي، وأن تعبير "خاوة" كان في سياق دغدغة مشاعر أهل قطاع غزة تحت الحصار، في ظل ظروف صحية غير إنسانية، فكان لا بد لهم من "تسلية ما".
ألا ينفد "يحيى وعده" فتلك سقطة تضعف كثيرا من مصداقيته، التي سجلها وسط أهل قطاع غزة بل وخارجها، بانه يرسم مسارا يفك الارتباط بظلامية ما بعد الانقلاب الأسود في يونيو 2007، وتمنح "خصومه" داخل حماس وخارجه تكرار ما يتهم به، أنه ينطق بغير ما ينوي، بل انه مسؤول مباشر عن كثير من أعمال ظلامية ضد من يختلف معهم، دون ان نذكر أسماء يعرفها الكثيرون.
لا تتوقف الحياة السياسية في قطاع غزة تحت إرهاب اعتقال كاتب، لكنها قطعا علامة سوداء فيمن قرر الاعتقال، ولو كان الهدف رسالة تكميم رأي فهي الخطيئة بعينها في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي.
والمفارقة الأخرى، لعدم تنفيذ "يحيى لوعده"، ذلك الصمت الغريب لقوى سياسية تتحدث ليل نهار عن الحريات والحق في الرأي، لكنها أصيبت بخرس مزمن في الدفاع عن أهل الراي، وتركت الباب للبعد "العشائري" بديلا للمطالبة بالحريات ووقف الاعتقال.
اعتقال أبو شرخ نقطة معيبة ليس لحماس وحدها بل لكل من يصمت عليها، ولا يقاتل في سبيل وقفها كمقدمة لإغلاق ملف الاعتقال السياسي، ليس في قطاع غزة فحسب، بل ومن سجون سلطة في رام الله التي هي بالواقع تحت الاعتقال العام.
إطلاق سراح عبد الله عمل لصالح حماس والسنوار قبل غيرهم...فكروا بعيدا عن "عناد" غير سوي!
ملاحظة: الناطق باسم حكومة رام الله كشف عن اتصال بين هنية رئيس حماس ود. أشتية، بعد 24 ساعة على المكالمة..هذا غريب والأغرب ان وكالة السلطة الرسمية تأخرت كثيرا في نشره...مكالمة كان لها ان تكون خيرا لكن التعامل الإعلامي معها لا يشير لذلك.
تنويه خاص: بعض نشطاء التواصل الاجتماعي أشار الى مسألة مهمة، بأن الإرهاب العالمي اختفى تقريبا مع حضور كورونا، ما يشير الى أن الإرهاب صناعة الغارقين في حربهم ضد كورونا..بالكم مين!