وأخيرا، تمكنت مركزية حركة فتح (م7)، ان تكسر حصار كورونا وتعقد اجتماعا لها بعد غياب سياسي شبه مطلق، مانحة قيادة المشهد لـ "حكومتي الرئيس"، مع أن "الصراع الذي لم يعد خفيا" بينهما، أصبح يمثل ضررا وطنيا، لو استمر بدون تدخل مباشر.
انهت حركة فتح اللقاء، وأصدرت بيانا قدم "وصفا عاما" لما هو قائم، دون وضع خطوة ملموسة واحدة يمكن من خلالها قراءة ان الحركة، التي قادت الثورة ومنظمة التحرير، هي ذاتها الحركة التي خرج منها كلاما غائبا عن حقيقة الواقع الأخطر في تاريخ القضية الوطنية منذ النكبة الكبرى الأولى.
واستجابة لقرار الرئيس محمود عباس، قررت فتح عدم اتخاذ أي خطوة عملية محددة لمواجهة مخطط التهويد والضم الذي باتت على الأبواب، وإن تأجل الإعلان فذلك لن يلغي الضم العملي، خاصة وأن حركة الاستيطان تتسارع كلما غابت حركة الفعل للرد العملي، فيما ذهبت عملية تهويد القدس بعيدا.
ربما، ساد اعتقاد، ان غياب حركة فتح عن الكلام طوال أشهر حصار كورونا، من اجل البحث في صياغة "خطة مواجهة" وطنية شاملة تكون الرد المركزي على خطة دولة الكيان الإسرائيلي، التي تدق باب الواقع، ولم يعد أمرها تكهنا، وأن تعيد الحركة القائدة للمشروع الاعتبار لجوهر الفعل الثوري الفلسطيني، بعد أن تآكل الى ما دون الدرجة الصفرية، منذ اغتيال الخالد المؤسس الشهيد ياسر عرفات.
برنامج للمواجهة، يعيد جوهر حركة "الشراكة الوطنية"، التي كانت عامود الثورة والمنظمة خلال العهد السابق، سببا في تحقيق منجزات تاريخية للشعب الفلسطيني، يعيش على ظلالها راهنا، خاصة في ظل تنامي حركة "الفراق" مع بعض من شركاء المسار والمصير، بعيدا عن عملية التنقيب فيمن هو المخطئ، او البحث عن نقاط لتكريس الفراق بدلا من التفكير فيما يجب أن يكون لوقف عملية "الطرد المركزي" المتتالية لشركاء الثورة والمنظمة.
غياب خطة المواجهة العملية، مع تنامي حركة "الفراق السياسي" مع فصائل مركزية، سواء ما ظهر منها للعلن كما حدث مع "أزمة الجبهة الشعبية"، أو مع غيرها ممن يعبرون عن رفضهم لسياسة فتح الشاملة بوسائل أخرى، يمثل رسالة بأن القادم لا يحمل رؤية مقاومة للمشروع المعادي المتسارع، وحماية لما كان من "شراكة وطنية".
كان لفتح، ان تضع اولويتها بكيفية ترميم "بيت فصائل منظمة التحرير"، ما دامت غير قادرة على ترميم "البيت الفلسطيني" بكل مكوناته في ظل الانقسام شبه العامودي في فلسطين، والبحث في الممكن السياسي – العملي مع الشركاء، والحرص الدقيق على تعزيز الشراكة قبل أن يقال "الشركاء السابقين"، لتهدي خصمها السياسي المباشر، وطرف الانقسام الآخر قوة دفع مجانية.
نقطة الصفر لأي معركة سياسية كبرى، او حركة مواجهة حقيقية مع العدو المباشر تفترض عملية الترتيب الوطني الممكن، مع الفصائل التي لا تزال لم تذهب بعيدا في سلوك انقسامي رغم بعض مظاهره أخيرا، ولكن ذلك يفرض القيام بعملية هجوم إيجابي لمنع عملية "تخريب بيت الثورة والمنظمة"، الذي كان "الحصن الواقي" لمرحلة ثورية طويلة.
فتح، لا يجب أن تصاب بغرور الادعاء انها "الشرعية" وذلك يكفي لها، رغم انها تعلم قبل غيرها، أن مقياس الشرعية في فلسطين ليس "مرسوما رئاسيا"، بل مرسوم شعبي خاص، وهو ما باتت الحركة الأم تفتقده كثيرا، ولا يحتاج الأمر كثيرا من الجهد لاكتشاف عمق الغياب الذي يمر عليها، لو أعادت فقط قراءة رد الفعل على تعديلات قانون التقاعد، وكذلك قرار صلاحيات ديوان الرئيس، الذ أصبح يمثل "حكومة موازية" أكثر قوة من "الحكومة المعلنة رسميا".
فتح، لو كان لا زال خيارها المواجهة للمشروع المعادي وحماية المشروع الوطني، عليها ان تبدأ من إعادة بناء "بيت قوى الثورة والمنظمة"، ليس ترميما فحسب بل بناء يكون الرسالة الأولى للفعل القادم ضد العدو الوطني وضد العدو الانقسامي...
غير ذلك، ستصبح "أم الجماهير" ذكرى لها ما لها وعليها ما عليها، ويصبح الأمر التالي من سيقود المشوار الثوري الجديد لشعب الجبارين؟!
ملاحظة: حركة التذمر الاجتماعي في قطاع غزة تتسع، ويبدو ان مخزونها وصل الى حد الانفجار...البندقية القمعية ليست حلا...وما حدث مع حراك "بدنا نعيش" ارهابا قد لا ينجح في حراك لن نموت قهرا وجوعا!
تنويه خاص: حاول د. محمد أشتية بعد تجديد حالة الطوارئ دون سبب جوهري، "لملمة الغضب" بوعده لو التزمتم سنعيد الأمر فيما "أمرنا".. من يسمح للعمال الذهاب الى إسرائيل لا يمكنه أن يقول "طوارئ"...مش هيك يا دوك!