الكوفية:لم يتم حتى الساعة بلورة "رؤية وطنية فلسطينية" بعد خطاب الرئيس محمود عباس يوم 19 مايو/أيار 2020 حول فك الارتباط بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، ولا زالت حركة العمل تسير وفقا لجدول الساعة التي سبقت الخطاب.
والرؤية الفلسطينية المطلوبة ليست "صراخا" وتهديدا لدولة الكيان، أو الاستمرار في الحديث بمقولة "لو فعلت سيكون لنا موقف"، فتلك قضية تزيد الإشكاليات إشكالية أخرى، بل أصبح ملزما، أن تتحول المسالة الى رؤية تتضمن المفاهيم والمطالب، وكذلك كيفية المواجهة داخليا وخارجيا، بعيدا عن "الانتقائية" أو "الجعجعة" كلاما وردا.
ونقطة الفصل في الرؤية تبدأ بالخطوات السياسية التي لا تزال "مرتعشة" دون سبب، او لتخوفات وهمية، حيث لا يوجد تفسير عملي لعدم قيام الرئيس واللجنة التنفيذية بسحب الاعتراف المتبادل بين المنظمة والكيان، خاصة وأن إسرائيل لم تبق لها أثر لا عملي ولا سياسي، حتى الولايات المتحدة الراعي السابق لتوقيع اتفاق اعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) سبتمبر 1993 تخلت كثيرا عن ذلك الاعتراف، الى جانب أن الدول الأوروبية لها مصلحة عملية بأن ينتقل الاعتراف من منظمة التحرير الى دولة فلسطين، لأسباب سياسية وربما للبعض "قانونية".
مسألة سحب الاعتراف، يترافق معها مباشرة اعلان دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة 2012، بالتوازي وليس بالتتالي، فليس منطقيا أن يتم تقديم اعلان الدولة على سحب الاعتراف، تلك قضية تنال كثيرا من حركة الاعتراف بالدولة، إلى جانب أنها مؤشر سلبي على حقيقة المعركة.
بالتأكيد، لم يعد مجهولا ما يرتبط بحسب الاعتراف وإعلان دولة فلسطين مكملا للكيانية التي تأسست عام 1993، من اعلان حكومة الدولة وتأسيس برلمانها الوطني، الذي لا يجب أن يكسر البعد "الشرعي" للتشكيل، لذا تكوينه من المجلسين المركزي والتشريعي خطوة أولى لذلك، وهو صاحب الحق تسمية رئيس دولة فلسطين الى حين ترتيب الانتخابات العامة للدولة.
خطوات الرؤية، تتوافق معها "آليات العمل" داخليا وخارجيا، تبدأ بضرورة قيام الرئيس عباس وحركة فتح، بإعلان إعادة تفعيل ورقة بيروت يناير/كانون الثاني 2017 لتفعيل مكانة منظمة التحرير وتطوير أطرها، الى جانب آلية انضمام حركتي حماس والجهاد، وتلك أصبحت مسالة ملحة جدا وأكثر من ضرورة على ضوء
سلوك حماس الأخير، الذي يفتح الباب علانية لخلق بديل سياسي تمثيلي وفق نظرية "سد الفراغ".
تحالف منظمة التحرير هو الكتلة الرئيسية لبرلمان الدولة المقترح من المجلسين، ولذا لا خوف من عددية يمكنها "خطف الشرعية التاريخية" بـ "شرعية مستحدثة"، لكن عدم التحرك وفقا لذلك يمنح أطراف البديل عناصر مضافة للمضي نحو تحقيق هدفهم غير الشرعي بـ"غطاء "شرعي"، ولا يجور الاستمرار في مفاهيم "نحن الأصل" وغيرنا "الفرع"، والشرعية لنا، فتلك لا تسمن ولا تغني عن جوع التطوير الواجب لمواجهة الأخطر.
وبالتأكيد، تمثل أشكال مقاومة المخطط التهويدي وخطة الضم وصفقة ترامب، يتطلب صياغة آلية لذلك، تبدأ بتشكيل "جبهة مقاومة شعبية موحدة"، يكون لها قيادتها وأدوات عملها منفصلة كليا عن الأطر الرسمية، مفتوحة لكل فصائل العمل الوطني والشخصيات العامة، ومؤسسات العمل الأهلي، جبهة موحدة هي من يحدد اشكال المقاومة لمخطط المعادي.
تشكيل "جبهة مقاومة شعبية موحدة"، تمثل رصاصة الانطلاق نحو التصدي للخطة الإسرائيلية – الأمريكية، وتنقل حركة العمل من متاهات الكلام الى حركة تنفيذ الرؤية السياسية الوطنية، ويمكنها مركزة العمل المقاوم، وتجربة "القيادة الوطنية الموحدة" لا تزال في الذاكرة، حيث لعبت دورا مركزيا في الانتفاضة الوطنية الكبرى، رغم الحالة الانشقاقية التي أعلنتها حركة حماس، لكنها لم تتمكن من إنهاك "القيادة الموحدة".
إعلان "جبهة المقاومة الموحدة"، يضع حدا للعشوائية السائدة في العمل الرافض للمخطط المعادي، كم انها ترسل رسالة سياسية رئيسية أن المعركة قائمة، ولم تعد خيارا بل هي الخيار الوطني الوحيد، وتمنح الشعب الفلسطيني طاقة مضاعفة، وتربط بين الكلام المقال الذي فقد كثيرا من "صدقيته" والرد العملي.
ومن المهم لقيادة تلك الجبهة أن تعمل تقييما موضوعيا لدروس المواجهة الكبرى 2000 – 2004، أو ما تسمى بـ "انتفاضة الأقصى"، ففيها من الدروس الغنية جدا، والتي يمكن الاستفادة منها إيجابا وسلبا، وخاصة اختيار شكل المواجهة، بما فيها العمليات العسكرية، والتي لا يجب ان تكون جزءا من أشكال المقاومة راهنا، وخاصة في داخل إسرائيل، ليس هروبا بل حسابا سياسيا.
كما للقيادة أن تقيس حسابا لدور قطاع غزة في المواجهة القادمة، وهل يمكن للمخزون العسكري أن يصبح جزءا من المعركة القادمة، قد تبدو هذه المسألة شائكة، خاصة في "ثقافة" البعض الذي يعتقد أن ذلك ضرورة دون حسابات موضوعية، وبعيدا عن خطابات بعض قيادات حماس "العنترية" جدا، فالواقع يقول أن أي استخدام للقوة العسكرية الغزية ضرر وطني كبير، والاستخدام يكون فقط لو هناك "حرب موسعة".
بحث مشاركة قطاع غزة يجب أن تكون تكاملية بالموقف السياسي وليس تكاملية الرد العسكري، بعيدا عن "العاطفة السياسية" التي تختزن عقلية البعض، وأنها حق عام.
انطلاق حركة الرد العملي بين السياسي - القانوني والكفاحي الشعبي...الخيار المنتظر قبل الندم الوطني العام.
ملاحظة: رئيس الحكومة د. اشتية أعلن عن تقديم رؤية فلسطينية ضد خطة الضم الى "الرباعية الدولية"، لنعتبرها خطوة جيدة، لكن يا دكتور محمد أولى أن يعرفها أهل القضية في فلسطين، و"الرباعية العربية" لو فعلا هناك "رؤية"!
تنويه خاص: ننتظر رسالة احتجاج من الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ضد دولة قطر لسماحها لرئيس حماس القيام بالدعوة لخلق بدل للقيادة الرسمية الفلسطينية..الصمت ضرر سياسي كامل