لم تتلق حكومة نتنياهو الضوء الأخضر المتوقع إثر اختتام اجتماعات واشنطن دون قرار نهائي لدعم خطة نتنياهو لتنفيذ الضم وإعلان السيادة على أجزاء من الضفة الغربية في الفاتح من تموز القادم، إلا أنها حصلت على المزيد من المشاورات من قبل هؤلاء المجتمعين بعد وصول بعضهم إليها خاصة السفير الأميركي لديها فريدمان وآفي بريكوفيتش المبعوث الخاص للرئيس ترامب وعضو لجنة رسم الخرائط سكوت ليث، لمزيد من البحث حسب مسؤول كبير في البيت الأبيض رفض الكشف عن اسمه لـ»الأيام»، ويلاحظ هنا عدم مرافقة كبير مساعدي ترامب جاريد كوشنير هذا الوفد إلى إسرائيل بعدما شارك مع وزير الخارجية بومبيو في اجتماعات واشنطن مع بقية المشاركين، ما يفسر ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية عن خلافات حادة حول آليات تنفيذ عملية الضم وإعلان السيادة بينه وبين السفير الأميركي إلى إسرائيل الذي يعتبر على نطاق واسع أنه أكثر تمثيلاً لإسرائيل لدى الولايات المتحدة عكس مسماه الوظيفي.
تنطلق الخلافات بين كوشنير وفريدمان حول آليات التنفيذ، فالأول يعتبر العملية ضمانة لإشراك الفلسطينيين في المفاوضات بحيث يظل التهديد بالضم أحد أهم أشكال الضغط عليهم، وإذا ما تمت عملية الضم دون استجابة من قبل الفلسطينيين فلن يتبقى من وسائل للضغط عليهم ذلك أن هدف العملية الأهم هو التهديد لحث الفلسطينيين للانخراط في المفاوضات. لذلك يؤيد كوشنير التدرج في عملية التنفيذ وبحذر شديد مع مراقبة دقيقة لموقف كل من الفلسطينيين والأردن من هذه العملية إضافة إلى احتمالات التأثير على مستوى التطبيع مع بعض دول الخليج العربي، لذلك يرى كوشنير أنه لا يمكن البدء في تنفيذ هذه العملية إلا باتفاق اسرائيلي شامل وعلى الأخص إزالة تحفظات بيني غانتس زعيم «أزرق - ابيض» عليها.
على النقيض من ذلك، يرى فريدمان ضرورة الضم الفوري كي لا تتعرض صفقة القرن حسب رؤية الرئيس الأميركي للخطر في حال لم يتم التجديد لترامب لولاية ثانية كما تتوقع بعض الآراء، كما أنّ موقف فريدمان ترجمة لعلاقاته الشخصية الوطيدة مع رئيس الحكومة نتنياهو في حين يتحدد موقف كوشنير وفقاً لعلاقاته مع مجموعة السياسات المتعلقة بالشرق الأوسط ككل خاصة علاقاته مع دول الخليج العربي والتي يضعها في الحسبان لدى اتخاذه لمواقفه.
الانقسام داخل إدارة ترامب يدور حول آليات تنفيذ الخطة وليس على الخطة ذاتها، أما الانقسام في الكونغرس بين الجمهوريين والديمقراطيين في «الكابيتول هل» فيتعلق بالخطة ذاتها وهو انقسام غير مسبوق حيث إنّ كلا الحزبين كان قد اجتمع دائماً على دعم الموقف الإسرائيلي. الجمهوريون من خلال رسائلهم الداعمة للخطة يتبنون موقف وزير الخارجية بومبيو أنّ لإسرائيل الحق باتخاذ كافة الخطوات لتأمين حدودها دون ضغوط خارجية في حين دعت رسائل الحزب الديمقراطي إدارة ترامب إلى إعادة النظر في الخطة، ويلاحظ أنّ الموقعين على رسائل الحزب الديمقراطي ينتمون إلى تيارات ثقافية وسياسية متباينة ومعظمهم من المؤيدين الدائمين لإسرائيل، وهو ما أضفى على رسائل الحزب الديمقراطي توجهات يعتبرها البعض غير مسبوقة رغم أنهم أكدوا على أنّ الهدف من وراء رسائلهم الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية تعيش جنباً إلى جنب مع دولة فلسطينية قابلة للحياة.
وبينما رفضت لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية «إيباك» رسائل الديمقراطيين وأدانتها حيث إنها لم تلاحظ رفض الفلسطينيين للمفاوضات المباشرة، فإن منظمة «جي ستريت» المقربة من موقف اليسار دعمت مواقف وتوجهات الحزب الديمقراطي وزادت على ذلك تعليقها من أنّ هناك تعاطفاً مع آراء الديمقراطيين في الحزب الجمهوري إلا أن هؤلاء يتملكهم الخوف من غضب إدارة ترامب عليهم.
من المتوقع أن تترجم الخلافات الأميركية والإرباك بين البيت الأبيض والكابيتول وتنعكس على قرار نتنياهو في الأول من تموز القادم بحيث يمكن أن يقدم على تنفيذ رمزي ومتواضع، ذلك أن نتنياهو حسب «إسرائيل بوليسي فورم» تجنب المخاطرة وحافظ على الوضع القائم مع الفلسطينيين طوال فترة حكمه.