غزة: قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسؤول المكتب الصحفي بقطاع غزة وسام زغبر، إن مخيم النصيرات يدفع فاتورة وباء الحصار والانقسام بفقدان ثلاثة من أبنائه.
وأضاف، في بيان وصل "الكوفية" نسخة عنه، فاجعة جديدة تلحق بعائلة الحزين في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، لتلتهم النار أجساد ثلاثة أطفال بعمر الزهور لم يتجاوز عمر أكبرهم السادسة، يوسف ومحمد ومحمود عمر الحزين، جراء حريق شب في منزلهم ناتج عن شمعة. فبدلاً أن تنير تلك الشمعة غرفة نوم الأطفال الأشقاء الثلاثة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، أحرقت أجسادهم وحولت حياة العائلة إلى جحيم ومأساة.
وتابع، لم ينم سكان مخيم النصيرات ليلتهم الأولى من شهر أيلول فجعاً على فراق الأطفال الثلاثة، وتضامناً مع عائلة الحزين على فراق فلذات أكبادها، ولم ينس ذلك المخيم المكتظ مأساته التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء في آذار/مارس الماضي، رغم أن السبب واحد والمسئولون كثر والمجني عليهم أطفال بعمر الزهور لم يعيشوا طفولتهم ولم يشاهدوا سوى مسلسلات العتمة والظلام والخوف من وباء كورونا، وأفلام الرعب الممتلئة بدماء الضحايا من أطفال غزة وشبابها.
وقال زغبر، يبدو في هذه الفاجعة أن شهر أيلول الحزين والمفجع لأطفال غزة لا يريد أن يفارقهم، بل يذكرهم بماضٍ مليء بفواجع وآلام مر عليها عشرات السنين، من مجازر مخيم صبرا وشاتيلا وسواها. فتلك الفاجعة التي ألمت بعائلة الحزين، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، طالما بقيت المسببات على حالها، والمجرم يلوذ عن جريمته دون أي محاسبة أو عقاب من أحد لأن من يحكم عالمنا هو قانون الغاب.
وأضاف، عوائل كثر في هذا القطاع الصغير الموبوء بأزمات الحصار والانقسام والكورونا معاً، قُتل فلذات أكبادهم بذوات الأدوات. قائمة طويلة من ضحايا الحرق من وباء العتمة والظلام الذي تعيشه غزة بمعاناة سكانها الذي حوّل حياتهم لجحيم لا يطاق، على طول سنوات الحصار والانقسام اللذين أصبحا يافعين، ويعلّق كل طرف من طرفي الانقسام من حركتي فتح وحماس مآسي القطاع على شماعة الطرف الآخر والنأي بنفسه عن ما أصاب ويصيب غزة. حيث تشير مصادر التوثيق إلى أن عدد ضحايا الحرق نتيجة أزمة الكهرباء المتواصلة تصل إلى 35 إنساناً من بينهم 28 طفلاً و6 سيدات، فيما عدد المصابين بحروق مختلفة تصل لـ36 إنساناً من بينهم 20 طفلاً.
وأوضح، ندرك حجم المأساة والمعاناة التي يتحمل الاحتلال الجزء الأكبر منها جراء حصاره الظالم للعام الرابع عشر على التوالي رغم المطالب المتكررة المحلية والدولية لرفعه بالكامل عن قطاع غزة، فيما يتحمل الجزء المتبقي منها هو الانقسام الفلسطيني بكافة أدواته ليدفع سكان القطاع فاتورة الواقع المرير وحياتهم ثمناً للانقسام وأصحاب المصالح، فاجعة عائلة الحزين التي قتلت شمعة ثلاثة أطفال بعمر الزهور، وغيرها من المآسي والفواجع التي سببتها أزمة الكهرباء للمواطنين من آلام ومعاناة، تدفعنا لطرح العديد من التساؤلات التي لعلها تجد إجابات مقنعة،
1. أزمة الكهرباء ترافقت مع فرض الحصار الإسرائيلي والعقوبات الجماعية على قطاع غزة منذ عام 2006، ما ضاعف أوجاع القطاع، لذلك يتحمل الاحتلال المسؤولية عن معاناة غزة وأوجاعها، ناهيك أن القطاع ما زال محتلاً وفق القانون الدولي، وعلى الاحتلال تحمل مسؤوليته وتوفير كافة مستلزماته، فمن المسؤول عن إعفائه وتحييده عن هذه المسؤولية؟
2. رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتبجح ليلاً نهاراً أن الانقسام مصلحة إسرائيلية، وأن إسرائيل لن تسمح بإنهائه، فما الذي يمنع حركتا فتح وحماس طرفا الانقسام المسؤولتين عن تبعات الانقسام من إنهائه، رغم ضجيج الطرفين في الميادين ووسائل الإعلام، بوحدة الصف والموقف الوطني وإنهاء الانقسام، أم أن هناك عوائق يرفض الطرفان الإفصاح عنها تحول دون إنهائه وتغذيه؟
3. ما العائق أمام حكومتي السلطة الفلسطينية واللجنة الإدارية في غزة من تحمل مسؤولياتهما الأخلاقية والإنسانية، ووضع إستراتيجية وطنية تضع حلولاً جذرية لمشكلة الكهرباء وتلبي احتياجات المواطنين في ساعات انقطاع التيار الكهربائي؟
4. تقدم دولة قطر منحة شهرية بقيمة 10 ملايين دولار لشراء وقود إسرائيلي لمحطة توليد الكهرباء بقطاع غزة منذ عام 2018، فإلى أين تذهب أثمان جباية الكهرباء، ولماذا لا يتم تخصيص أموال المنحة لشراء وقود مصري بأسعار أقل لتشغيل محطة الكهرباء، أم أن الممول يشترط وقوداً إسرائيلياً، ولماذا لا يتم تخفيض سعر كيلوواط الكهرباء إلى أقل من نصف شيكل، على سبيل المثال 2-3 اغورات؟
5. شركة توليد الكهرباء في غزة في أحسن أحوالها تنتج 85 ميغاواط، إلى جانب 120 ميغاواط من الخطوط الإسرائيلية، وغزة بحاجة إلى 500 ميغاواط في أحسن أحوالها، أي أن تحسين جدول التوزيع للكهرباء ممكناً ليصل لـ10 ساعات يومياً، ألا يطرح تساؤلاً، ما الذي يمنع استخدام أثمان أموال الجباية لشراء عدادات ذكية لتعويض قطاع غزة عن ساعات فصل التيار الكهربائي المتبقية، وإن كانت بعدد من الأمبيرات الكافية لإضاءة الشقق والمنازل وبذات ثمن استهلاك الكهرباء ولا تتجاوز 2 أمبير، وخاصة أن تلك العملية الناجحة تم تجربتها في عدد من الأبراج والعمارات السكنية في قطاع غزة؟
6. لماذا لا يتم إعفاء أصحاب المولدات البديلة من الضرائب ودعم الوقود كأحد الحلول بحيث لا يتجاوز ثمن الكيلوواط من سلعة الكهرباء شيكل ونصف بأحسن الأحوال أي نصف دولار تقريباً، وعدم السماح لأصحاب المولدات التعدي على خطوط شركة الكهرباء؟
7. لماذا لا يتم تأهيل وتطوير خطوط وشبكة الكهرباء في قطاع غزة وتمويل مدها بخط 161 الإسرائيلي كأحد الحلول لحل أزمة الكهرباء العالقة لسنوات، وخاصة أن محطة توليد الكهرباء تعاني من فاقد كبير في ناتج توليد الكهرباء؟
8. ما العائق من تطوير محطة كهرباء غزة أو تمويل محطة جديدة تعمل على الغاز الطبيعي، ليتم مدها من الغاز الفلسطيني المتواجد في بحر غزة ويبعد عشرات الأمتار عن ساحلها؟
هذه الأسئلة وغيرها ستطرح إجابات شافية لحل أزمة الكهرباء العالقة منذ 14 عاماً، وما هي عوائق إيجاد حلول لتلك الأزمة، رغم التكاليف الباهظة لبدائل الكهرباء والمآسي التي حلت على سكان القطاع، وحتى لا تتكرر مأساة عائلة الحزين وتكون آخر مآسي الكهرباء في قطاع غزة؟. فلم يعد الوقت يتسع لمزيد من المهاترات والتجاذبات على وطن تحت الاحتلال تُسرق أرضه ومقدراته وتُنهب ثروته وتنتهك تضحياته، وينهش لحم شعبه!