طبول الغناء السياسي التي حاولت "دوائر صناعة الكلام" في المشهد الفلسطيني قرعها تهليلا للقاء "القطبية الثنائية" بين فصيلي الانقسام، فتح وحماس، لا يمكنها أن تخفي أن الأمر يحمل كل شكوك الريبة السياسية الوطنية، من حيث الخيط المركزي الناظم لها لكيفية التفاعل "الإيجابي" مع الخطة الأمريكية للسلام المعروفة باسم "صفة ترامب"، بعد تكليف إمارة قطر بتسويقها، كما سوقت المنتج الأمريكي – الإسرائيلي عام 2006، والذي فتح الباب للنكبة الثالثة (الانقسام).
وانتظارا لتحديد ملامح "سيناريو النكبة الرابعة"، فما قامت به الرئاسة الفلسطينية عشية الذهاب الى تركيا، بتقديم أوراق اعتمادها لمحور سياسي جديد سيشكل القوة الدافعة للمخطط القادم، يمثل خطوة نوعية جديدة للفكاك من عمق العلاقة العربية الى إطار (تركي – قطري وثنائي الانقسام) بدعم أمريكي.
كان إعلان وزير خارجية السلطة رياض المالكي، تخلي فلسطين عن رئاستها لدورة الجامعة العربية (قطر التالي)، يمثل الهدية السياسية الأولى من الرئيس محمود عباس الى التركي أردوغان، ورسالة تحمل شكلا من أشكال "الإهانة" المقصودة، وبالتأكيد لم ينفع "الإخراج الهزلي" لتغطيتها، بالقول أنه لا يجوز أن تكون فلسطين رئيسة دورة لم تقبل قرارها، أو لتغطي عملية التطبيع مع إسرائيل.
لو كان الأمر قرارا وطنيا حقا، لأعلن ذلك فور عدم قبول مشروع القرار الفلسطيني حول إدانة التطبيع يوم 3 سبتمبر، وليس يوم 20 سبتمبر عشية الزحف نحو إسطنبول، لذلك التشدق بوطنية القرار ليس سوى نسخة تكرار لحملة التصعيد العدائية ضد دول عربية لحسابات بعض دول وليس لحساب فلسطين، خاصة وأن المحور الجديد هو "اس التطبيع" الكامل مع إسرائيل، بل أن السلطة شريك سياسي - أمني لإسرائيل في محطات ملموسة جدا.