- شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزة
عن محمد دحلان، تحدثنا في مقال سابق تحت عنوان " محمد دحلان والتفاعل عبر الأجيال".
في هذا المقال نتحدث عن صفة أخرى لمحمد دحلان نسلط الضوء عليها وهي " اتساع الشهرة والفعل"
اتساع الشهرة لرجل السياسة، شئ إيجابي، في شأنه الأكبر، رغم، أن، اتساع الشهرة أحيانا تجمع السلبية، بجانب الإيجابية، وإذا طغت السلبية على الشهرة، تنتهي شخصية رجل السياسة.
فلماذا لم ينته دحلان كما نبذوه بكل التهم؟
نجيب مباشرة، لو كان ما فعلوه به، وبما وصفوه به، وبما أشاعوه عليه، لو كان ذلك حقيقياً، لانتهى الرجل السياسي محمد دحلان، فما فعلوه يميد الجبال.
بعد هذا الكم الهائل والضخم من الأكاذيب، والتشويه، ظل محمد دحلان يلمع نجمه كلما زادوا من هجمتهم عليه، فلماذا؟!
نقول بالمنطق والصوت العالي، لو كان ما قالوا عنه صحيح، لما رأيتم دحلان يمشي على قدميه، واثق الخطوة، يتقدم، ويحقق صعوداً دائم الفعل والإنتشار، ضارباً مداميك تياره في أرض صلبة يتقدم ولا يتراجع، كما يتراجعوا هم والآخرين.
ولماذا كل هذه الحملات السلبية التي شوهت سمعة دحلان عبر سنوات، تلفق له الأكاذيب والتزوير، وبمشاركة دول، وأحزاب من أطراف عدة، وما تمتلكه من ماكينة إعلامية قادرة، ومال وفير، يهد الجبال، وينزل الصقر صريعاً من السماء، ولكن، ظل دحلان، بعد كل هجوم صاخب، تراه محلقاً، يتكتك جناحيه من غبار الحقد، والضغينة، مواصلاً الصعود، والشهرة، والفعل.
تعالوا نرى محمد دحلان بمنظور السلب، والايجاب، وكيف اتسعت الشهرة، وما قصة الشهرة والفعل في عنوان الإتساع.
رغم كل ما فعله حزبان كبيران، هما فتح عباس، وحماس، يقودان الساحة الفلسطينية، ومعهم أحزاب فلسطينية أخرى، تبنت مواقف ورواية حماس وعباس،، وتبعت كل هؤلاء، دول مثل قطر، وقناة الجزيرة، وتركيا، إلا أن محمد دحلان، لايزال يذهب للجيم كل يوم، يسمع الموسيقى، ويبني شبابه في الصحة والعقل، ويمارس رياضته، وكلما تحرك دحلان، أو، صرح، أو، طرح فكرة عن نفسه، وتلك نادراً ما تسمعها، أو طرحها غيره، فيما يعيبه، أو، يطري، عليه، تقوم الدنيا، ولا تقعد .. فما هو هذا الغول دحلان؟
السياسيون عموما هم متفاعلون مع الأحداث وتحليلها، وهم معاصرون لما يستطيعون اكتسابه من مهارات الحوار، والتفاوض، واتخاذ المواقف، من قضايا العالم إلى حد ما، وخاصة القضايا التي تمتد، وتتعلق، بقضاياهم الإقليمية، والوطنية، والمحلية.
قليل في العالم من السياسيين، من يرتق لمستوى المشاركة في الصناعة، والتأثير، وحل النزاعات، والتوجه لقضايا سياسية كونية، تهم الغالبية العظمى، من المتابعين، والمراقبين، والدول، والأجهزة الأمنية، ومراكز البحث، والمؤسسات الدولية، وحل النزاعات.
أصبحت شهرة، وانتشار، محمد دحلان، بذكائه السياسي وخبراته، ومثابرته، توازي، أو تفوق، شهرة رؤساء، وشخصيات عامة عالمية، مثل أمناء عامين الأمم المتحدة، الذين يتمتعون بحس سياسي عال، وعرب وعجم ، فصعد في مصاف، شخصيات شهيرة عالمياً، مثل المصري بطرس غالي، ومثل وسطاء عرب في حل النزاعات مثل الأخضر الإبراهيمي، والنرويجي تيري لارسون ، والإسباني ميخيل موراتينس، والبريطاني توني بلير في الحقل السياسي.
مثل هؤلاء الذين كانوا منتشري السمعة دولياً،، والمتفاعلين طوال الوقت وفي وسط الأحداث، تستعين بهم الدول، وتستدعيهم مراكز الأبحاث السياسية. وتستقبلهم المنتديات السياسية الدولية، وتسمع رؤيتهم، بحكم خبرتهم، وسعة إستيعابهم السريع لقضايا ذات بعد إقليمي، أو، دولي، أو، حتى محلي في دول العالم، وتلك الأخيرة هي الأصعب على شخص يعيش في بريطانيا، ليعرف دقائق تشخيص حالة في قطاع غزة مثلاً، وبنفس القدرة على فهم، وتشخيص، حالة نزاع في نيكاراجوا، وحالة ثالثة في التبت، ورابعة في أتوا، وخامسة في جزر المالديف، وسادسة في سيراليون، وسابعة في كانبرا .. وهكذا...
دحلان أصبح مثل هؤلاء شخصية معروفة عالمياً، واسعة الشهرة والانتشار والتفاعل، وليس معزولاً قابعاً بين حيطان مكتبه، في وقت لايزال البعض الهزيل، المعزول ، يلاحقه بالتشويه، والاشاعات المغرضة، والرجل لا يتوقف عن العمل، ولا يعير الكيد السياسي إهتماماً.
هنا أطرح قضية من خلالها نستنبط كيف أصبح دحلان أكثر شهرة من أي قائد أو زعيم فلسطيني حاضراً الآن، وأصبح بموازاة مشاهير السياسة، فأصل الشهرة الإقليمية والدولية تبنى على الشهرة، والفعالية، والتفاعل المحلي أولاً،
وهنا سنقارن بينه وبين الرئيس عباس كمثال ليس إلا:
سياسيا لا يختلف برنامج دحلان عن برنامج عباس، فكل منهما ينفذ برنامج حركة فتح بطريقته .. لكن كما ترون، أصبحت شهرة وانتشار دحلان، داخليا، وخارجيا، أكبر من رئيس السلطة، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الرئيس عباس، فما بالك، من يأتون في الدرجة العاشرة بعد عباس.
لماذا؟
إداريا وعملياتياً دحلان أكثر واقعية في إدارة أي أزمة من الرئيس، والآخرين،
حتى قضية غزة كما يدعيها الآخرون بالكيد السياسي، بأن "خطط دحلان" هزمتها حماس.. سأقول من هزم غزة، هو الرئيس عباس، الذي نصب فخا لحماس ودحلان وكما قال، ارتحنا من غزة ومن دحلان .. وهذه خاصية يتمتع بها عباس.
دحلان صاحب قرار ، وعباس ليس صاحب قرار، وهذا أهم ما يجب أن يميز شخصية المسؤول الأول، فقد كان عباس دائما رجل ظل، بعكس دحلان، كانت له كاريزما القيادة والقرار، وفي كل عمل كان دحلان في الصف الاول، بل هو محرك أي فريق عمل معه، ورغم وجود الرئيس عباس طوال الوقت في موقع القيادة لكنه غير عملياتي، ولا يحل حتى الطارئ منها، وهو من أصحاب نظرية اتركها للوقت، كما جربه الشعب كثيراًِ، أما دحلان فتأخذ منه دائما حل وإجابة على سؤال مالعمل.
دحلان قائد متواضع، وذو شخصية شعبية، مع الصغير، والكبير، مع الغني، والفقير، وعباس شخصية منعزلة غير شعبية، ومتقوقع على الذات وعدد لا يصل لعدد أصابع اليد، قليل الصداقات، كما عرفه الجميع.
الرئيس عباس لم يزر مدينة، أو، قرية، أو، مخيم، في الوقت الذي حرث دحلان كل مكان في غزة والضفة الغربية، وهو قريب من الجمهور، ويبادر في الإقتراب من الجميع، وله محبين، ويصل لقلوب الناس، في الوقت الذي عزل عباس نفسه عن الناس، وتفوقع في مكان عمله، وبيته، وليس فقط في المقاطعة، بل في مناصبه السابقة، هو لا يحب التعامل مع الجمهور.
شخصية دحلان بها حس أمني، يهتم بالتفاصيل، وعباس شخصية مدنية، تعمل بالخطوط العريضة، ويهمل التفاصيل، إلا ما يهمه شخصياً وأسرته، كما رأه، وجربه الشعب في إدارته للشأن الفلسطيني العام.
عباس في العقد التاسع، ودحلان في العقد السادس، فالذاكرة؛ والإنتباه، والتركيز ، عند دحلان مختلف تماماً عن عباس، الذي تصلبت لديه الشرايين في الجسم والدماغ، وهذا عنصر هام ويلعب دورا في الادارة وشؤون الناس وقيادة شعب...
إنزعو الكيدية السياسية والتشهير والتشويه الذي فعله المناويئون لدحلان، لأنها ليست حقائق بالمطلق، ولم يستطع أياً من هؤلاء الكارهين إدانته بشيء وهم في مواقع متنفذة، حتى آخرهم، الخليفة الجديد، أردوغان، ومن قبله عباس، ومن قبلهم حماس.. إنزعوا رواياتهم، وستجدون دحلان، رجلا أفضل من يستطيع العمل لشعبه، وقضيته، وهو في مصاف السياسيين الكبار في العالم، ولذلك لم يستطع الكارهون كسره سابقاً، ولن يستطيع الكارهون والمنافسون الصغار الجدد كسره في الزمن القادم.
هؤلاء الكارهون هم من يعرفونه جيداً، ولذلك يتجمعون، ويستعينون ببعضهم، و بآخرين من الخارج، لعلهم يستطيعون هزيمته، ولن يستطيعوا، ليس، لأنه طرزان، ولكن لأنهم هم ضعفاء وليسوا على حق، ولو كانوا غير ذلك، لما سعوا حتى هذه اللحظات، لاستجماع كل قواهم من فصائل، ودول، وجماعات ممتدة، وماكينات إعلام ضخمة، خوفا من حضوره الطاغي، فهم على باطل وهو على حق، ولو كان غير ذلك لانتهى دحلان مبكراً، والأيام دول، ولن ينجح تحالف الضعفاء. ... إنزعوا النظارة السوداء التي ألبسكم إياها الحاقدون على دحلان لتعرفوه وتفهموه بعقل مفتوح.