بعد نكبة فلسطين عام 1948 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 302 في ديسمبر 1949 الخاص بتأسيس الأونروا بهدف تقديم الإغاثة للاجئين الفلسطينيين في مناطق تواجدهم الخمس في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان والأردن وسوريا، وهذا القرار مُلزم للأونروا بضرورة أن تشمل خدماتها جوانب التعليم و الصحية و المعونات الإغاثية والبُنى التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والأقراض الصغيرة وتقديم الإغاثة الطارئة وقت الحروب الى ان تُحل قضية اللاجئين ويعودوا الى موطنهم الأصلي فلسطين، وأن هيئة الأمم المتحدة تلتزم بتغطية موازنة الأونروا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء فيها، ولقد بدأت الأونروا بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في الأول من أيار مايو عام 1950،ووفق التعريف العملياتي للأونروا فإن اللاجئين الفلسطينيين هم من كان مكان إقامتهم الطبيعية في فلسطين في الفترة الواقعة ما بين يونيو حزيران 1946 وحتى أيار مايو 1948 أي يوم النكبة، حيث فقدوا منازلهم ومصادر رزقهم، وأن صفة اللاجئ تسري على نسلهم أينما وُجدوا حتى يتم تسوية قضية اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194،و تقدم الأونروا خدماتها الإغاثية الى حوالي ستة ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها المشار اليها أعلاه.
بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس في مايو 2018 بدأت الحرب على اللاجئين، فأصدرت إدارة ترامب في آب اغسطس 2018 قراراً يقضي بوقف الدعم والتمويل الكاملين للأونروا، حيث كانت الإدارة الأمريكية تقدم دعماً لها بقيمة 365مليون دولار سنوياً، أي ما يعادل ثلث موازنة الأونروا البالغة 1.24 مليار دولار، وإن وقف هذا الدعم من شأنه أن يحوّل حياة ملايين اللاجئين الى جحيم.
تعود أساب وقف الدعم الأمريكي للأونروا لأبعاد سياسية تهدف الى تمرير صفقة القرن التي تنص صراحةً على شطب وإسقاط حق اللاجئين في العودة وتوطينهم في أماكن تواجدهم.
ومع قرار قطع المساعدات الأمريكية بدأت الأونروا بتقليص خدماتها المقدمة في كافة المجالات التعليمية والصحية والإغاثية ومشاريع البُنى التحتية وهي بذلك تتساوق مع إدارة ترامب وتستجيب للضغوط الأمريكية في ذبح اللاجئين الفلسطينيين وهم أحياء، وإن الحجج والمبررات الكاذبة التي يروجها مدير عمليات الوكالة ماتيس شمالي حول عجز في الميزانية ليس لها أساساً من الصحة وأن مشكلة الأونروا ليست مالية وانما هي ضغوط سياسية، إذ أن القرار 302 الذي في ضوؤه تم تأسيس الأونروا يقضي بالزام هيئة الأمم المتحدة بتوفير الدعم المالي لها طالما لم تُحل قضية اللاجئين حلا سياسياً عادلاً، ولكن على ما يبدو أن ماتيس شمالي قد تحول من إنساني الى عميل خاص لكوشنير وتحولت الأونروا لتصبح إحدى المؤسسات العاملة في إدارة ترامب في الشرق الاوسط في ظل غياب كامل لهيبة هيئة الأمم المتحدة التي لم تعد قادرة على تنفيذ أي قرار من قراراتها في ظل العربدة الأمريكية.
الأونروا ومنذ عامين وهي تشن حربها على اللاجئين الفلسطينيين فأوقفت التوظيف وقلصت الخدمات وتمارس التسويف في اعتماد موظفي المُياومة ولم تدعم مشاريع البطالة، ليصل الحد هذه المرة الى حرمان اللاجئ من رغيف الخبز وحرمانه من "الكابونة" ، وبرغم تصريحات الناطق باسم الأونروا عدنان أبو حسنه التي جاء فيها أن الأونروا تعتبر جميع لاجئي قطاع غزة قد أصبحت أوضاعهم صعبة للغاية ولا فرق في ذلك بين فقر مدقع وفقر مطلق وأن الأونروا ستقوم بتسوية الكابونة لتصبح بيضاء والغاء للكابونة الصفراء مع حرمان من لديه دخل مستقر وثابت ويكفيه من الكابونة، و أن كافة المعايير القديمة لم تعد صالحة و أن المعيار الذي سيتم بموجبه صرف الكابونة هو معيار الدخل الكافي والمستقر حسب وصفه، وهنا لا نعلم عن أي دخل كافٍ ومستقر يتحدث السيد أبو حسنة وهو يعلم أن قطاع غزة باسره أصبح تحت خط الفقر، وأن أنصاف وأرباع الرواتب التي تُصرف من حكومتي رام الله وغزة لا توفر الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للأسرة إذا ما أدخلنا القروض وخصومات البنوك على قائمة المعايير .
مطلوب التحرك الفوري من الجميع من السلطة والفصائل وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوربي وكافة المؤسسات الحقوقية وبسرعة لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين الذين يرفضون رفضاً قطعياً أن تتحول قضيتهم من سياسية الى إنسانية، ويجب مقاضاة ترامب دولياً بتهمة ارتكابه جرائم حرب ضد الإنسانية، كما ويجب العمل على طرد الفاسدين وعملاء الإدارة الأمريكية من دوائر الأونروا وعلى رأسهم طرد ماتيس شمالي، فلم يعد السكوت مجدياً على تسييس عمل الأونروا، ونحن أصحاب حق ولا يضيع حق وراءه مطالب.