شعبان فتحي: كان وسيبقى الشهيد ياسر عرفات، رمزًا للمقاومة وأيقونةً للنضال الفلسطيني، ويمثل الشهيد القائد أبو عمار لمعاصريه ومَن خالطوه كنزًا لا ينتهي ومعينًا لا ينضب من النضال والوطنية والشهامة والاعتزاز بالوطن والذات.. في هذه الحلقات نرصد شهادات حية لمعاصري الشهيد القائد على تفاصيل حياته ومواقفه النضالية..
مسئول ملف القدس في حركة فتح، حاتم عبد القادر، أكد في حديثه عن الزعيم الراحل أبو عمار، أنه كان سياسيا محنكا، ومقاتلًا لا يخشى الخطر، وأبا يخاف على أبنائه.
قلبه على الانتفاضة
وأوضح عبد القادر، أن جميع لحظات الزعيم أبو عمار مميزة، منها اللقاءات التي تمت في تونس خلال الانتفاضة الأولى بعد استشهاد القائد أبو جهاد، حيث تولى ياسر عرفات مسؤولية إدارة التنظيم في الداخل وأيضا إدارة الانتفاضة.
وأوضح أن أول مرة شاهد فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات، غمره الشوق والحب لما شاهده فيه من مثابرة وقتال من أجل القضية، مضيفا "كان قلبه على الانتفاضة".
وذكر عبد القادر، "عند افتتاح النفق أسفل المسجد المبارك عام 1996، دعانا الزعيم أبو عمار، للتصدي إلى هذا النفق مشددا على رفضه له، حيث شعر بمدى حب وإخلاص ووطنية عرفات".
يهوى القدس وكل من فيها
يقول عبد القادر واصفا حب عرفات للقدس، "كان دائما يهوى القدس وكل من فيها ويدعوهم، ويزورهم ويودهم، وكان عطوفا وإنسانا يملك قلب طفل، وقائد وشجاع وصلب، وداخله انسان".
وأضاف، "كان ديمقراطي ويشاور ويتصف بالحكمة، مرجحا للرأي الصواب الذي يستشعر به".
وتابع، "في الانتفاضة كنا نرسل له البيانات الموحدة من مكتب قبرص وباريس، ويبدي بعض الملاحظات ونرفضها أحيانا، مدللا على ديمقراطية أبو عمار".
وأوضح أن أبو عمار، أسس لجنة القدس التي كانت تضم عدد من المسئولين المقدسيين، وكان يدعو اللجنة كل أسبوع، ويتم طرح المواضيع الخاصة في القدس، ويتابع اللجنة ويعرف كل تفاصيل القدس.
أب يرعى أبنائه
وأشار إلى أن أبو عمار كان يرأف للحالات الإنسانية، ويقدم المعونة المادية والمعنوية، وهو بمثابة الأب، ويشعر أنه مسئول عن رعية وشعب ويتكفل بهم، وأول من أبدى دعم لزراعة أطفال الأنابيب ووفر الميزانية اللازمة للمشروع، وكان يدعم المستشفيات وجميع المؤسسات والطلاب، والمرافق الصحية، ويغطي كل الحالات الإنسانية، ويوظف عدد كبير من الشباب وخصوصا في القدس.
وأكد عبد القادر على أن "أبو عمار" كان مقاتل، لا يخشى الخطر، وإيمانه وإرادته قوية، ولم يغادره سلاحه، وكان سياسيا محنكا ومخضرما، عاصر كل زعماء العرب وإفريقيا وحركات التحرر، وعبر عنه بجملة الزعيم الشهيرة، " شهيدا شهيدا شهيدا".
علاقاته دولية لم يحظ بها أي رئيس
ولفت إلى أن أبو عمار دعم حركات التحرر في معظم دول العالم، ولديه علاقات دولية لم يحظ بها أي رئيس دولة، وكلها تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وتابع، "بعد الاعتراف بمنظمة التحرير، سافر أبو عمار إلى كثير من الدول وكان يحظى باستقبال رسمي ويبادلونه المحبة والود، وللأسف بعد رحيل الزعيم، فقدنا معظم العلاقات الدولية، نتيجة عدم تركيز القيادة الجديدة سوى على أمريكا".
وقال، حاول أبو عمار الخروج من فخ اتفاقية أوسلو، من خلال الانتفاضة الثانية، ولكن يد الغدر كانت أقرب باغتياله".
لن أتخلى عن شبر من القدس
وأكد أن أبو عمار رفض التخلي عن القدس وكل الطلبات الأمريكية، وتمسك بالمسجد الأقصى المبارك، وقال، "إذا تخليت عن شبر من القدس سوف يعلق الفلسطينيون مشنقتي على باب العمود".
وأضاف، "بعد استشهاد أبو عمار فقدت القدس زخم كبير من خلال القيادة الفلسطينية الخالية، بسبب شح الإمكانيات المالية"، واصفًا القيادة الحالية أنها لا تملك إرادة سياسية حقيقية للحفاظ على القدس.
وتابع عبد القادر، "زرت أبو عمار أكثر من مرة بشكل سري في تونس، تباحثنا أوضاع الانتفاضة، والقيادة الموحدة لها، وقام بتوفير دعم وميزانية خاصة بها".
وأردف، "اختلفت مع عرفات في المجلس التشريعي الأول عند انتخابي نائبا للقدس، حيث طلب أبو عمار تشكيل حكومة، ووضع الوزير إلياس فريج، فاعترضنا عليه لوجود من هو أكفأ منه وقتها، فغضب منا، وقمنا بتعيين فريج، ثم مع مرور الوقت، عرفنا أن أبو عمار كان له بعد نظر لم نكن ندركه، حيث كان لفريج علاقات دولية جيدة ساهمت في القضية الفلسطينية عامة والقدس خاصة".
يومًا بعد يومًا تتكشف حقائق جديدة وتظهر وثائق مكنونة في صدور وقلوب وذاكرة معاصري أبو عمار، تضيف رصيدًا جديدًا لهذا الخالد دومًا، فلروحه السلام.
أرشيف الكوفية