متابعات: صادف أمس الإثنين، الذكرى الـ20 لرحيل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فيصل الحسيني، الذي ولد في بغداد في 17 يوليو/ تموز 1940، ووالده هو الشهيد عبد القادر الحسيني، قائد القوات الفلسطينيّة في معركة القسطل وقد استشهد فيها عام 1948، حيث كان لوالده الأثر الكبير في تعزيز وعيه السياسي فيما بعد.
تعرّف الحسيني على الزعيم الراحل ياسر عرفات أثناء دراسته الجامعيّة في القاهرة، وشارك في "حركة القوميين العرب" عام 1957، وبإنشاء وتأسيس المنظمة الطلابيّة الفلسطينية عام 1959، التي أصبحت فيما بعد نواةً لـ"منظمة التحرير الفلسطينية".
أسس الحسيني عام 1979 جمعية الدراسات العربية (بيت الشرق) في مدينة القدس، ووصفه الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي بـ"الإرهابي ابن الإرهابي".
وقاد المناضل الحسيني، النضال الفلسطيني في الانتفاضة الأولى وسجن خلالها لمدة عامين، وعيّن مسؤولاً عن ملف القدس وانتخب من المجلس الوطني الفلسطيني عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1996.
كان للحسيني دوراً هاماً، في الوقوف أمام قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، القاضي بإقامة مستوطنة على جبل "أبو غنيم" في القدس، وقيادته للمظاهرات والمسيرات المنددة بذلك، وتعرض على إثرها للتنكيل والضرب ومن معه على أيدي قوات الاحتلال.
تمكّن فيصل الحسيني من أن يجمع في شخصه عددا من الواجبات والمسؤوليات والمهام الفريدة، فهو مرجعية سياسية ودبلوماسية ليس فقط للمواطنين الفلسطينيين، بل للشخصيات والهيئات الأجنبية كذلك، لا يكاد يمر وزير خارجية أجنبي أو دبلوماسي دولي مهم من دون أن يقابل فيصل الحسيني، فكان بهذه الصفة صوت الفلسطينيين العالي في القدس. وهو كذلك مرجعية نضالية، تعود إليه قوى وفصائل الحركة الوطنية في كل شؤونها، وتنسق معه الفعاليات الكفاحية من اعتصامات ومظاهرات وإضرابات ومذكّرات وبيانات وأشكال احتجاجية مختلفة، فضلا عن الواجبات الاجتماعية التي كان يقوم بها تجاه الناس، وإلى ذلك كان فيصل مرجعية للمؤسسات الصحية والتعليمية والاجتماعية والخيرية والنقابية وغيرها، حريصا على نشرها وتعزيزها وإنقاذها من أزماتها، وبهذه الصفات كان فيصل عنوانا للحضور السياسي الفلسطيني في القدس، والحقيقة أنه كان حريصا على مأسسة وتنظيم هذا الحضور، وتكريسه عبر أشكال أعلى وأرقى بما في ذلك إيجاد شبكات فاعلة للتأمين الصحي، وفرض نوع من البلدية الفلسطينية كأمر واقع، وفيصل بالذات هو الذي أطلق فكرة المؤتمر الشعبي للقدس ليكون مرجعية موحدة لكل الهيئات والمؤسسات في المدينة، لكن المنية عاجلته قبل ان يستكمل تحقيق أحلامه وأهدافه، ولا زال موقعه في وجدان الفلسطينيين والمقدسيين شاغرا.
توفي الحسيني في 31 مايو/ أيار عام 2001، نتيجة أزمة قلبية أثناء زيارته للكويت، وشيّع في موكب حاشد إلى مثواه الأخير، في باحة الحرم القدسي الشريف بجوار أبيه وجده.