خاص: كان وسيبقى الشهيد ياسر عرفات، رمزًا للمقاومة وأيقونةً للنضال الفلسطيني، ويمثل الشهيد القائد أبو عمار لمعاصريه ومَن خالطوه كنزًا لا ينتهي ومعينًا لا ينضب من النضال والوطنية والشهامة والاعتزاز بالوطن والذات.. في هذه الحلقات نرصد شهادات حية لمعاصري الشهيد القائد على تفاصيل حياته ومواقفه النضالية..
أكد القيادي في حركة فتح، الدكتور أسامة الفرا، في حديثه عن الزعيم الراحل أبو عمار، أن العلاقة الإنسانية التي نسجها عرفات مع الشعب الفلسطيني، لا يمكن لأي قائد أو زعيم فلسطيني أن يكون مثله.
يا جبل ما يهزك ريح
وذكر الفرا، أنه "عندما قام أحد المستوطنين المقيمين على بحر خانيونس بتوسيع المستوطنة، ذهب بالجرافة برفقة العامل، وباشرا بإزالة التعديات التي أقامها المستوطنين، بعد ذلك فوجئنا بتحول المنطقة إلى ثكنة عسكرية، وقاموا بقطع الطريق بين بحر خانيونس وباقي المناطق، وقام سائق الجرافة بعمل فدائي مميز أشاد به أبو عمار لاحقا، ولم يستطع الجنود إعاقته إلا بإطلاق النار على عجلاته، وتم اعتقاله، ويقول، كنت كل ما أطع إليه أن يتم الإفراج عن السائق ونعود أدراجنا، ومن ثم جاءني اتصال من ياسر عرفات، وكانت المرة الأولى التي يتم فيها اتصال مباشر بيننا، وبجمله المعتادة قال لي يا جبل ما يهزك ريح، وسأل واطمئن على السائق وطمأنني، وحول حالة الضعف بداخلي إلى قوة، وعادت إلي قوتي بعد مكالمته، وكان يهتم ويتابع كل كبيرة وصغيرة، ثم بعد ذلك أرسل أبو عمار بعض القادة وأجبروا الاحتلال على إزالة كل التعديات التي أقامها المستوطنون".
كل فلسطيني يحتفظ بصورة شخصية لأبو عمار
وأوضح الفرا، أنه "بعد عودة أبو عمار إلى غزة، كان هناك حراك في التنظيم، واستشعر عرفات أن الشباب لديهم ما يقولوه، فعقد اجتماع لكل الكادر التنظيمي في قطاع غزة، وأثناء الاجتماع قام بمناقشتهم بصدر رحب وأمتد أكثر من خمس ساعات، وشارك الشباب في كل أمور السياسة والسلطة وما يختص بالدولة".
وأضاف،"طغى الجانب الإنساني لأبو عمار فكان متواضعا وتربطه علاقة طيبة مع الناس، فكان يقوم بإجراء الكثير من العمليات للأسر التي لديها مشاكل في الإنجاب، وأيضا لم يسبق أن قام أحد بيد مده لأبو عمار إلا وساعده، وكل إنسان فلسطيني طرق بابه لم يرجع خاليا، وتجد كل فلسطيني يحتفظ بصورة شخصية لأبو عمار، أو له موقف خاص معه"، مشيرا إلى أن هذه العلاقة الإنسانية التي نسجها أبو عمار مع الشعب الفلسطيني، التي لا يمكن لأي قائد أو زعيم فلسطيني أن يكون مثله، وتابع، "هذا ما جعله زعيما وقائدا".
عالقدس رايحين.. شهداء بالملايين
وقال الفرا، "أثناء حصار المقاطعة في أحد الأيام، كان هناك تصريح لوزير الدفاع إسرائيلي بقصف المقاطعة واغتيال أبو عمار، فتداعينا بشكل سريع للخروج بمسيرات ضخمة داعمة لأبو عمار، واستنكار لتصريحات الوزير الإسرائيلي، فتفاجأت باتصال من أبو عمار، فبدأت أستحضر بعض الكلمات حتى أشد من أزره والتخفيف عنه، ثم انعكس الموقف وفاجأني أبو عمار بكلامه وجمله التي رفعت من معنوياتنا، وقال جملته الشهيرة، "عالقدس رايحين.. شهداء بالملايين".
وتابع الفرا، "رجل ثابت قوي، متأكد من أنه سينتصر، وما أدهشني أكثر أنه كيف لهذا القائد في هذه الظروف التي تخلى عنه زعماء وقادة العالم، ومن جهة أخرى، جيش الدفاع الإسرائيلي يحاصره في مقره بالمقاطعة"، مشيرا إلى أن "هذا ما خلق ميزة لأبو عمار كيف يتصرف في خضم أزماته والمخاطر الكبيرة التي يمر بها، فكل هذه الصفات ليست إلا لقائد وزعيم عظيم".
طاف العالم ثلاث مرات لدعم القضية
وأشار الفرا إلى أنه "نادرا ما كان يذهب أبو عمار أو يسافر على أي دولة دون أن يعرج على مصر أو السعودية، ويتحاور مع أشقاءه، الرئيس المصري والملك السعودي، وكذلك استطاع أبو عمار مع كل الدول العربية أن يثبت الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية، وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، تشعر أن أبو عمار طاف العالم كله، وذهب إلى كل دولة ومدينة وحي، من أجل دعم وإسناد القضية الفلسطينية، فلم يكن تربطه علاقات مع رؤساء وقادة الدول فقط، بل كان له علاقات كثيرة مع السكان"، مؤكدا أن أبو عمار، طاف العالم كله بطائرته الخاصة ثلاث مرات، لدعم وإسناد القضية الفلسطينية.
يومًا بعد يومًا تتكشف حقائق جديدة وتظهر وثائق مكنونة في صدور وقلوب وذاكرة معاصري أبو عمار، تضيف رصيدًا جديدًا لهذا الخالد دومًا، فروحه السلام.