- شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزة
خاص: يصادف اليوم السابع من مارس/آذار، الذكرى الـ 33 لعملية ديمونا البطولية، والتي أسفرت عن مقتل 3 ضباط إسرائيليين، ومستوطنة. بعد تخطيط وإعداد من قبل قيادة الثورة الفلسطينية، صادق الشهيد القائد خليل الوزير على العملية، التي نفذها قائد العملية الشهيد عبد الله عبد المجيد كلاب، والشهيد محمد خليل صالح الحنفي، والشهيد محمد عبد القادر محمد.
أسطورة ديمونا
أنشئ مفاعل ديمونا في نهاية الخمسينات بمساعدة الخبرات الفرنسية، وأُنجز تمامًا في عام 1963، فبدأت المعلومات تتسرب بدءاً من عام 1966 عن نجاح الاحتلال في تصنيع قنبلة ذرية، وكان الهدف المعلن من إنشائه توفير الطاقة لمنشآت تعمل على استصلاح منطقة النقب، الجزء الصحراوي من فلسطين التاريخية.
أما مبنى المفاعل نفسه فمحصن بنائياً بالإسمنت المسلح المقاوم للقصف الجوي، وجميع أقسامه الفنية مقامة تحت الأرض بعمق 6 طوابق كاملة.
وسماء ديمونا محروسة بشبكة محكمة من الرادارات الحديثة والدفاعات الأرضية الصاروخية والمدفعية، ومنصات صواريخ هوك، ومدافع الطائرات 40 مللي المضادة، ومدافع 30 مللي، فضلاً عن أسراب الطائرات الاعتراضية الجاهزة للانطلاق دائماً خلال ثوان من مطار ديمونا العسكري المتاخم للمفاعل، إلى جانب الطائرات التي تنطلق من 3 مطارات أخرى حوله أنشأتها الولايات المتحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في صحراء النقب كنوع من التعويض أو الترضية لها بعد انسحابها من سيناء.
ولا تخلو سماء ديمونا من طائرات الإنذار المبكر بعيدة المدى التي تحلّق في السماء مدة 4 ساعات كاملة، ويصل مدى كشف رادارها إلى حوالي 360 كيلومتراً في مختلف الاتجاهات والارتفاعات.
أما، على الأرض فيتوافر نظام آخر من شبكات الحواجز المعقدة، التي تضم منظومة من الرادارات تكشف حركة الأفراد والآليات، موزعة على نقاط ثابتة وأخرى متحركة لتغلق الدوائر المحيطة بديمونا كافة، وتكشف حركة الأفراد أو الآليات المهاجمة.
كذلك تتوافر أجهزة "الجيوفون" التي تلتقط الذبذبات الأرضية الناشئة عن سير الأفراد والآليات، إضافة إلى أجهزة "الشم" التي تسحب كميات من الهواء الجوي المحيط بالمفاعل، وتحللها كيميائياً بصورة مستمرة بهدف الكشف عن روائح جسم الإنسان وإفرازاته.
عملية بطولية
استطاع الأبطال الثلاثة، تنفيذ أكبر عملية بطولية لم تجرؤ على التفكير بها كبرى دول العالم ، وذلك للإجراءات الأمنية المعقدة التي تحيط بالمفاعل النووي، من حواجز عسكرية ثابتة ومتحركة، وكلما اقتربت من حدود المفاعل ازدادت التعقيدات الأمنية لتصل إلى حد أجهزة الاستشعار الحسي التي تحسب كمية النفس لدى الإنسان، إضافة إلى الحماية الجوية التي يمكن أن تتدخل بسرعة لحسم أي معركة انطلاقاً من أي المطارات الـ 3 الأحدث التي بنتها الولايات المتحدة لدولة الاحتلال الإسرائيل، في صحراء النقب تعويضاً لها عن الانسحاب من سيناء، وإخلاء المستوطنات منها.
تفاصيل العملية
كانت الساعة تمام السادسة والدقيقة الخامسة والأربعين من صباح يوم الإثنين الموافق 7 مارس/آذار عام 1988، حين تمكنت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين من الوصول للطريق المؤدى إلى ديمونا بعد رحلة شقاء قاسية بداخل الصحراء، طبقًا لخطة محكمة وضعها أبو جهاد لاقتحام مفاعل ديمونا، عن طريق الاستيلاء على أتوبيس نقل العاملين به، وأخذ من فيه رهائن.
وكان الفدائي عبد الله جالسًا خلف مقود السيارة العسكرية من ماركة رينو، وإلى يمينه زميله محمد عبد القادر، وفي المقعد الخلفي جلس ثالثهم محمد الحنفي، وكان على المجموعة أن تسرع قدر استطاعتها لتصل إلى مفترق الطرق عند مثلث عرعر – ديمونا، في الوقت المحدد.
آخر حاجز لشرطة الاحتلال كان موجوداً عند هذا المثلث المعلومات كافة كانت تؤكد أن الباص ينقل الخبراء والفنيين العاملين في مفاعل ديمونا النووي، ليتمهل قليلاً عند هذا الحاجز في تمام السابعة والنصف صباح كل يوم.
المهرة الزرقاء
دخل عبد الله ومجموعته الفدائية بسيارتهم الرينو العسكرية في سباق مع الزمن كي يصلوا إلى مثلث عرعر – ديمونا في الوقت المحدد، وعندما كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف لاحت عن بعد "المهرة الزرقاء" -الباص الأزرق الذي ينقل العاملين يومياً إلى المفاعل-، التي ستكون سبيلهم للوصول إلى المفاعل.
اقتحم الفدائيون حاجز عرعر وأطلقوا النار بغزارة على جنوده، ثم باغتوا الجميع بترجلهم من سيارتهم واندفاعهم إلى جانبي الطريق بانتظار اللحظة الحاسمة لمرور الأتوبيس الفولفو الأزرق، وفى لحظات تمكن الفدائيون من ركوب الأتوبيس والسيطرة عليه، وتحت تهديد السلاح شق الأتوبيس طريقه باتجاه مفاعل ديمونا.
أبلغ جنود الحاجز قياداتهم بما حدث، وعلى الفور دقت أجراس الإنذار في مكاتب ومنازل وسيارات كل القيادات العسكرية والأمنية والسياسية في حكومة الاحتلال، فلم تمض دقائق حتى تطورت الأمور، فامتلأت سماء المنطقة بالمروحيات التي أسقطت مئات من المظليين المدججين بالسلاح والمدربين جيدًا على التعامل مع مثل هذه المواقف، وعلى الأرض تلاحقت سيارات الجيش والشرطة وحرس الحدود، إلى جانب سيارات الإسعاف والإطفاء، وكل هذه الحشود كانت تلاحق الأتوبيس الأزرق الذي وصل إلى بعد 7 كيلومترات فقط من المفاعل النووي، وعند تلك النقطة كثف جنود الكوماندوز رصاص بنادقهم على إطارات الأتوبيس فتحول إلى جثة هامدة.
حسب الخطة التي وضعها أبو جهاد، كان المفروض أن يتم تقسيم جميع ركاب الأتوبيس إلى 3 مجموعات وكل فرد من الفدائيين الثلاثة يسيطر على مجموعة، ويقودهم تحت تهديد السلاح كرهائن حتى يدخلوا إلى المفاعل.
لم ينقطع سيل التعزيزات العسكرية حول الأتوبيس، والطائرات المروحية يتزايد عددها وهي تحط على الأرض واحدة تلو الأخرى، والمئات من ضباط وجنود الكوماندوز يلتفون حول الأتوبيس في حالة استعداد قصوى.
بدء التفاوض
45 دقيقة من المفاوضات المتعثرة وضبط النفس، إلى أن وصل وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، ورئيس هيئة الأركان دان شمرون، وقائد المنطقة الجنوبية إسحاق موردخاي.
طلب قائد العملية عبد الله عبد المجيد من داخل الباص عبر مكبر صوت لقاء مندوب الصليب الأحمر، ليطالبه بالإفراج عن معتقلي الانتفاضة الأولى، وكان عددهم آنذاك 9 آلاف فلسطيني.
كرر الفدائي مطلبه بإحضار مندوب الصليب الأحمر في إحدى المروحيات، وإلا سيضطر إلى تصفية الركاب.
قبل أن تنتهي المهلة انهمر رصاص القناصة من خارج الباص من كل اتجاه، وانفجرت المعركة غير المتكافئة بين 3 أفراد وكتائب عدة من مختلف أسلحة الجيش الإسرائيلي، في هذه النقطة النائية المعزولة، على بعد 7 كيلومترات فقط من المفاعل الأسطورة.
تعتيم إعلامي
طلب قادة حكومة الاحتلال الإسرائيلي، من كل وسائل الإعلام العبرية التقيد بما يصدر فقط عن الناطق الرسمي للحكومة.
أعلنت المصادر الرسمية لحكومة الاحتلال، عن مقتل 3 من الفنيين العاملين في المفاعل، خلاف عدد من الجرحى.
في تاريخ الثورة الفلسطينية، من ولد بطلا لا يموت إلا بطلا ومن ولد جبانًا لن يموت إلا وهو جبان.